هل الشيخ الصادق الغرياني بحاجة إلى تزكية من الشيخ المُدخلي؟

هوية بريس – د. علي السباعي

ابتذلت مكانة العالم بعلوم الشريعة عند أقوام هذه الأيام حتى صارت مُقيدة بمزاج ربيع المدخلي، بل في الغالب مُقيدة بالمزاج العام في الرياض!، فتُشن الغارات التي لا هوادة فيها على مفتي الديار الليبية، بينما العلماء الرسميون والهيئات الدينية في البلدان التي تربطها علاقة حميمة بالرياض هم في مأمن من هذه الغارات!

إن المتأمل في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، سيجده ممتثلا لأوامر ربه، فما من آية تنزل إلا قام بها، مواجها البشرية جمعاء، ولم تأخذه في الله لومة لائم، فعادته القبائل والدول والممالك والأفراد والملأ وهو ملتزم أوامر ربه لا يحيد عنها قيد أنملة، واجه الفساد العقدي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي وكل فساد يمارسه البشر.

فالعلماء الربانيون هم من اقتفوا هذا المنهج النبوي، فكل عالم اليوم يقوم لله مواجها الباطل المستشري في العقائد والاقتصاد والسياسة والاجتماع المتمثل في الدول والإعلام والهيئات والمؤسسات والجيوش والقبائل والأفراد ونحو ذلك فهذا هو العالم المُزكى، فقد زكّاه الله في كتابه، وهذا النوع من العلماء الذين يقال عنهم “ورثة الأنبياء”.

وإنا لنشهد الله أن الشيخ الصادق الغرياني حفظه الله من هذا الصنف من العلماء، وما شهدنا إلا بما علمنا، فإنه محتسب على الفساد بجميع أشكاله وأنواعه لا تأخذه في الله لومة لائم -نحسبه كذلك والله حسيبه- وهو من العلماء القلائل جدا في هذا الزمان الذين يقتفون أثر الأنبياء في العمل بالعلم، ففي الوقت الذي يبيع فيه كثير من العلماء دينهم للسلاطين وأهوائهم، يقف المُفتي الشيخ الصادق حفظه الله سدّا منيعا، وأسدا هصورا منافحا عن دين الله وشريعته وعن حقوق المسلمين (1).

أما ربيع المدخلي ومن حوله فما رأينا صولاتهم وفروسيتهم إلا على العلماء والدعاة، أما الفساد السياسي والاقتصادي والإعلامي ونحو ذلك فمتروك لـ”ولي الأمر!”. ومتروك للعلمانيين من أمثال “تركي الحمد” و”تركي السديري” و”الغنامي” و”عبد الرحمن الراشد” الذين لهم اليد الطولى في سياسات الدولة، وآراؤهم محل تقدير واحترام عند “ولي الأمر”.

ولو كانت الإمامة في الدين تعني مجرد الجلوس في مكان آمن من بطش الجبابرة وإرسال التزكيات هنا وهناك أو وصف فلان “مبتدع” وفلان “حزبي” لنال الإمامة كل بطّال ولو كان في مستوى “حفالة” و”درمان” ومن في نحوهما.

ومن هنا أقول وبكل ثقة، إن ربيع المدخلي هو من يحتاج إلى تزكية من الشيخ الصادق، والمدخلي يحتاج أن يجلس بين يدي الشيخ الصادق حولين كاملين حتى يتعلم كيفية العمل بالعلم، ثم يدرك بعد ذلك أن مقام قيادة الأمة والتصدي للشأن العام وإنزال أحكام الله في النوازل التي تنزل بالأمة مقام محمود لا يُنال بمثل الهرطقات التي نراها مبعثرة هنا وهناك. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ وليس ضرورة أن يكون العالم الرباني معصوما من الزلل أو الخطأ، ومن تأمل حال علماء الأمة الكبار كالحافظ ابن حجر والنووي وابن حزم ونحوهم لظهر له ما أرمي إليه.