هذا “غَرْز” الفايد.. وعليه أن يعود إليه ويلزمه!

25 فبراير 2023 12:12

هوية بريس- محمد زاوي

كان الفايد من الواقفين على “غَرْز” عظيم، بل كان أبرزهم وأشهرهم في الناس؛ ذلك هو “غرز” الفطرة ومواجهة الاغتراب عنها وعن طبيعة الإنسان. كان أقرب إلى فرض رقابة معنوية على “ما يدخل أفواهنا” من أطعمة وأشربة، كما كان “يعيد إنتاج” ضمير الإنسانية بعدما طمسه الاستهلاك الفاحش، كان يوقظه من جديد على وقع “علم التغذية” ونتائجه المتجددة.

عَلم الفايد ذلك أم جهله، إلا أنه كان شجاعا ورجلا محترَما في مواجهة:

– النموذج الرأسمالي في الاستهلاك؛ الاستهلاك الفاحش، وما يستلزمه من نمط فاسد في الإنتاج، ليس غرضه تلبية ضروريات الناس وحاجياتهم، بل استهدافها والإخلال بها، من أجل الربح ومضاعفة فائض القيمة على حساب آلام الناس وأمراضهم وضياع أخلاقهم وفِطَرهم.

– اقتصاد “تقليل الأفواه”؛ وهو اقتصاد عالمي يشكل خطرا على صحة الناس وحياتهم الجسمية، والروحية بالتبع. يستثمر هذا الاقتصاد في المرض، فيحقق الأرباح على ثلاثة مستويات: 1-الربح من صناعة المعلبات والتصبير والأكلات السريعة والحلويات إلخ (وفيها إما مواد مسرطنة، أو مؤدية إلى السرطانات والأمراض على المدى المتوسط أو البعبد)؛ 2-الربح من المرض عن طريق الاستثمار في المصحات والمستشفيات الخاصة (الرأسمال الطبي)؛ 3-“تقليل الأفواه” إذ أن كثرة الأمراض وتطور درجة فتكها يؤدي إلى ارتفاع الوفيات، وهذا في مصلحة الرأسمال، فتزايد النمو الديمغرافي يهدد “علاقات إنتاجه” والسقف الذي تحدده هذه العلاقات ل”قوى الإنتاج”.

– فكر “العلمنة الشاملة” (بتعبير عبد الوهاب المسيري)؛ وما يعنيه هذا الفكر من فصل للدين عن الحياة. في حين أن الوصايا الدينية بخصوص نمط التغذية المطلوب، وإدماج هذا النمط في المنظومة التشريعية والشعائرية والأخلاقية للدين؛ يعطي للعلاقة بين الدين والحياة معنى جديدا في زمن “الاستهلاك الفاحش”.

– “الجامعة المسقيلة”؛ وهي مستقيلة ليس بمعنى عدم تفاعلها مع واقعها، وإنما بالكيفية التي يتم بها هذا التفاعل. تبحث في مواضيع دون أخرى، وتركز على قضايا دون أخرى. في حين أن النقاش سياسي اقتصادي على المستوى الدولي. وبذلك فالقول في التغذية، أو في غيرها من العلوم، قول في الاقتصاد والسياسي. والمطلوب من المختبرات أن تضع صوب عينيها ثلاث قضايا: منطق الدولة، تقدم الدولة، مصلحة المجتمع والإنسان عامة.

– نفس الإنسان “الأمارة بالسوء”؛ وهذه معركة أخلاقية كبيرة، لمواجهة القيم والأخلاق الغابوية والتهتكية التي أنتجها العصر. وهذه من تلك، فالزنا من البطن، والشذوذ من التوسع في ملذات الأنفس، والمخدرات من انحراف منطق الاستهلاك؛ وكلها أخلاق وآفات رأسمالية، أفرزها هذا العصر، ليتحقق الربح بطريقة أخرى، عن طريق دور الدعارة والكاباريهات وكازينوهات القمار وتجارة المخدرات إلخ.

… إلخ.

هذا “غرز” الفايد، وما زال عليه؛ وكل ما عليه أن يركز اهتمامه على لزوم هذا “الغرز”، فهو عظيم، وليس من العقل السديد ولا الحكمة التشويش الذاتي عليه بنقاشات مسبوقة لا تزيد أصحابها إلى “رهقا” و”انحسارا في الناس” و”إضعافا في معركة أكبر”.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M