إلى المساواة يا عباد الله

18 نوفمبر 2015 22:37
الليبرالية إحياء للجاهلية وإيغال في الرجعية

ذ. أحمد اللويزة

هوية بريس – الأربعاء 18 نونبر 2015

ضجيج وصراخ وعويل وجلبة، ذلك الذي يحدثه بين الفينة والأخرى بنو علمان وهم يتحدثون عن المساواة بين الرجل والمرأة. فيظهرون استماتة وعنادا وغرورا وهم يدعون أنهم يناضلون من أجل المرأة التي تعاني القهر والظلم من لدن الرجل، وبسبب أحكام الإسلام التي لم تنصف المرأة.

إنه ليس العيب في قضية المساواة في حد ذاتها، فالناس سواسية في أرض الله وعند الله وهذا أمر محسوم في شرع الله، وهو آخر ما عهد به النبي صلى الله عليه وسلم لأمته في خطبة حجة الوداع حين قال عليه الصلاة والسلام: (يا أيها الناس: إن ربكم واحد، و إن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا عجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى، «إن أكرمكم عند الله أتقاكم»، ألا هل بلغت؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: فيبلغ الشاهد الغائب). (رواه أحمد (38/474)، وصححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»:2700).

وقال الخالق عز وجل في ملكه: «مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَر أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ».

فالمفاضلة في الإسلام بين الناس جميعا بالتقوى والعمل الصالح وليس لأي اعتبار آخر، ورب امرأة كانت أفضل من آلاف الرجال والعكس؛ «إن أكرمكم عند الله أتقاكم».

فالمشكلة إذن مرتبطة أساسا بالمنطلق العلماني الحداثي في المناداة بالمساواة، والذي تؤطره مرجعية كونية وتحكمية تناقض الدين بشكل كلي بدافع العداء والكراهية المغروزة في نفوس من وضع تلك المواثيق في بدايتها، والتي جيش لها كتائب من بني جلدتنا ومن يتكلمون بألسنتنا، ألسنتهم معنا وقلوبهم علينا، من هنا تأتي المطالب بالمساواة وحقوق الإنسان كما هو متعارف عليها دوليا.

لنعد إلى المساواة وحقيقتها المطلوبة في خطاب هذه العصابة التي تتاجر بمقدسات الأمة، سنجد أن المساواة المطلوبة هي كل ما له تعلق بأحكام الإسلام التي ميز فيها بين الرجل والمرأة ليتأكد أن الأمر لا يعدوا أن يكون تصفية حسابات مع الإسلام تحت دعاوى مضللة.

إذ المساواة اللامشروطة والتي يعبرون عنها بـ«كل أشكال التمييز بين الرجل والمرأة» تغيب وتندحر في مجالات يستحيل أن تقع فيها المساواة ولن ينادي بها أحد رغم أنها داخلة في نطاق التمييز بين الذكر والأنثى.

إن منطلق المساواة في الفكر العلماني الغربي والعربي المستلب، هو ضد الطبيعة والفطرة والعقل والشرع والأعراف والتقاليد، مما يؤكد حتمية الرغبة في نشر الفوضى في العالم من لدن عصابة التحكم، أو حكومة العالم الخفية، والتي تلعب فيها الصهيونية الدور الأساس في التفكير والتدبير والقرار -وتلك حكاية أخرى-، لذا ومنذ ظهور المواثيق الدولية ومقررات مجلس حقوق الإنسان والبشرية في تدهور أخلاقي وأمني وفكري… وهذا الإصرار العجيب ببلاد المسلمين على الدعوة إلى نبذ كل أشكال التمييز بين الذكر والأنثى من طرف عصابة بني علمان المستبدة والمتسلطة والمدعومة بقوة العالم الإمبريالي الغاصب لا يدل إلا على الحرص على قطع الصلة بين المسلمين وبين الجذور، وبث الفوضى ونشر الخراب حتى لا تقوم للمسلمين قائمة.

فهل تقتضي المساواة ونبذ التمييز إلى جعل الحمل والولادة والرضاع والرعاية والحضانة مناصفة بين الذكر والأنثى، وللتنبيه فقد تمت التجربة في جو من العبث والاستهتار بقانون الله في البشر وانتهى الأمر إلى التعتيم.

 هل سيصبح بمقتضى المساواة أن تخطب المرأة الرجل تعطيه الصداق وتجهز بيت الزوجية وإذا طلقته أعطته المتعة والنفقة، ولا يبقى ذلك حكرا على الرجل.

ألا يقتضي هذا المطلب نبذ التمييز بين الذكر والأنثى في المباريات الرياضية، ولا سيما ما كان منها ضمن فنون الحرب والدفاع عن النفس، أم أن الأمر فيه الذكور ذكور، والاناث إناث. وإنه لا يمكن…

ألا تقتضي المساواة في مذهبكم أن تكون بين جميع البشر في الحقوق والواجبات، أمام القضاء، وفي العمل، والدراسة، والتطبيب…، لم هذا التمييز؛! هذه مدارس خصوصية وتلك مستشفيات خاصة وأولئك علية قوم، وتلك مقاعد محجوزة وذلك ممر خاصة وتلك غرفة لكبار الزوار.

أليس في المساواة أن تهتموا وبنفس الاهتمام بل أشد بحق المواطنين في خدمات إدارية لا تفرق بينهم وتقضى مصالحهم دون الحاجة إلى تماطل وابتزاز ودون اعتبار لمكانة كل مواطن فهم سواء في الإنسانية؟!

أليس من المساواة أن يكون لأهل الاستقامة على شرع الله فضاءات تناسب تواجهاتهم؛ وأن يعيشوا الحرمان والمعاناة في وطن يتسع للجميع إلا هم؟!

ألا تقتضي المساواة عندكم أن يكون مثلكم عموم الشعب الذي يعيش معاناة الفقر وضيق العيش وأنتم في بروجكم العاجية تتقلبون في أنواع من النعيم. وأن يتقاسم معكم الثروات التي استوليتم عليها بأساليبكم الماكرة بالعدل والمساواة؟!

ألا يقتضي عدم التمييز عندكم أن نكون جميعا سواسية في الراتب الشهري في جميع القطاعات والمهن والمال، بغض النظر عن الجنس أو اللون أو العمل. وما أجمل هذه؟!

سيقولون أن خصوصيات العمل والمؤهلات تقتضي التمييز، أفلا تقتضي خصوصيات كل جنس ومؤهلاته الجسمانية والنفسية و(البيولوجية) أن يكون هناك تمييز في الحقوق الواجبات، كيف لا تقبلون التمييز في شرع الله الخالق، وهو أعلم بما خلق، وبخصوصيات كل مخلوق منكم، ثم تقبلون التمييز في شريعتكم وقد تسمونه «التمييز الايجابي»  لتغطوا على تناقضكم وفضيحتكم.

كل معارككم ضد شرع الله..؟ يا لفضيحتكم…!

إن معركة المساواة ونبذ التمييز بين الذكر والأنثى ليست المعركة الأخيرة في دفتر تحملات بني علمان، بل إنها معركة طويلة لا تنتهي ولن يهدأ لهم بال إلا وهم يشربون الأنخاب احتفالا بالقضاء على كل مظاهر الارتباط بالإسلام في بلاد المسلمين، لكن أقول إنكم وإن حققتم انتصارات متوالية في معركة القيم والهوية، فإن بينكم وبين المنتهى في غايتكم سدا منيعا من زُبَر الحديد والقِطْر.

والعاقبة للمتقين.

آخر اﻷخبار
1 comments

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M