الجزائر والعسكرتارية الجزائرية: الشعب والدولة والعسكر

15 نوفمبر 2020 19:10

هوية بريس- محمد زاوي

ما تزال أرض لنا عند الجزائر، وما زال حقنا عليها ثابتا إلى حدود الساعة. لقد كانت الجزائر، وما تزال، مصدر إضرار بمصالحنا، على عدة مستويات:

– الامتناع عن إرجاع الأراضي المغربية للمغرب، بعد خروج فرنسا منها.

– رعاية عصابة انفصالية تهدد وحدتنا الترابية وأمننا الحدودي والداخلي، من أرضها.

– عرقلتها لمسار اتحاد المغرب العربي، الذي كان من الممكن أن يشكل نقلة اقتصادية وسياسية لكافة دول المغرب العربي، وللدول العربية بعد ذلك. وتلك نقلة، للمغرب فيها نصيب كبير.

إلا أن جزائر “تبون” هي، اليوم، أضعف بكثير من جزائر “بومدين”. وضعفها ينعكس على الكيانات الوهمية والعميلة التي تخدمها، وتخدم مصالح أطراف أخرى تحركها (أمريكية وإسبانية). لا بد من التمييز بين إدارة الدولة الجزائرية والعسكرتارية الجزائرية، ولا بد من التمييز بينهما وبين الشعب من جهة ثانية. فلفظ “الجزائر” دون اعتبار لهذا التمييز، والذي لا يخلو بدوره من تفاصيل أخرى دقيقة، لن يكون إلا لفظا ميتافيزيقا لا يعبر عن “الواقع الملموس للتناقضات الجزائرية”.

******

فلندع هذا جانبا، ولنطرح الأسئلة الآتية:

هل تخلّصت العسكرتارية الجزائرية من نزوعها نحو السيطرة في شمال إفريقيا؟

ألم يؤد احتدام الصراعات الداخلية للجزائر إلى إضعافها أكثر من ذي قبل؟

ألا تزعجها الانتصارات التي تراكمها الدولة المغربية على مستويات عديدة، في قضية الصحراء المغربية وفي غيرها من القضايا، حيث لا تجد الجزائر نفسها قادرة على المنافسة في نفس المضمار؟

******

مهما تخبطت العسكرتارية الجزائرية اليوم، فوق الطاولة وتحتها، فهي أضعف من السابق. إنها في وضعية دفاع، لا في وضعية هجوم. والدال على ذلك، عدة قرائن:

– الحراك الجزائري الأخير الذي أفرز في الحكم أخف الأطراف رجعية وتشبثا بالعقل “البومدييني”.

– وعي الشعب الجزائري بمصالحه التي لا تتجلى في “الحرب مع المغرب”، بقدر ما تتجلى في إنهاء النزاع معه والاستفادة منه.

– الهجمات العشوائية والضعيفة التي تشنها الأطراف الرجعية في الإدارة الجزائرية بين الفينة والأخرى: إعلاميا، أو عن طريق تحريك قيادة “البوليساريو” بشكل عشوائي وغير منظم.

– إعلان أطراف تقدمية في الإدارة الجزائرية عن مواقفها الداعية للتقارب مع المغرب، وهو ما جاء ذات مرة على لسان عبد المجيد تبون رئيس الجزائر (الالتزام بفتح الحدود بشرط تقديم اعتذار، وهذا تنازل ولو جاء مشروطا).

– اكتفاؤها بالدعوة إلى ضبط النفس والاحتكام إلى المرجعية الأممية، في بيان له،ا عقب تدخل القوات المسلحة الملكية المغربية لإرجاع السير العادي لمنطقة الكركرات. وذلك، على خلاف لغتها التصعيدية في فترات وأحداث سابقة.

… إلخ.

كل القرائن تدل على أن العسكرتارية الجزائرية اليوم، هي عكس عسكرتارية الأمس. إلا أنها لم تستسلم رغم ذلك، وهي تضغط لتفرض مواقفها العدائية تجاه المغرب، دولة وشعبا. إنها بورجوازية عسكرتارية لا تؤمن إلا بالسيطرة داخل حدودها، وخارجها أيضا. وهي في سبيل ذلك، مستعدة لخدمة الأجنبي حتى تحافظ على بقائها ووجودها. في هذا السياق، يجب أن نقرأ: “المناورات العسكرية التي بثها التلفزيون الجزائري”، هذا اليوم، وما جاء على لسان رئيس أركان الجيش الجزائري من إشارة إلى “التهديد المغربي للجزائر” بعبارة “الاستعداد للعدو الكلاسيكي”. يجب أن نقرأها على أساس أنها “هجوم تكتيكي ودفاع استراتيجي”، وكذلك هو خطاب وممارسة الحركة الرجعية “البوليساريو”.

******

الذي يهاجم استراتيجيا هو المغرب، على عدة مستويات:

– تحقيقه في قضية الصحراء المغربية عدة مكتسبات: العودة كمؤثر في الاتحاد الإفريقي، تبني المنتظم الدولي لخيار الحكم الذاتي كأساس للتفاوض، فتح قنصليات إفريقية وقنصلية عربية في الأقاليم الجنوبية، سحب دول لاعترافها بعصابات البوليسايو ككيان وهمي… إلخ.

– توسعه في دول إفريقيا: اقتصاديا وسياسيا وثقافيا.

– تقوية مكانته في شمال إفريقيا وفي القارة الإفريقية ككل، ما جعله محطّ استثمارات كبرى، وآخرها الاستثمار بشراكة مع الصين، بخصوص تصنيع وتوزيع لقاح “كوفيد-19”.

– تطويره لبنيته التحتية والاقتصادية، ما لا تستطيع الجزائر مجاراته، بالرغم من نفطها وغازها الطبيعي.

– ديبلوماسيته الديناميكية الفاعلة في عدة ملفات دولية وخليجية ومغاربية، فما علاقة المغرب بدول الخليج عنا ببعيدة، وما دوره الفاعل في حل الأزمة الليبية عنا ببعيد.

******

والأمر كذلك، فليس للعسكرتارية الجزائرية إلا هذه الخيارات:

– محاولة إرباك المغرب في مساره المتقدم.

– محاولة تصدير تناقضاتها وأزماتها الداخلية إليه.

– إلهاء الشعب الجزائري بمعركة لا تعنيه ولن يجني منها أدنى مصلحة.

ولذلك فهذه العسكرتارية تدافع استراتيجيا عن وجودها ومصالحها، ولا تهاجم كما يريد البعض أن يصورها.

 

آخر اﻷخبار
1 comments

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M