تولي الوسائط الاجتماعية و مخاطره على البلاد..

17 يوليو 2022 15:24
ربِّ لا تجعل الجائحة آخر فرص الإصلاح

هوية بريس – هشام بنلامين

ما صار ثابتا في العقود الأخيرة أن الأحزاب السياسية لا تؤطر الشارع و المواطنين كما يلزم، طوال العقد الاول من العهد الجديد كان لصحافة معارضة كتيل كيل و لوجورنال و المساء، ولاحقا أخبار اليوم دور تأطيري كبير تجاوز أدوار الاحزاب ولعبت دور المعارضة للسلطة، قبل ذلك تقدم الاتحاد الاشتراكي بمذكرة تعديلات دستورية ظلت سرية.

وباستثناء معارضة العدالة والتنمية و نسبيا الاتحاد الاشتراكي، وأصوات حزبية أخرى للبام، ولمشروع الدولة آنذاك القاضي بتعزيز التنمية على حساب السياسة والكرامة، بقبت المعارضة الحزبية ومعها تأطير الشارع سياسيا وثقافيا ضعيفة، و انتهى الأمر مع ثورة التواصل الاجتماعي بجمهور من “المؤثرين” كبديل تأطيري فرض نفسه من الجهتين، جهة الموالين للسلطة و تمثلاتها وامتداداتها الحزبية، وجهة مستقلة عن السلطة تجد صعوبة في الحفاظ على استقلاليتها المادية والمعنوية تحت التأثيرات والأغراءات.

جاء الربيع العربي وأحسن العدالة والتنمية تقديم عرض سياسي يليق بالمرحلة ففاز برئاسة الحكومة، لأن الناس و الدولة و الجميع أراد الإستقرار، ولكنه لم يكن خلف حراك 20 فبراير و لا حتى ساهم فيه بقوة!

اليوم الشارع من جديد يخلق الحدث رقميا، وقد يمر لمرحلة موالية، وذلك بعد مظاهرات كبيرة في الشهرين الأولين لتعيين أخنوش رئيسا للحكومة.
تبدو الأحزاب شائخة وغير قادرة حتى على فهم ما يقوله الشباب و رجل الشارع، بل محافظة تقاوم كل ما يأتي منه بادعاء الخوف على الإستقرار، وذلك

بعد أن تسكت لشهور في شبه تواطؤ مع من امتص دماء المغاربة بوحشية قل نظيرها.

لم تصلح الأحزاب و الشبيبات الحزبية إذا كانت غير قادرة على أن تكون قناة الوصل بين الشارع و الدولة ! تؤطر الأخير و تهذب سلوكه عبر مطالب مترجمة سياسيا و إجرائيا.

لا يمكن إلا التأكيد أن الشارع تجاوز الوسائط الإجتماعية التقليدية، وصار يشارك مباشرة بعد غياب عن الانتخابات وبعد صمت سياسي لشهور عقب تشكيل الحكومة. مشاركته رقمية غاضبة لا تكترث لتقليد ولا لأعراف سياسية، بل تصل الى النتيجة النهائية المرجوة، و العنيفة شيئا ما وهي “ارحل”.
هل تعي الأحزاب الوطنية خطورة ما نحن فيه، هل تمتلك خريطة للمخاطر المحدقة؟ ماذا لو مر الشارع من الهاشتاغ إلى ساحة الحمام وباب الحد وشوارع طنجة وفاس ومراكش…؟ ماذا لو مر مواطنو الهامش الذين يتظاهرون منذ سنوات بديلا عن المركز، من أجل الماء والبيئة والفلاحة المعيشية.. ماذا لو مروا جميعا للشارع مباشرة دون تأطير و لا مواكبة، ولا نخب سياسية قادرة على التفاوض و التوافق؟!

تتورط الأحزاب السياسية الوطنية حين تعترض على مطالب الشارع، لأن ذلك يضعف مصداقيتها، وهي حين تدافع عما تراه (محافظة و دفاعا عن مناطق الراحة) صحيحا كالاستقرار و الأعراف السياسية، لا تبدو للمواطن إلا أصوات خانعة تابعة تأتمر بإشارات السلطة و تقدر سياسيا على ضوئها.
ليس المطلوب مجاراة الشارع بشعبوية في كل شيء، ولكن الواجب الإستشعار السياسي والإحساس الاجتماعي و حتى النفسي بما يعانيه المواطنون، و حين ذاك النزول لتأطير المواطنين و مساعدتهم على إنتاج فكرة سياسية واقعية للمرحلة، وطبعا مع الدفاع على مطالبهم المشروعة والقابلة للتحقيق دون إلتفاف ولا خداع.

إذا لم تقم الأحزاب السياسية والشبيبات التابعة لها بهذه الأدوار الوسائطية، فهي تتحمل المسؤولية على وجهين: الأول حين تركت المواطنين للوبيات تنهش جيوبها وكرامتها، والثاني حين تتحرك الجموع واقعيا بعد ما تكون قد هيئت أو هيئ لها الأمر رقميا، وذلك مع مايحمل تحرك غير مؤطر من مخاطر عالية على البلاد و على البناء الديمقراطي.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M