العنف ضد النساء هل من تشخيص حقيقي للداء ومعالجة فعالة
هوية بريس – د. محمد عوام
هذه الأيام كثر الحديث عن تعنيف النساء إلى أن صنفوه من وجوه عدة منها العنف الرقمي وأغربها الاغتصاب الزوجي أي أن يعنف الزوج زوجته جنسيا، لكن لماذا لا يتحدثون عن تعنيف النساء في عملهن في الشركات وفي القطاع الفلاحي وفي المنازل وفي مؤسسات الدولة. هل يعقل أمام هذا الغلاء الفاحش والوضعية الكارثية للمعيشة أن تتقاضى المرأة أجرا زهيدا لا يسد رمقها ولا يشبع جوعتها، هل يعقل أن تعمل المرأة في شركات التنظيف أكثر من ساعات العمل، بدون أي واجبات قانونية، أو بتحايل كبير ، مع العلم أن هذه الشركات تتعاقد مع مؤسسات الدولة، والدولة هي المراقبة عبر أجهزة تفتيشها لهذه الشركات، أليس تشغيل المرأة مع أخيها الرجل بأجر زهيد وعمل مديد عنفا وظلما ؟
أليس توظيف المرأة مع أخيها الرجل في مؤسسات الدولة بأجر 3000 درهم ومنهن من قضت أكثر من 27 سنة، عنفا وظلما؟
أليس حين تجد المرأة تشتغل في دور النظافة أعني المراحض واقفة بالباب أليس هذا عنفا؟
أليس استغلال جسد المرأة في الإشهار ووضع صورها وهي كاسية عارية على لوحات الإشهار عنفا وحطا من كرامتها؟
أليس عمل المرأة في مؤسسات الدولة خاصة دون احتساب عمل البيت من الحضانة والرعاية والتربية، وهي تاركة لأبنائها تقريبا طوال اليوم مع ما يسبب لها ذلك من توتر نفسي وإرهاق بدني، عنفا وضنكا؟
فلماذا يسكتون عن المشاكل الحقيقية للمرأة ويتحدثون فقط عن قضايا الجنس وتعنيف الرجل للمرأة؟ مع العلم أن قضية العنف في مجتمعنا ودولتنا أصبحت قضية بنيوية في النسق العام للدولة، لها تمثلات متنوعة ونماذج متعددة وأسباب كثيرة. فالتركيز على جانب دون آخر ليس من التحرير الجيد ولا الدراسة العلمية الجادة للقضية. فاليوم الذي تنصلح فيه أوضاع المرأة تنصلح فيه أمور المجتمع والدولة. والمعادلة ببساطة: لا لعنف الدولة حتى لا يقع العنف على المرأة. فالعنف من الأعلى إلى الأدنى له درجات ومستويات وهو ظلم، والله لا يحب الظالمين.