نوايا الوزارة في الترخيص بمتابعة الدراسة

12 أكتوبر 2013 13:52

ذ. أشرف سليم*

هوية بريس – السبت 12 أكتوبر 2013م

ما زال الترخيص بمتابعة الدراسة الجامعية لموظفي الدولة، خاصة موظفي التعليم، قابعا في ردهات الوزارة وأسوارها، ولم يبرح مكانه، وثمة تلكؤ بيّن في توقيع الطلبات من الوزير الذي أراد مخالفة العادة التي سرى عليها إخراج التراخيص منذ سنوات مضت، فقد كانت التراخيص تسلم من الأكاديميات الجهوية بعد توقيع مدير الأكاديمية عليها، مما كان يجعل أمرها سلسا، ويتسلمها طالبوها منذ خروج مذكرة الترخيص بمتابعة الدراسة، بعد مرورها من السلم الإداري، وإبداء الرؤساء المباشرين للموظف رأيهم حول مردوديته ومواظبته وفاعليته داخل القطاع الذي يشتغل فيه.

وغالبا ما كانت التراخيص إلى عهد قريب تمنح بسلاسة ودون تعقيد، شرط تسلم الترخيص ألا تعتبر التراخيص مسوغا للموظف بالتغيب دون مبرر لحضور الدروس الجامعية أو تكييف جداول عمل الموظف مع متطلبات دراسته الجامعية .

هذه الطريقة لتسلم الترخيص كانت تبنى على مراسلة الوزير السابق إدريس جطو التي كانت بتاريخ 13 رجب 1426 الموافق لـ19 غشت 2005م، وظلت هذه المراسلة الوزارية مُؤَجَرَأَةً إلا في هذه السنة التي أصيب فيها عدد من الموظفين بصدمة ورَجَّة نفسية جراء التعقيد الذي يشوب خروج التراخيص منذ دُلوف المراسلة الوزارية الجديدة إلى الوجود التي جعلت 30 يونيو آخر أجل لتسلم طلبات الترخيص، علما أن المدة التي فصلت بين صدور المذكرة واليوم الأخير لانتهاء مدتها كان ضيقا، ولم يستطع كم كبير من الموظفين تعبئةَ طلب الترخيص في الوقت المحدد .

هذا الحدث المؤسف الذي يرجع المغرب القهقرى في مجال البحث العلمي، ويعد تبخيسا بحق الباحثين وصفوة البلد، وإقباراً للمشاريع الفكرية والعلمية التي تراود أذهان الباحثين، فمعظمهم موظفون في القطاع العام، فهل بهذا التضييق تمنح لهم الظروف والأرضية المناسبة لطرح تصوراتهم ونظرياتهم في مدرجات الجامعات؟ رغم أن العلم لا تسيّجه جدران أو حيز مكاني محدد، لكن الكل أصبح ينادي الآن بالأكاديمية التي تأخذ مادتها وقيمتها من الجامعة كما هو معلوم عند أرباب البحث العلمي .

المتأمل في تعامل الوزارة مع ترخيص متابعة الدراسة يخرج بقناعة مؤداها: أن هناك سياسة تنوي نوايا مبيتة لإقصاء الموظفين من استكمال دراستهم، فإرسال المراسلة في حيز زمني ضيق ومباغت تزامن مع انشغال الأطر التعلمية بنتائج الحركة الانتقالية الوطنية وتعبئة المشاركة في الحركة الجهوية، بالإضافة إلى تصحيح امتحانات الباكلوريا، فيه إشارة قوية إلى عدم رغبة الوزارة في شحذ همم موظفيها لاستكمال دراستهم أو بمعنى آخر إجهازها المباشر والصريح على التكوين المستمر الذي جاء به مخططها الاستعجالي المُغيب، هذا العبث امتد إلى شروط الوزارة لقَبول الطلبات التي تشترط الرجوع إلى ملف الموظفين، ودراستها من لدن لجنة نيابية على صعيد كل جهة لتدارس هذه الطلبات، ونحن نعلم أن ملف أي موظف لا يخلو من حزازات تفرضها نضالات رجال التعليم ونسائه الرافضة للواقع التعليمي الحالي، بدون مداهنة أو مواربة، ثم هل فعلا أُحدثت لجان نيابية لتدارس هذه الملفات؟ فحتى الأكاديميات أصابها ارتباك لتنفيذ مضامين المراسلة الوزارية .

لحد الآن ما زال ثمة تلكؤ لتسليم الوزارة لهذه التراخيص، فنحن الآن في بداية شهر أكتوبر، أغلب الجامعات أنهت أزمنة التسجيل في سلك الإجازة، وتداولت ملفات الموظفين الراغبين في استكمال دراستهم، وحتى إن قبِلت بعضها فقد اشترطت على الموظفين إحضار الترخيص، أما مباريات الماستر فقد دلفت إلى مراحلها النهائية وتشترط هي الأخرى الترخيص للقبول النهائي .

إشكالية أخرى تطرح حول ماذا بعد الترخيص؟ فالمشاع أن التراخيص التي تطبخ في دهاليز الوزارة تضع شرطا تعجيزيا لاستكمال الدراسة، فإذا كان الترخيص في السابق لا يمنح صاحبه فرصة المطالبة ببعض الامتيازات كالتغيب التلقائي، أو تكييف جداول حصص الموظف مع دراسته الجامعية فإن الترخيص الجديد يمنح الموظف فرصة استكمال دراسته خارج أوقات العمل، علما أن إدارة الجامعات تفرض الحضور الإجباري للدروس، خاصة في الماستر، فكل تغيب يفوق ثلاثة أيام يكون مصير صاحبه الإقصاءَ، ولا ندري هل سيسمح الترخيص الحالي بحضور الموظفين للامتحانات الجامعية ما دام الترخيص يشترط استكمال الدراسة خارج أوقات العمل .

إذاً وبشكل عام هذا مِثْلَب من المثالب التي تنضاف إلى العهد الجديد لهذه الحكومة التي أبدت نواياها حيال دراسة الموظفين منذ خرجة وزير التعليم العالي في السنة الماضية الذي طالب الموظفين بشهادة التفرغ رغم تفنيده خبر حرمان الموظفين من الدراسة واعتبار الأمر أنه أخذ طابعا سياسيا لكن يثبت أن الإجراءات الحالية تزكي قول حرمان الموظفين من الدراسة وتعضده وتجليه.

ـــــــــــــــــــــــــــــ 

*باحث في اللسانيات

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M