القرارات الإدارية واللغات الأجنبية.. 

21 أغسطس 2022 10:55
هوية بريس – يونس فنيش
الرأي أن الدستور يحدد اللغتين الوطنيتين، ولكن في غياب قانون تنظيمي أو قانون يمنع استعمال لغة أجنبية في الإدارة العمومية ويرتب جزاءات أو عقوبات على المخالفين، تبقى كل دعوى قضائية في المحاكم الإدارية لا تفضي سوى إلى إلغاء القرار الإداري المحرر بلغة أجنبية المعني بدعوى الإلغاء دون غيره، سواء بموجب الفصل 118 من الدستور أوغيره.
هذا يعني أن بمجرد ترجمة نفس القرار الإداري إلى اللغة الوطنية يصبح نافذا، و بالتالي فكل دعوى قضائية ضد قرار مكتوب بالفرنسية، مثلا، ما هو سوى مضيعة للوقت و المال و الجهد و مساهمة في اكتضاض الملفات في المحاكم، لأن في العمق استجابة المحاكم الإدارية لدعاوى الإلغاء ما هو سوى إلغاء شكل القرار المكتوب بلغة أجنبية و ليس مضمون القرار الإداري المعني بدعوى الإلغاء.
و لذلك يجب التعامل مع قضية الهوية بحكمة، فلنتصور مثلا لو أصبحت فجأة الإدارات تتعامل كتابة باللغة الأمازيغية، بحروفها المعقدة و الغريبة على الأغلبية الساحقة من المواطنين، و هي التي ارتقت إلى رتبة لغة وطنية، بعدما كانت تعد مجرد لهجة، احتراما للهوية المغربية، كيف سيكون شكل اللخبطة في الإدارة العمومية مما قد لا يخدم المصلحة العامة.
فإذا كان عدد مهم من الناس يتكلمون الأمازيغية فكم منهم يعرف قراءتها، و كم منهم يستطيع تعلمها، علما أن اختيار حرف تيفيناغ لكتابتها، -بدل الحروف اللاتينية أو الحرف العربي الأصيل-، لم يكن موفقا بتاتا حسب الكثير من الآراء؟
الدستور حدد اللغتين الوطنيتين و هما العربية ثم الأمازيغية و حسنا فعل، ولكن الأولوية بالنسبة للإدارة العمومية هو الإصلاح و ليس إضافة تعقيد جديد قد يمنع أو قد يساهم بشكل ملموس في إطالة أمد المشاكل الكثيرة التي مازالت الإدارة تواجهها من أجل الأحسن فالأفضل.
يمكن الدفاع عن اللغة العربية بالإنجليزية أو بالفرنسية، و يمكن الدفاع عن اللغة الأمازيغية بالعربية أو حتى باللغة السويدية… المهم في الظرف الزمني التاريخي الحالي أن يعلم المغاربة قوة هويتهم و جمالها و أهميتها و ذلك ما يحدده دستورهم، ولكن لا داعي للتهويل و إضاعة وقت ثمين في أشياء لا تراعي الواقع الحالي، و معلوم أن التقدم مستحيل دون مراعاة الواقع.
الإدارة في حاجة إلى إصلاح أولا و قبل كل شيء و لن يتأتى ذلك سوى باستعمال الأدوات الحقيقية و الواقعية و المنطقية، و بعد ذلك يمكن ربما التفكير في قوانين تنزيلية او تنظيمية تجبر على عدم استعمال اللغات الأجنبية في الإدارة العمومية مع ترتيب، مثلا، جزاءات أو عقوبات ضد المخالفين.
و أما الأمازيغية فهي لغة وطنية دستورية ولكنها مازالت في طور التأهيل لأن عدد من يعرفون كتابتها و قراءتها قليل جدا، و لا يمكن فرضها في التعامل الكتابي في الإدارة العمومية قبل الأوان، حتى لا تتسبب في ارتباك للإدارة العمومية نحن في غنى عنه.
آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M