مـــاذا جنينا من الانتخابات؟
محسن اعريوة
هوية بريس – الخميس 10 شتنبر 2015
إنَّ المقصد الأساس من الأحزاب السيّاسية هو تنظيم وتأطير المواطنين وتدبير الشأن العام وكذا تكوينهم السياسي تكوينًا يمكّنهم من الانخراط في الحياة السياسية والمساهمة في دفع سفينة التنمية والرّقي حتى تصل بالمجتمع إلى برّ الأمان وهذه هيَ وظيفة الأحزاب “وظيفة الإعلام ووظيفة التكوين” وهو كذلك ما نصّ عليه الفصل السابع من الدستور المغربي لفاتح يوليو…
ولا يتأتّى هذا إلا كما قلنا آنفاً بتوعية وتحسيس وتكوين المواطن الذي يعتبر اللبنة الأساس في البناء السياسي، هذا البناء الذي تكفّلت الأحزاب بالذّودِ عن حُرُماته وتشكيله وهيكلته، إذ أنَّ هذه الأحزاب في الأصل هيَ مؤسسة سياسية وأداة تنظيمية وُضعتْ للتّعبير عن اتجاهات الرأي العام بمختلف مكوناته واتّجاهاته ومشاربه…
لكن عندما نجدُ تباينا بينَ ما هو مكتوب وما هو ملحوظ -لأنَّ العبرةَ بالحقائقِ والمعاني وليست بمجرّد الألفاظ والمباني- هنا حُقَّ لنا أن ندليَ بدلونا لسبرِ أغوار هذه الثّغرة التي أوْدَتْ بهذا المجتمع إلى التقهقر والاضمحلال وإلى ما نحنُ فيه من جهلٍ وضلال…، رغم نظام الديمقراطية الذي يدّعيه البعض والحكامة الجيّدة وصوت الشعب والسياسة الناضجة وهلمَّ شرّا من النّظم والألفاظ المستوردة والشائعة.
حقًّا، المغربُ مضى قُدُمًا وحققَّ قفزةً نوعيّةً لا بالنسبة للمجال الاقتصادي التنموي ولا في المجال السياسي وغيره مقارنةً مع أقرانه، لكن الحقيقة التي لا مفرَّ منها وليس لنا عليها بدّ، هيَ أنَّ الشعب لازال لم يبلغ درجةَ الوعي المطلوبة، وخير دليل وأفضلُ شاهد، الأحداث التي خلّفتها الانتخابات، والتي جعلتْ منها مرتعاً للتّعاير بين القبائل والدّواوير والعائلات… وأشعلتْ جذوةَ الحقدِ بين جوانحهم، لأنّهم لم يعرفوا المقصد من الانتخابات، والأحزاب السياسية ساهمتْ في تضليلهم ولم تقم بدورها المأمول منها والإعلام كذلك، إنَّ الكراسي والمناصب التي تكالب عليها المترشحون أعمتْ أعينهم، والأغلبية التي أرادتْ الأحزاب أن تظفر بها هيَ كذلكَ أعمتْ أعينهم، والناخبُ وظيفتهُ فقط تبدأ بالتضليل من طرف جميع “السياسويين” وتنتهي أمام صندوق الاقتراع، وهنا انتهى دورهُ وجزاهُ المترشّحُ “جزاءَ سنمَّـار” و”على أهلها جَنَتْ براقِشُ”.
ــــــــــــــــــــــــــــ
* طالب بكلية الشريعة والقانون جامعة القرويين-فاس.