مونديال 2026 نموذجا للرأسمالية الكروية

13 يونيو 2018 15:21
رئيسة كرواتيا وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"

هوية بريس – يوسف الوهابي العلمي

اليوم شهدنا صورة من صور التحكم المالي والهيمنة السياسية على المجال الرياضي، وما تفوق الملف الأمريكي لاستضافة كأس العالم 2026 أمام الملف المغربي إلا جولة من جولات التحكم الرياضي التي تتعدد صورها في عالم رأس المال الرياضي، حيث تفوقت لغة المال والهيمنة السياسية على الطموح الرياضي. الأمر الذي ظهر جليا لكل المتابعين المغاربة.
فرأينا كيف انحازت جل دول العالم إلى الصف الأمريكي وهذا يكرس هيمنة أصحاب المال على كل جوانب الحياة حتى الرياضة، رغم أن الرياضة تعتمد على الموهبة والمجهودات البدنية والمؤهلات التقنية إلا أن المال يستحود على كل شيء.
ولو انتقلنا إلى صورة أخرى من التحكم الرأسمالي في الرياضة حتى تتضح عندنا الصورة ففرق كرة القدم الشهيرة التي تصنع نجوميتها وتستمر ألقابها في الساحة الكروية العالمية سنجد أن كل ذلك بصناعة مالية محضة فرغم أن الرياضة منافسة بدنية وتقنية على أرض الميدان، إلا أن التسويق والدعاية وصناعة النجومية واستقطاب اللاعبين من كل أنحاء العالم جعل المنافسة تنحصر بين أصحاب رأس المال وصناعة أسطورية لفرق معينة وتحقيق مبيعات في القمصان والتذاكر وكذلك شراء حقوق البث التلفزي بأرقام خيالية، كل هذا حول اللعبة إلى سوق تجاري فإذا تحدثنا عن الفريقين الأكثر تتويجا عالميا في العقود الأخيرة والأكثر شهرة في العالم، ريال مدريد وبرشلونة سنلحظ أنهما في الأصل مدينتان اسبانيتان ورغم ذلك مشجعوهم قد يفضلونهم على مستوى مدنهم الأصلية في أكبر عملية خداع للعقول البشرية التي حولت الطبيعة البشرية والفطرة الإنسان التي تجعله يحب موطنه وينتصر له بفعل الفطرة وهذه من القواعد المقررة في علم الاجتماع، إلا أننا اليوم نلاحظ كيف تتغير الطبيعة البشرية بفعل تأثير الإعلام والصناعة المالية بجلب المواهب الرياضية المحبوبة وصناعة النجومية الأسطورية حتى تجعل الانسان يحب فريقا لا ينتمي إليه جغرافيا ولا ثقافيا ويتعصب له تعصبا غير مفهوم، وهذا ما جعل هذه الفرق دائمة التواجد في القمة سواء على المستوى الرياضي لأنها تمتلك القدرة على جلب أي موهبة رياضية وأيضا بفعل القدرة على كسب المزيد من الأموال.
وفي الحقيقة إن هذه المنظومة الرياضية الرأسمالية المتحكمة أفقدت قيمة التنافس للانسان الواعي، فعلى سبيل المثال أنا ابن مدينة طنجة أليس من حقي أن تكون مدينتي منافسة لبرشلونة وريال مدريد في الساحة الكروية العالمية؟ لكن هذا غير ممكن لأن فريق مدينتي وإن استطاع أن ينتج مواهب رياضية أو مدربا من الحجم الكبير فسيكون مصيرها الذهاب لفرق أكبر لأننا لا نملك المال والشهرة وبالتالي فإن اللاعب سيصبح أكبر من المدينة والفريق، وهكذا فإن تسويق مدينتي في الساحة الكروية العالمية سيظل غائبا في المقابل ستظل برشلونة وريال مدريد في القمة لأنهما يمتلكان كل المقومات لذلك ونحن مخول لنا فقط المشاهدة. ومجرد التفكير في مثل هكذا أشياء قد يجعلك عرضة للاستهزاء من البعض لأن فعل تأثير المنظومة غير العادلة يجعلك مستسلما لكل جوانبها.
الأمر نفسه حدث للملف المغربي الطموح الذي اصطدم بالغول الرأسمالي المتوحش، أمريكا التي فازت باستضافة مونديال 2026 وكلنا يتذكر عندما انهزم الملف الأمريكي ضد قطر 2022 حيث تحركت أمريكا يومها لإسقاط عدد كبير من أعضاء لجنة الفيفا منها رئيس الاتحاد الدولي جوزيف بلاتير وفتحت ملفات الفساد والارشاء وفضائح متعددة.. فكان متوقعا سقوط الملف المغربي ببساطة لأن الدول الضعيفة ليس لها الحق في الوقوف ضد الدول الرأسمالية المتحكمة.
ما نحتاجه اليوم كشعوب هو الوعي اللازم من أجل معرفة أن اختياراتنا بفعل قناعتنا المعقولة وليس بفعل تأثير الإعلام وصناع المال، ولا يجب أن نكون إمعة ننخدع بأي أضحوكة وهذا سيضعف جزئيا هذا التحكم.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M