يتيم: مع كورونا يتعمق الشعور الديني عند الغافلين والمنكرين وحتى المستهترين

30 مارس 2020 16:19
يتيم: الوزارة تكليف قبل أن تكون تشريف، والوزارة زائلة أما المواطنة فهوية دائمة

عابد عبد المنعم – هوية بريس

قال محمد يتيم بأن جائحة كورونا سواء كانت نتيجة تطور طبيعي للفيروس أو أمرا مبيتا، كما تقول بعض التفسيرات بغرض الربح المالي من خلال تسويق لقاحاته، تبقى لها خصوصيتها بسبب أن العدو هذه المرة عدو غير مرئي، حيث لا يمكن لأحد أن يتوقع أين سيضرب ومتى سيضرب ومن سيضرب، حتى إن رؤساء دول وحكومات ووزراء وشخصيات عامة ورياضيين كبار ودول متقدمة من حيث منظومتها الصحية لم يسلموا من بطشه شأنهم في ذلك شأن عموم البسطاء من المواطنين، مما ينطبق عليه قول الشاعر العربي زهير بن أبي سلمي : رأيت المنايا خبط عشواء من تصب/تُمته ومن تخطئ يعمّر ويهرَم.

وكتب الوزير السابق والقيادي بحزب العدالة والتنمية مقالا بعنوان “أزمة كورونا.. وانعكاساتها على منظومة القيم” أشار فيه إلى بعض التحولات الطارئة أو المحتملة لهذه الأزمة على مستوى منظومة القيم بأبعادها المختلفة.

وتحت عنوان “العودة القوية للمعتقد الديني” قال يتيم “من الطبيعي أن يتعمق الشعور الديني باعتباره شعورا يقوم على الإيمان بوجود قوة إلهية خارقة يلجأ إليها الإنسان حين يرجع إلى حقيقته ككائن ضعيف مهما أحس بالتميز والمركزية في الكون .

مع كورونا ينبعث هذا الشعور حتى عند الغافلين أو المنكرين أو المستهترين بالدين، ويتجدد عند المتدينين. ففي الأزمات التي تتجاوز قدرة الإنسان وتتحداه يحس الإنسان بالحاجة إلى القوة الإلهية المحيطة بكل شيء، ولا يزيد التقدم العلمي الإنساني هذه الحقيقة إلا تأكيدا.

ذلك أن طريقة انتشار كورونا واستخدامه للإنسان، والانتقال عبره واتخاذه لجسم الإنسان حاضنا وناقلا يجعل منه أشد على شعور البشر من الكوارث الطبيعية، الأمر مرتبط بعدو مستتر أشد فتكا في هذه الحالة من الكوارث الطبيعية التي طور العلم وسائل تقنية لرصدها وتوقعها، في حين ما زال العلماء والمختبرات العلمية تبحث عن أدوية ولقاحات مضادة للفيروس القاتل كوفيد 19 غير أن هذه العودة تحمل في طياتها بعض الانزلاقات والمخاطر في غياب وعي ديني مستنير بحقيقة الدين والعلم في نفس الوقت، فالشعور الديني غير المؤطر بفهم روح الدين ومقاصده قد يكون كارثة، وهو ما يفسر حالات جماعية من الوجد “الديني” الجماعي التي تتنافى مع أحكام الدين نفسه، ليس فقط فيما يتعلق بكل ما له صلة بحفظ النفس ولكن في الأحكام الناظمة لشعائره التعبدية من قبيل الدعاء الذي من سننه التضرع خيفة ودون الجهر من القول ومناجاة الله وعدم مناداته بصوت مرتفع لأننا كما ورد في الحديث لا ننادي أصما ولا أبكما وإنما ندعو من هو أقرب إلينا من حبل الوريد.

ومن قبيل إصرار بعض المسلمين على عدم ترك صلاة الجماعة والجمعة وهو أمر من جوهر الدين، إذا خيف على النفس حيث إن حفظ النفس مقدم على حفظ الدين، فمن حفظ الدين حفظ النفس وعدم تعريضها للمهالك ولو كانت محتملة، على عكس ما شاهدناه في بعض الأشرطة المنشورة في وسائط التواصل الاجتماعي من إصرار بعض المسلمين على الصلوات الجماعية في تحد لإجراءات الحجة الصحي، وانتشار بعض الجهالات في وسائط التواصل الاجتماعي التي تدعي أن الفيروس التاجي مذكور في القرآن الكريم ومذكور سبب ومكان وزمان ظهوره، ناهيك عما يروجه بعض الجهال من وصفات يدعون أنها مانعة للإصابة بعدوى الفيروس القاتل، وادعاء البعض أنه بسبب المعاصي، والواقع أن الجيل الأول من المسلمين ممن كانوا على عهد قريب بالنبوة ماتوا بسبب الطاعون، وأن الهدي النبوي كان سباقا لإقرار قواعد الحجر الصحي ونفذه عمر بن الخطاب حين ابتلي المسلمون بطاعون عاموس .

فقد روى البخاري في صحيحه قصة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-حين خرج إلى الشام، فلما وصل إلى منطقة قريبة منها يقال لها “سرغ”، بالقرب من اليرموك، لقيه أمراء الأجناد أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه، فأخبروه أن الوباء قد وقع بأرض الشام، فقال عمر ادع لي المهاجرين الأولين، فدعاهم فاستشارهم، وأخبرهم أن الوباء قد وقع بالشام، فاختلفوا، فقال بعضهم: قد خرجتَ لأمر ولا نرى أن ترجع عنه، وقال بعضهم: معك بقية الناس وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نرى أن تُقْدِمَهم على هذا الوباء، فقال: ارتفعوا عني، ثم قال: ادعوا لي الأنصار، فدعاهم فاستشارهم، فسلكوا سبيل المهاجرين، واختلفوا كاختلافهم، فقال: ارتفعوا عني، ثم قال: ادع لي من كان ها هنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح، فدعاهم فلم يختلف منهم عليه رجلان، فقالوا: نرى أن ترجع بالناس ولا تُقْدِمَهم على هذا الوباء.

فنادى عمر في الناس إني مُصَبِّح على ظَهْرٍ فأَصْبِحوا عليه، فقال أبو عبيدة بن الجراح: أفرارا من قدر الله؟ فقال عمر لو غيرُك قالها يا أبا عبيدة نعم، نفرُّ من قدر الله إلى قدر الله، أرأيتَ لو كان لك إبل هبطت واديا له عدوتان إحداهما خصبة والأخرى جدبة، أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله؟ قال: فجاء عبد الرحمن بن عوف وكان متغيبا في بعض حاجته، فقال: إن عندي في هذا علما، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه) قال: فحمد اللهَ عمرُ ثم انصرف.

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الفارّ من الطاعون كالفار من الزحف، والصابر فيه كالصابر في الزحف) رواه أحمد”.

وأضاف عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية “جائحة كورونا هي فرصة للمراجعة الذاتية بالنسبة للمؤمنين وهي ضرورة دينية متواصلة وينبغي أن نبحث من هذه الزاوية عن المنحة في ثنايا المحنة، هي فرصة للتوبة والرجوع إلى الله كما أنها فرصة لتصحيح التنوير الديني وتصحيح الفهم وتخليصه مما علق به من الشوائب وعلق به من التحريف”اهـ .

 

آخر اﻷخبار
3 تعليقات
  1. لقد قلت:(وأضاف عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية “جائحة كورونا هي فرصة للمراجعة الذاتية بالنسبة للمؤمنين وهي ضرورة دينية متواصلة) فهلا أتبعت القول العمل، وتبت عما أسأت به لغيرك، وللحركة الإسلامية التي أحسنت إليك وأسأت إليها

  2. يتيم الاخلاق يتحدث عن كورونا وانعكاساتها على منظومة القيم! كلام انطباعي لا يستند على أي دراسات، أوهام فارغة سئمنا من ترديدها على يد من ذاقوا حلاوة المال والسلطة! فلم يكونوا لا في مستوى القيم الدينية التي تبجحوا بها ولا في مستوى القيم العالمية الكونية!!!

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M