تحت طابع المجلس العلمي الأعلى.. من الكذب على الأموات إلى التدليس على الأحياء

17 مايو 2015 12:37
تحت طابع المجلس العلمي الأعلى.. من الكذب على الأموات إلى التدليس على الأحياء

تحت طابع المجلس العلمي الأعلى.. من الكذب على الأموات إلى التدليس على الأحياء

ذ. إدريس كرم*

هوية بريس – الأحد 17 ماي 2015

وأنا أتصفح جريدة الأحداث (ع:5587)، الصادرة بتاريخ:8/5/2015، لفت انتباهي عنوان: (موقظ الرابطة المحمدية من سباتها)، نقل الكاتب فيه عن الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى، أنه هو من كُلف بالبحث عن وجه مشرق في هذا البلد لإيقاظ رابطة علماء المغرب من سباتها، وليكون رمزا من الرموز الوازنة الشبيهة بأوائل من تسلم زمام الرابطة في بدايتها، فمرت صورة لحبابي أمام عيني فقلت في نفسي لعلي لا أكون مخطئا.

ويعلق كاتب المقال بقوله: «يقول يسف الذي كان له الدور البارز في ترشيح العلامة لحبابي لمنصب الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء سنة 2005، لم تمنعه سنواته التسعين من قبول المسؤولية، وقد كان المحيطون به ينوهون بنشاطه وتحركاته، توفي سنة 2006».

الكذب

جاء في المقال، وصف لحبابي بموقظ الرابطة، وهو لم يوقع إلا ورقتين، واحدة تتعلق بتحويل حساب الرابطة في الخزينة العامة إلى اسمه بدل نائب الأمين العام المنتخب دون احترام للقانون الذي يحدد ذلك في الاعتزال أو تقديم الاستقالة أو انتخاب مسؤول جديد، بأمر من نافذ كلامه؛ والثانية توقيفي عن العمل من أجل ترك الماء يجري كما قال لي.

كما جاء القول بأن الرجل كان نشيطا بشهادة المحيطين به، ولم يكن غيري ممن كان يأخذه من دار بنته لمقر الرابطة الجديد صباحا، ويخرج به لمقهى بالمنزه في المساء ليرتاح من ضيق تنفسه ووطأة المرض عليه، ويكفي هذا.

التلبيس

المرة الأولى والأخيرة التي دخل فيها الراحل مقر الرابطة في شارع «فال ولد عمير» بعد تسميته كانت صحبة الأستاذ يسف وآخر، ثم اختفى عن الأنظار، وبعد شهور من محاولتي الاتصال به باسم المكتب والمجلس الأعلى للرابطة بواسطة أبنائه، قبِلَ اللقاء بي منفردا في الدار البيضاء بمقهى الفندق الذي كان يقيم به، فأخبرني بأنه ممنوع من مقابلتنا، وأنه يفكر في تقديم استعفاء له بعد هذا الإهمال، الذي اعتبَر أن سببه قد يكون راجعا إلى طلبه ممن رشحه للمهمة أن يكون معه الدكتور عباس الجيراري، وهو ما أغضب مخاطبه منه وأشعره بأن أمله فيه قد خاب، وأن عليه ملازمة الصمت لحين أن تأتيه الأوامر بالتحرك في الوجهة المرادة، وزاد غيظه لما لم يتوصل بما كان يعتقد أنها ستكون مكافأة له على المنصب، وأنه لا يوجد سكن مهني ولا خدمات إضافية يلقاها في الرباط تغنيه عن شقة بنته، فعاد لمنزله بفاس وهو يفكر في الاستعفاء.

ولما حملتُ له ظهير تعيينه بعدما استخرجته من الأمانة العامة للحكومة، تساءل بمرارة: وماذا يعني هذا إذا كان كل شيء بيد الوزير وأعوانه؟

وبعدما طال عليه الأمد، وتقدم مرضه فكر في إطلاق نداء لاجتماع أعضاء رابطة علماء المغرب من أجل إنقاذ الرابطة من يد «البودتشيشيين والمريكان» على حد قوله، والدفاع عن الثوابت الإسلامية والوطنية، وقد انتهت به المشاورات بالعدول عن ذلك إلى رفع رسالة للملك بتاريخ 29 ماي 2006 يطلب فيها الإذن بتنصيب أجهزة الرابطة، فجاءته مفاجأة الوزير بتعيين أعضاء للرابطة من خارجها، وتخصيصهم بمرتب دون أن يلتفت لتعيين مخصصات مالية له، ففهم كما قال: إنه جيء به ليدفن رابطة علماء المغرب، بعدما تم تكفينها بصفة السبات.

والخلاصة       

إن إلصاق السبات بالرابطة من قبل الأستاذ يسف، والتنويه بابن شقرون لا يستقيم، إلا لمن جهل أن بين وفاة هذا الأخير وذلك الوصف لا يزيد عن سنة، وأن الواصف كان عضوا برابطة علماء المغرب، وترأس في مؤتمرها الأخير بالعيون 1998 لجنة بيانها العام.

لقد كان حريا بيسف أن يطلق وصف السبات على «جمعية العلماء خريجي دار الحديث الحسنية» التي كان يرأسها ويجاهد من أجل عدم تجديد مكتبها للحيلولة دون سقوطها في يد أعضاء منتمين إلى العدالة والتنمية، مما جعله يحول دون عقد المؤتمر بعد أن تم الاتفاق على ذلك، وفشل التوافق مع الأستاذ بوركبة على عدم الاحتكام إلى صندوق الاقتراع لاختيار الأجهزة سنة 1999.

وهكذا تم التوجه نحو تأميم كل الجمعيات تحت مفهوم تدبير الشأن الديني منطلقا من ضربة لازب، أصابت رابطة علماء المغرب بصفة السبات ليتم الاستيلاء عليها وتقديمها هدية للطرقيين ضد إرادة أعضائها، الذين يرون اليوم انسفالها وخروجها عن الطريق السوي، مصطفة بجانب دعاة الحريات الفردية وما شاكلها من ظواهر اجتماعية وافدة كانت للرابطة منها مواقف مشرفة، فصارت اليوم لا تفرق بين ما يعارض صريح الدين، وما يدخل في دعوى التسامح والتقريب، شعارها: «ترك الخلق للخالق»، تطبيقا لنظرية الإدماج والاندماج المنبنية على وجوب تساوق الديني مع السياسي التي جاء بها وزير الأوقاف وأطاح بها دستور 2011، وبذلك صارت لا تدافع عن دين ولا وطن ولا ملك ولا علماء.

فأين هو العالم الذي يعمل بعلمه في خشية لله عز وجل كما عرفه الأستاذ يسف؟

وأين هو الإيقاظ الذي جاء في المقال؟

وهل يعقل أن يتم الإيقاظ في مدة لا تتعدى بضعة أشهر؟

أم أن ذلك مجرد تصفيف للكلمات واختيار للعناوين كذبا على الأموات وتلبيسا على الأحياء؟

ولله في خلقه شؤون.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* المسؤول عن الثقافة والإعلام برابطة علماء المغرب.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M