التجنيد الإجباري في المغرب.. رؤى ساحرة ومرويات ساخرة؟!

26 أغسطس 2018 21:35
وجدة.. استقبال 900 مرشح للخدمة العسكرية، في ثلاثة أيام، بثكنة الفوج الأول لسرايا الخيالة

هوية بريس – الحبيب عكي

لا أدري، بعد الدعوة الأخيرة والمفاجئة للمغرب إلى العودة إلى العمل بنظام التجنيد الإجباري للشباب ما بين 19 و 25 سنة، لا أدري، كيف وقفت على حالة فظيعة من جرأة الجميع على الخوض وبشكل في منتهى السخرية، رغم دعاة الداعين إلى كون الموضوع ذو أبعاد وطنية جيدة وجدي لا هزل، مما يعني في نظري أن الموضوع قد تعتريه العديد من الملاحظات والاختلالات في الشكل والمضمون، وقد يكون جلها يتجاوز مجرد اختلاف الرؤى إلى طرح تساؤلات وتخوفات عميقة، قد تنسف بجوهر المشروع في غياب الأرضية السياسية التوافقية والرؤية المجتمعية الواضحة، وتجعله مجرد ملهاة مأساة ومتاهة أخرى عابرة، لا ميزانيات وطنية تبقي ولا كفاءات مواطنة تنتج؟؟.

1- لماذا كل هذا الاهتمام الشعبي الواسع بالمشروع، والسخرية منه بشكل فظيع، خاصة من طرف سكان العالم الافتراضي و الناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي، وكأن الجهات الرسمية المبادرة بالمشروع قد استشارتهم    أو طلبت رأيهم فيه أو مساعدتها على تمريره، وهو الذي يستهدف أبنائهم وأسرهم التي قد تقف ضده، وهي التي – يعني هذه الجهة – ستمضي في مشروعها رضي الراضون ورفض الرافضون؟؟، مما يطرح السؤال تلو السؤال، هل مؤسسات التشريع الرسمية أصبحت متجاوزة وهي المطالبة بالمصادقة على المشروع، وهي التي لم يكن لها يد ولا رجل في الموضوع؟، وهل يمكن التشريع في أمر يهم الشعب دون رضاه أو موافقته عليه؟، في وقت ننادي فيه بالمقاربة التشاركية وديمقراطية القرب وتنافس البدائل والسياسات؟؟.

2- كيف بهذا الطرح الأحادي والفجائي للمشروع، دون مقدمات ولا مناقشات و لا حوارات ولا مناظرات وطنية أو خبرات قومية ودولية؟، خاصة وأن المشروع مما استغني عنه عندنا 11 سنة مضت، وأنه مشروع لم يرد في برنامج ولا أولويات أي فاعل سياسي أو مدني، حتى الحكومة الحالية ذاتها؟، وإن كان هناك شبه إجماع وطني على نقد الأوضاع التربوية للشباب والقلق من حظه المتواضع من المواطنة والسلوك المدني، بما يتدهور في أوساط فئة منهم من القيم ويتنامى من الجريمة والفوضى، فإن الجميع يرى الحلول في توفير التعليم الجيد وضمان حق التشغيل، ويدعو إلى مقاربات أخرى مدنية صرفة بعيدة كل البعد عن التجنيد الإجباري، والذي قد لا يكون له أثر محسوس إذا لم يجد له صدى ومثيلا في البيت والمدرسة والإعلام؟؟.

3- انقسام الرأي العام إلى رأي يرى في المشروع نظاما عالميا عاما تأخذ به جل الدول (65 دولة ضمنها 11 عربية) لتأهيل شبابها الراشد في مهارات الحياة وتربيتهم على المواطنة والشعور بالانتماء، وإكسابهم الكفاءات اللازمة للاندماج في المجتمع والقناعات الضرورية لاحترام الآخر والتعايش مع الغير، و مؤهلات تولي الوظائف أو إعداد المشاريع و تأسيس المقاولات وتشجيع الاستثمارات؟؟، ورأي آخر يرى أن كل هذا مهم و واجب ضروري، ولكن اليوم يمكن الدخول إليه عبر مداخل مدنية صرفة يمكن تسميتها بالعمل التطوعي المدني أو التجنيد الاختياري وهي أيسر وأضمن من التجنيد الإجباري، وهو – أي التجنيد الاختياري – نظام طالما شجعت عليه الدولة ولكن العديد من السلطات لا تزال هي حجرة عثرة ضده وسبب تعثره؟، وكأنها لا تعرف ولا تمارس غير الإجبار العسكري، رغم أن العديد من الدول قد استغنت عنه حتى العظمى والكبرى منها، وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا وأستراليا والهند وباكستان؟؟.

4- لهذا يتساءل الناس، وما هي الضمانات من أن الأمر لن يكون مجرد مشروع لمزيد من تدجين أبناء المجتمع وغسل دماغ شبابه وشاباته وسحب أهم الحريات منهم، وبرمجة بقية حياتهم على ذلك، حتى لا يستطيعوا إبداء رأيهم في شيء حتى وإن كانت أشياء تهمهم، وذلك بما سيصبحونه من مجرد أدوات تنفيذ مبرمجة لا عقول حرية ومسؤولية   و تفكير و نقد و مبادرة و مغامرة، خاصة و أن مما يدعو إلى هذا التساؤل أن كل الحراكات الاجتماعية الأخيرة والتي دوخت الدولة سبع دوخات، فلم ينفع معها أمنها السري و لا العلني، ولا الخيالة ولا الدراجيون؟، هذه الحراكات كان قد أبدعها و قادها الشباب، ولم يضرهم أنهم كانوا لها وقودا وضحايا؟، أتراه بعد التجنيد والتدريب وسحب حق الانتماء والممارسة السياسية وحق التصويت والترشيح والاحتجاج ستكون هناك حراكات؟؟.

5- ثم أي تجنيد سيخضع له الشباب، تجنيد الشرف أم تجنيد العقوبة؟، تجنيد الكفاءة والمواطنة أم تجنيد “الحكرة” والتعسف والإذلال؟، تجنيد الفساد والسمسرة أم تجنيد الرجولة والاستقامة؟، وكلها تساؤلات مشروعة إذا علمنا أنه رغم كل الشرف العسكري في الميدان وعبر التاريخ وفي مختلف المواقف والمعارك والنكبات والاسعافات، فإن في المجال نتوءات لا تشرفه ولا تشرف العاملين والخريجين منه مهما علقوا من النياشين ومهما حملوا من الشارات؟، ومن بين ذلك كما يحكيه بعض أبطاله وضحاياه على سبيل المثال: من ينهب المواد ويستغل المتدربين لفلاحة المزارع و بناء الإقامات؟، ومن لا يؤدي كراء المساكن ولا يرد قروض المساكين؟، ومن يشغل الجنود سواقين عنده خدما لأهله وحشما لأبنائه، يتكلفون لهم بالمدرسة والسوق والمشتريات والحمام؟، ناهيك عن الزج بالعسكريين بالقوة في معارك خاسرة لا ناقة لنا فيها ولا جمل، كالتجنيد في أحلاف ظالمة ضد اليمنيين والعراقيين و غيرها مما هو ضد مصالح الأمة ؟؟.

6- وأخيرا، إن التجنيد على كل حال مدرسة وأية مدرسة، وله العديد من الإيجابيات والامتيازات رغم كل شيء، منحة بطالة وراتب شغل، واستشفاء في المستشفيات العسكرية، والملبس والمأكل والمأوى على حساب الدولة، وأولوية في تولي المناصب والتباري عليها، و…و…و…؟ ولكن و لأن أحوال المجتمع جلها في ترد مستمر لا يسر الكثيرين، ودائرة القلق والتوتر من مضاعفاتها عند الناس تزداد؟، ومطالبتهم بضرورة إيجاد الحلول وتحسين الأوضاع لا تنتهي؟، أفلا يشرع لها المشرع مشاريع تجنيدية مماثلة، فيخطط لنا لمشروع “التدريس الإجباري”.. و”الاستشفاء الإجباري”.. و”التشغيل الإجباري” كما يضمن ذلك الدستور، بل وقد ذهب بعض الظرفاء أبعد من ذلك فنادوا بمشروع “الزواج الإجباري”، وهو في نظري طلب مقبول ومعقول خاصة إذا علمنا أن ضجيج الأرقام يتحدث عن حوالي 8 ملايين عانس في البلد، أفلا يحق لهذا الرقم المهول أن يتحرك لأجله الساكن؟، بلى ينبغي أن يتحرك لأجله الساكن وينصب المجرور ويرفع المنصوب، وتلك قمة التجنيد الاجباري والاختياري؟؟.

آخر اﻷخبار
1 comments
  1. عجبا للمغاربة ماذا دهاكم دعاة و عوام؟؟!!!
    أين الإنتفاضة من أجل شرف المؤمنات (قبل الحديث عن الرجال)؟؟
    هل تقبل يا أيها المسلم الغيور أن تنتزع منك بنتك العفيفة أو أختك الشريفة (في الدين أو النسب) لكي ترسل إلى معسكرات مختلطة في الصحراء مليئة بالرجال و العزب و قد نزع منها حجابها و ألبست إجباريا سروالا ضيقا و أجبرت على القيام ب(الحركات) العسكرية و الخدمات الإجبارية تحت “إشراف” الرجال الذين يأمرونها و ينهونها و يقومون (اعوجاج) وقوفها و مشيتها و ليسوا لها بمحارم؟؟؟؟!!!!!

    أليست مناقشة أي شيء آخر من قبيل أن التدجين الإجباري “يربي” أو لا يربي (على أساس أنك ستخرج و قد حفظت 10 أحزاب و ستصبح محافظا على الرواتب!!!) هي مساهمة بخبث أو جهل في نشر ثقافة تقشير المرأة المسلمة و بالتالي المجتمع من كل شيء؟؟؟؟
    أجيبوني بالله عليكم قبل أن أنهار عصبيا

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M