تفجيرات 16 ماي.. في العقل المغربي
ذ. طارق الحمودي
هوية بريس – السبت 16 ماي 2015
بعد تفجيرات 16 ماي بالدار البيضاء، انفجرت قلوب الحاقدين على الإسلام وأهله بمختلف أنواع التشفي والشماتة المكتوبة والمنطوقة، وأقام بنو علمان الاحتفالات الإعلامية، وانطلقت ألسنة الأقلام بمداد كثير لاستغلال الحادثة والاستفادة منها على طريقة «طاحت البقرة وقواو السكاكن».
فهناك جنس من الناس عندنا معجون باللؤم والنذالة، جعلوا من الحادثة مدخلا لنص طويل مليء بالتهم المصاغة بصياغات التدليس والتزوير، وقام مرتزقة الفكر يعرضون (حنة يديهم) في النيل من الفكر الإسلامي وممثليه، بل كان بعضهم يتحين الفرصة للنيل من الإسلام نفسه.
سيقع بعد الأحداث أحداث… ربما أكثر منها بشاعة، وستستمر آثارها إلى الآن، وقد استطاعت تفجيرات الدار البيضاء أن تفجر ركاما من النفاق والمخفي من المواقف والمقاصد، وأن تنزع براقع المكر والكيد، عن القريب والبعيد، ورب ضارة نافعة.
تفجيرات في نيويورك ومدريد والدار البيضاء.. كلها بطعم واحد وأثر واحد، بل بلغ الأمر بها أن أثارت نفس التساؤلات والشكوك.
على كل حال سأترك الحديث التقني عن الحادثة وسأقف عند سؤال مثير وهو:
ما الأثر الذي أحدثته التفجيرات في الدار البيضاء… والجواب: صعود حزب العدالة والتنمية سياسيا.. ثم توليه مهمة تكوين حكومة…
قد يبدو الأمر صادما… أو نوعا من المفارقات التي سيجتهد الناس لإيجاد مثلها نموذجا لتقريب المفهوم، ولكنه في نفس الوقت يمثل نموذجا لقاعدة معروفة في منظومة القوانين الإلهية، وهي أنه كلما أريد الحق بسوء، كانت النتيجة بعكس ما يتوقعه أهل المكر اللئام.
لست مطالبا ببيان تمثلات القاعدة في أحداث ماي وما جاء بعدها؛ لكنني واثق تماما من هذا، وتفجيرا مراكش لم تزد القاعدة إلا تأكيدا ومصداقية واطرادا.
قبل أيام كانت ندوة السلفية التي كانت تصنف بُعيد التفجيرات على أنها المحضن المباشر لفكر التكفير والتفجير، والندوة تحدثت عن كونها منبعا للفكر والتغيير، وهكذا، صرنا بعد كل حادثة شبيهة بها نترقب نتائج شبيهة بنتائجها.
العالم اليوم يتغير وقد صارت تفجيرات النظام السوري في المدنيين، وتفجيرا الحوثيين تفرض على السائلين تغيير صيغ أسئلتهم، وليس مستبعدا أن تكون المتفجرات ذات رائحة شيعية. ربما؛ فمن حقي أن أشك شكا منهجيا ديكارتيا!!!
كل شيء وارد في زماننا بعد أن تكشفت سراديب المؤامرات العالمية والشيعية والعلمانية بعد انقلاب الجيش المصري على شعبه، وبعد ما حصل في تونس من قيام أشواك العلمانية مرة أخرى محاولة إنقاذ بقايا مشروعها الذي فشل، المشروع العلماني العربي الذي أنتج أسوء الحكام والرؤساء ظلما ودموية.
سيجد الثراثرة وبنو علمان من ذكرى 16 ماي فرصة لاستعادت الأنفاس التي تباطأت وكادت تذهب بعد أن نالت نصيبا من نتائج خبثها، وتجرعت كأس الإهمال، وتكشفت أوراقها العفنة.
نقطة نظام…
لا يجوز أن تكون لحظة 16 ماي ملكا لهؤلاء العلمانيين الرجعيين.. لا يجوز أن يمكنوا منها.. فهي ملك للمغاربة جميعا.. ملك لمن دخل السجن بسببها.. ملك لمن حرم الإبن والأب والزوج بسبب سجنه على خلفية الأحداث كما يقال.. ملك لمن حرم مجالس دور القرآن.
لقد كان الاستغلال الأيديولوجي من طرف بني علمان مرتفع الثمن جدا أداه المتضرر لحساب من لم يتضرر، ولكن فوجئ القوم بعكس ما كانوا ينتظرون، فلئن أغلقوا دورا لعشرات الجمعيات، فقد أسست بعد ذلك عشرات الجمعيات، وتحت يديها عشرات المؤسسات.
ولئن منع الناس من الاستفادة منها، فقد وصلتهم الخدمة إلى دورهم ومدارسهم وجامعاتهم، واستفاد من خدمة القائمين منها أبناء بني علمان الذين سيخرج الله منهم من يوحد الله..
فلا يجوز أن يمكن بنو علمان من المتاجرة بها على حساب معاناة الكثيرين، ولئن ترُكوا فالقوم لئام لا يرقبون في أحد مواطنة ولا إنسانية… على أنني أشك في أن يجدوا متعة في الاحتفال بها، فعقلاؤهم يعلمون أنهم إن أثاروها فسيثيرون نحلا من خليته سيرَوا انتفاع الناس بعسله ولن يكون لهم منه إلا لسعه.