إشكالية مصطلح (السلفية الجهادية)..

14 سبتمبر 2013 19:16

إشكالية مصطلح (السلفية الجهادية) في الكتابات الفكرية والاجتماعية المعاصرة ردا على المتخصصين في شأن الجماعات الإسلامية !!!

ذ. طارق الحمودي

هوية بريس – السبت 14 شتنبر 2013م

كثيرا ما أحاول قراءة بعض الكتب الفكرية لبعض الكتاب الشباب المغاربة المتدكترين..!

فأحس بضيق في تنفسي وانقباض في قلبي.. لنوعية المصلحات التي يستعملونها.. بتركيبات ركيكة، وصيغ ثقيلة على النفس، خلاف طريقة العرب في قصد السماحة في التعبير وتجنب الحوشي من الكلمات!

بل قد يظهر لك أحيانا أنهم يتكلفون ذلك.. تزينا لإيهام الآخرين بغزارة العلم والدقة في المصطلحات.. وما علموا أنهم بهذا يبينون سذاجة تكوينهم اللغوي.. وسخافة أسلوبهم.. هذه طريقة مجموعة قليلة من النخبة المثقفة من المتخصصين -كما يقال عنهم- في علم الاجتماع والفكر الإسلامي..

ليس هذا ما يهمني الآن في مقالي هذا… إنما جعلته مقدمة بين يدي أمر آخر..
أما بعد:

فكلنا سمع كلمة (السلفية الجهادية).. بل تكلم بها أحيانا.. لقدرة الإعلام على صناعة الرأي العام وتوجيه الاصطلاحات وفرضها على منظومة التعابير في الصحافة والشارع !

وأول ما يلاحظ على الكلمة أنها دخيلة على الاصطلاح الفكري العربي والإسلامي؛ وهي واحدة من مصطلحات أخرى ظهرت ..

فقد قسم كثيرون السلفية إلى سلفية علمية وسلفية تقليدية.. وزاد بعضهم: السلفية التقليدية.. والسلفية الوهابية.. والسلفية المغراوية.. والسلفية الوطنية.. بل ذكر بعضهم: السلفية السلطانية!!!

آسف على الإطالة…! لكن كان لابد من إطلالة!

فهذا في الحقيقة لعب وتوسع غير منضبط.. ولا تحكمه قواعد علمية..!

وأول من رأيته استعمل مصطلح (السلفية الجهادية).. المستشرق الفرنسي المعاصر جيل كيبل (Gilles Kepel) في كتابه (الجهاد). ويظهر أنه وضعه موضعا غريبا جدا.. وحمَّله محتوى فاسدا..!

ففي الصفحة (33 ) من الطبعة الثانية باللغة الفرنسية يذكر (السلفية الجهادية) ويدخل تحتها مجاهدي الشيشان وثوار الجزائر ومصر، وهذا أول خطأ يرتكبه (جيل كيبل).. وهو نفسه الخلط الذي وقع في تعريف الإرهاب حين أدخل تحت مسماه حركات مقاومة في العالم الإسلامي.. ولست أقصد ما كان يحدث في مصر والجزائر.. وحين كتب (كيبر) هذا لأول مرة سنة 2000 كان خطَّاب رحمه الله لا يزال حيا يقود الجهاد في الشيشان؛ والكل يعرف أن قتاله للروس كان جهادا شرعيا لا يشك فيه أحد.. حتى المخالفون للنهج الإسلامي، ولم يتجاسر أحد من العرب الليبيراليين والعلمانيين واليساريين أن يلمزوا جهاده بكلمة إلا الروس.. والأمر واضح! فكيف سحب (كيبل) هذا المصطلح الهجين على جهاد شرعي بالاتفاق!؟؟؟

ولذلك فإن في استعمال (كيبل) للمصطلح شيئا من الخبط وعدم الاحترافية في الوضع !أو شيئا مما تخفي صدورهم !

هكذا بدأ هذا المصطلح.. مريضا!

ومن طرائف (كيبل) أنه قسم السلفية إلى ثلاث مدارس:

السلفية الشيخية أو المشيخية!

والسلفية المعتادة !

والسلفية الجهادية…!

وقال في أحد الهوامش على المصطلح (ص:640): هذه العبارة استعملت من طرف الإمام أبي حمزة خلال لقاء معه لندن فبراير 1998 ويقصد أبا حمزة المصري!

ثم جاء من بعده كتاب ومفكرون (بين قوسين) فتلقفوا هذا التقسيم بسذاجة أكاديمية أحيانا وبتعمد قبيح أحيانا أخرى بل واستحلَوْا فكرة التقسيم فأضافوا إلى ذلك أقساما أخرى تزلفا للرأي العام النخبوي والصحافة المتسرعة المتلهفة للسبق الصحفي وملئ الأعمدة والصفحات ليجد الناس مصطلحات جديدة للوكها إلى حين.. -شغلا لهم عن قضاياهم الحقيقية.. الفقر والجهل والمرض الثلاثي الهادم لكل أمة-: السلفية التقليدية والعلمية والوهابية.. والوطنية.. بل والسلطانية!!!!

وربما كان تقسيم كيبل من أولى المحاولات.. لتمزيق مصطلح السلفية.. في مختبرات الفكر الاستشراقي الذي وجد متعته في ذلك.. ربما لسخونة في جيوب المنتسبين إليه عند الحديث عن السلفية.. ثم صار البحث والتخصص في الفكر السلفي موضة جديدة تهافت إليها ثلة من المرتزقة من مستشرقين ومستغربين..! إلا قليلا من المنصفين الموضوعيين! 

فليكفوا عن هذه المتاجرات.. فإن لم يكفوا فليعفوا.. إن كان عندهم شيء من حياء..!!

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M