جديد عمليات غزو المغرب 1915 (ج5)

06 مايو 2021 16:52
جديد عمليات غزو المغرب 1915 (ج5)

هوية بريس – ذ.إدريس كرم

جبهة الجنوب -الزحف على كيكو-

أشارت رسالتي الأخيرة لتفاصيل المرحلة الجديدة من اختراق التهدئة لجبل البربر.

تم استدعاؤنا من قبل الخاضعين في أيت عرفة (بني امكيلد) وأيت يوسي الذين رافقونا في التنقل نحو كيكو، على بعد 40 كلم جنوب خط مراكز:

انسو، أزرو، وأقمنا مركزا مؤقتا على المنعطف الغربي، من مرتفع هذا الواد المهم في الأطلس المتوسط، بين ملتقى طرق فخدات رئيسية هي:

بني امكيلد، وأيت يوسي، وأيت سغروشن، دون إطلاق رصاصة واحدة.

هذا التقدم العسكري لم يطرح أية مشكلة جديدة، بل كان تجسيدا لتقدمنا السياسي في هذه الناحية، والذي جاء تلبية لطلب حمايتهم، والتي لم يكن من الممكن أيضا، رفض حماية تحركهم.

الجزء الأكبر من أيت عرفة الخاضع لنا، الذي يقضي سكانه فصل الشتاء حول مراكزنا، وفي الصيف يدفعون عزَّابتهم إلى كيكو، لم يكن

ترك هذه الفخدات لمصيرهم في الوضع الحالي، لأن ذلك يعتبر مخاطرة، لأننا لو فعلنا ذلك، قد ينفصلون عنا تحت تأثير دعاية عنيدة، مناهضة للفرنسيين، متسربة من الريف ودرعة، بل حتى من وديان الأطلس البعيدة.

عدم الاستقرار بالقرب منهم، وعدم حمايتهم من هجمات العصاة غير الخاضعين لنا، هو تنازل من قبل سلطتنا السياسية لمنشقي كونفدرالية بني امكيل الهامة. وتركهم في قبضة سلطة معادية تسخرهم ضدنا.

بعدما تم استنفاد آخر احتياطاتنا بالكامل في جبهة الشمال، تحت ضغط الأحداث هناك.

صار من الواجب إقامة مركز قرب قصبات أيت عرفة ضرورة استراتيجية، دفاعية وسياسية، في نفس الوقت الذي كان الدرس القاسي الذي لقنه الكولونيل دبليسيس للشلوح، قد وفر لنا أقصى درجات الأمن على كل هذه الجبهة، مما ضمن لنا في الشمال أكبر قدر من حرية الحركة.

إنشاء مركز تيمحضيت في غضون شهر يونيو، في 4 منه، جعل المجموعة المتحركة بيطو، بعثت لأُكموس، من أجل قيادة أول قافلة تموين وتجهيز، مخصصة للمركز الجديد، وقد غادرت المركز الأخير يوم 5 يونيو متوجهة نحو المركز الجديد بتمحضيت، الذي بدأت أولى الأشغال به.

في اليوم السادس 6 من شهر يونو بعدما ترك في حامية المركز(سرية، فصيلة مدفعية ميدان، فصيلة رشاشات، كوكبة فرسان)مع فوجين من اللفيف، مخصص للتعاون في الأشغال، وشق المسالك، المجموعة المتحركة عادت لأُكموس.

في 7 قامت نفس الحامية بخفر قافلتين متوجهتين لتمحضيت، كدفعة ثانية لتموين المركز المذكور، تبعتهما قافلة ثالثة في 9 يونيو، بحيث لما وصلت يوم 10 أصبح المركز يتوفر على جميع المعدات اللازمة للعمل، وتموين لمدة أربعة أشهر مقبلة بالنسبة للحامية، وثمانية أيام بالنسبة للفوج المتحرك، وتم تنفيذ هذه المهام في أحسن الظروف، دون أي حادث عسكري أو مرضي أو خسارة في الدواب، بفضل انضباط جنودنا.

المسار المعتاد للعربات والسيارات حتى أُموس سيتم تمديده بسرعة لغاية كيكو، في يوم 10 ترك للحامية مواصلة الإنشاءات والدفاع بوسائلها الذاتية.

في الليلة الأولى من تواجد المركز الجيد بتامحضيت، أطلقت عليه عدة طلقات نارية من قبل بعض المطارَدين، ولكن لم يتم تعطيل عمل الإنشاء الذي تم خلال شهر من بدئه، بعد الانتهاء من تشييد مرافق المركز، تم ربطه بمركز يطو المجاور، على بعد 8 كلم وذلك في 15 يونيو.

في واد مَرْهيرْيا، أقام بني امكيلد موسما كبيرا حضره أكثر من 4000 من الأهالي، على شرف الجنرال هنري، ابتهاجا من هذه الكنفدرالية البربرية بالأمن الذي تحقق لهم في البلاد، وتم استدعاء قبيلة بني امطير للمشاركة في الحفل من قبل بني امكيلد، فحضروا في 200 فارس يتقدمهم قائدهم وشيوخه، الجنرال هنري والكولونيل توفونيل، وكومندار الناحية مع أركانه حضروا من مكناس، للحفل الذي سجل لحظة تاريخية في تهدئة بلاد البربر.

لقد كان الزوار محل ترحيب واهتمام حماسي من قبل الأهالي، وهم فرحون كعادتهم، بإقامة حيْدُوسْ، بعدما تخلصوا من الخوف، مما يدل على خضوعهم بصفة نهائية.

ناحية تادلا-زيان:

في هذه الجبهة، الهدوء لم يسد بعد، زيان منتشرين في كل أعالي واد أم الربيع، حيث يرعون قطعانهم، ويعملون بجد في الزراعة الصيفية للذرة المسقية، لتكون قادرة على تعويضهم عن محاصيل الحبوب التي حرمناهم منها في السهل، وإبعاد الجوع عن أولادهم ومواشيهم، مخصصين جماعات مسلحة لمراقبة تحركنا ضدهم.

لقد تأثر الشلوح بشكل بالغ بالهزيمة التي وقعت لهم في ماي، وتشتتوا في دواويرهم محافظين فقط على ملتقيات طرق جبالهم ولم يعودوا يفكرون الآن في تكويين حركة للهجوم.

الكولونيل كارني دوبليسي، منذ أن أصبح جنرالا واصل خلال الشهر جولة تفقد طويلة في كامل منطقته، دون أي حادث.

فقط عدد قليل من تشكيلات جيش تمت ملاحقتها بسرعة، بعدما تسللت عبر خطوطنا، في بداية الشهر، للتمركز خلف تلك الخطوط، قصد مهاجمة مراكزنا بها، إجراءات القمع النشيط المتخذة ضد وحدات الجيوش التي سقطت في أيدينا، وضعت حدا لتلك الهجمات المعزولة.

منطقة مراكش:

بقي الوضع في الحوز وسوس جيدا خلال شهر يوليوز، في 17 يونيو وصل المقيم العام لمراكش في جولة تفقدية، وقد دخل المدينة وسط حشد كبير من فرسان القبائل الذين جاؤوا لمقابلته صحبة الأعيان المحليين والسكان أثناء مرور موكبه بالقرب من مساكنهم.

في 23 غادر المقيم مراكش للدار البيضاء مارا بالجديدة “بمزكان” وأسفي ليصلها يوم 25

خلال رحلته التفقدية هذه، تمكن من تقييم التقدم الحاصل في التهدئة، بفضل حكمة السياسة الأهلية المتبعة (في الأطلس وسوس، ومن تارودانت لأكادير، لتزنيت، أي في أقصى الجنوب المغربي)لا شيء يتحرك، بل بالعكس يسود أمن وسلام، تم افتقاده سنوات عديدة، بفضل قبضة حيدة أوميس، باشا تارودانت، وكبار القياد الأربعة: لمتوكي، الكوندافي ولكلاوى، في تماسك وثيق مع الكولونيل دولاموث.

ومع ذلك، في الشرق بدءَ من دمنات المتاخمة لبلاد الشلوح، العصاة مستمرون في تأرجحهم وعدم ثباتهم بين الخضوع والعصيان

في شهري أبريل وماي، ظهرت أعراض مقلقة عن دخول تلك القبائل في العمل بجانب عصاة تادلا وزيان، مما أثار عدة مخاوف ولحسن الحظ قام الكولونيل دوبليسيس باعتراض الحركة التي كُوِّنت، وسُيِّرت نحو تادلا في واد درنة “جدوى هذا العمل والخسائر الهامة التي لحقت بالعدو، كان لها تداعيات في جميع أنحاء المغرب شرقا وغربا، وصلت أصداءها لنا يوميا، ساهم في تهدئة هذه الناحية ”

ومع ذلك بقي من المُتعَيَّن متابعة رصد هذه المنطقة، فتحركت وحدات من المخزن شرق دمنات، ضد بعض المشاغبين هناك، يقودها لكلاوي، فألحق بالعصاة هزيمة كبيرة، يومي 25و26 خيم بعدها هدوء تام على الناحية.

والخلاصة أنه في 4 يوليوز، تحسن الوضع الذي بدا أنه أكثر صعوبة في الشمال شهر بفضل العمليات التي تمت تحت القيادة العليا للجنرال هنري، وتنفيذ الكولونيلات سيمون، ادريجيون وموريال

أثناء هذه العمليات، بقيت الجبهة الجنوبية مضطربة، فجاء تحرك الكولونيل دبليسيس والقايد لكلاوي ليهدئ الناحية من جديد.

المغرب الشرقي:

رأينا مما سبق أنه تم تمشيط مدارج المنطقة، بعدما كون الكولونيل لاكيير مجموعات متحركة لتتجول داخل القبيلة وأساسا على طول خط امسون وجدة، فانتهت باستتباب الأمن في البلاد، هذه المجموعات كونت في بيرتو، تاوريرت، الصفصافة، لتتنقل باستمرار، ولم تتوقف طيلة شهور ماي، يونيو، وإلا لما استطاعة قمع مجموعات الجيوش الصغيرة المختفية في هذه الناحية الشاسعة، التي يجوبها الرحل، أو على الأقل شل قدرتها على القيام بهجماتها الدورية، التي تنازلت في غضون شهور الحرب الأولى.

تأمين الخط الرابط مع الجزائر اكتمل حتى الشرق تماما بعمل مؤسسات في لبرانص من قبل المجموعة المتحركة بتازة، المجموعة المتحركة لبيرتو، المجموعة الفرنسية لتاوريرت، ومعسكر بيرتو، من خلال جولاتهم تمكنوا من حماية القوافل المتنقلة على المسالك، وعرقلت عددا من ضربات الجيوش التي كانت ستستهدفها في جولاتها العقابية للعصاة، في 21ماي مفرزة امخازنية بوعنان، فكيك، بركنت، ودبدو، بقيادة ضباط المخابرات، خرجوا بشكل مكثف، والتقوا في امْطاركة، ليظهروا أمام عيون الرحل عزمنا عدم التفريط في شبر واحد من الأرض التي قمنا باحتلالها، وإظهار اهتمامنا المستمر لهم، بحماية البوليس المنتشر في هذه الأرض الشاسعة، وأمكن توجيه قافلة هامة في شهر يونيو، باتجاه بودنيب دون سماع طلقة نار واحدة.

في إقليم بودنيب، أحرز كومندار الناحية في شهر ماي تقدما ملموسا في الجنوب، جعل مهماتنا في التهدئة تخترق قطاع بربر الأطلس.

بموافقة القيادة العليا، وبناء على طلب صريح من أيت إيزدك الجتمعين للتباحث منذ شهور

طالبوا منا التحكيم في حل نزاع حول الماء، فشكل الكومندار المذكور آنفا في بودنيب كلون ثقيل للقيام بعمليات في ناحية أعالي كير، وأعالي زيز، من الوحدات التالية:

المشاة:

سرية رمات جزائريون، سرية مغربية، فصيلة من السرية الثانية محمولة أجنبية، مجموعة فرنسية s. m

الخيالة:

كوكبة اصبايحي، كوكبة مخزن بودنيب

المدفعية:

جديد عمليات غزو المغرب (1915م) (ج4)

قسم 65 جبال

الصحة: عناصر إسعاف

قطار: 15عربة وقافلة بغال

المجموع: 17 ضابطا و750 رجلا و320 حيوانا

غادر الكولون بودنيب في 15 ليصل مركز كرامة في 17 بعدما توقف في قدُّوسة وبورج دوبكنو، ثم غادر كرامة يوم 19 على الساعة 5 صباحا، قامت طليعة بإصلاح المسار الذي سيمكن العربات من السير فيه بشكل طبيعي، حتى لا تتأخر عن الركب الذي توقف في تازمامرت، ليصل في الساعة 15 لمرفق زيز حيث عسكر بالقرب من البرج، ومن هناك تم قيادته من قبل كِبار أيت إزدك الذي جاوا عنده لما حطَّ بكُرَّامة، ثم ساروا أمامها.

في 20 نفذ قائد الكولون مع لمخازنية والخيالة والمشاة المحمولين استطلاعا في سهل سدور، الذي يستعمل فقط من قبل قطعان منطقة تينلالين، خلال هذا الاستطلاع تم تحديد النقاط الرئيسية المحددة للأرض.

ولاسيما الطرق المؤدية لممر تيزي-نويلي الذي يتيح الوصول لقصر السوق عن طريق تتجنب مضيق زيز الذي لا يمكن عبوره تقريبا في فم زبل

أثناء الاستطلاع قام بقية الكولون بإصلاح الممرات المختلفة لمسيرة اليوم التالي.

في 21 تحرك الكولون في اتجاه دواوير الريش، وعسكر على الضفة اليسرى لزيز، في مستوى قصر آيت اسعيد، كومندار الكولون وأركانه، استقبلوا في قصر كارزوزة في أيت تيركان(أيت يزدك)في حين واصل الكولون السابق إصلاح مسلك مرور العربات، كومندار الكولون توجه للتعرف على الريش، حيث من المحتمل إقامة مركز للاستعلامات هناك في وقت لاحق، من أجل السيطرة على آيت إزْدَك، وضمان الاتصال بين بودنيب وقصبة المخزن، عندما يحين الوقت لتفعيل سيطرتنا على المنطقة.

انتصرنا بالفعل بهذه الإجراءات سياسيا.

التَّل الموجود بين زيز وكرزوزة، يقدم نفسه عندما تتاح الظروف، كمكان مفضل لإقامة مركز مراقبة الوضع في كل من ممر كير(منطقة زيز العليا) ووادزيز في اتجاه تادراكلاوت وتاماكوت وفي نفس الوقت تجمعات بوخالوف وتلكالتي في اتليش، إضافة أنه يوجد في سهل واسع مزروع جزئيا ومن المرجح أن يكون أكثر من ذلك، لأنه محاط بواد زيز، وواد سيدي حمزة، وواد تيغانينم، ويمكن ريه بسهولة بواسطة السواقي.

في 22 ماي بينما كانت القوات راجلة تعمل في إصلاح المسالك، قام كمندار الكولون رفقة كوكبة فرسان والمخزن باستطلاع جديد في اتجاه ممر تيليشت، لتسوية خلافات الري بين الأهالي، وبالمناسبة أشار عليه وجهاء آيت إزدك بأن الفرصة مواتية لمعرفة مسار واد انزالا المتجه نحو ملوية في أمن وأمان.

في 23 ماي رفعت خيام المعسكر في الساعة 5 صباحا، العربات والأشياء الثقيلة وجهت تحت حراسة فصيلة نحو برج مرفق زيز، ونظمت حولها دفاعات، مر الكولون بمضيق تيغانيمين الذي تم التعرف عليه بالأمس، ثم انتقل لسهل واد انزلا، ثم توقف طويلا عند قصر آيت العباس الذي أضهر لنا سكانه علامات الثقة بنا، ثم اخترقنا مضيق النزالا وعسكرنا بين قصري بوسروال وآيت بلحسن، حيث حضر عندنا الأعيان وخصص لنا السكان استقبالا هاما.

في 24 ماي قام كومندار الكولون صحبة المخزن وسرية اصبايحية، وفصيلة لفيف محمول (الكل ممتطي البغال) بالتوجه نحو ممر تيزي-نيتالميرت أحد الممرات الأكثر شهرة في الأطلس الكبير بين ملوية وزيز، على طريق تافلالت.

في السابعة صباحا اقتيد من قبل أعيان ناحية آيت ازدك، لأراضي عاري-عالدوم الخاضعين بشمال سلام علي-غوم، كان الضباب الذي يغطي سافلة الوادي يمنع رؤية سهل ملوية، وبتحريض من آيت ازدك ولإتمام الاستطلاع بفتح معبر للسهل، ترك الكومندار بعد تراجعه في المعبر مفرزة راكبة من اللفيف مع فرسانها على تيطم-أورمي نقطة تشعب طرق قصبة المخزن في الشرق، وزبزاط في الغرب، الممر صعب في النزول، إلا أنه لا يحتاج لعمل كبير حتى تمر به العربات، بيد أن قائد العمليات لم يرغب في العودة لاحقا لهذه النقطة، رافضا الاستجابة للطلبات الملحة لأعيان أيت -إزدك الذين أرادوا أخذه لقصبة المخزن (قصبي) حيث أعلن الشرفاء أن تواجدنا أعاد للبلاد الأمن والسلم الذي افتقدته منذ نهاية عهد مولاي الحسن.

تم إعطاء إشارة العودة، الكتيبة الثقيلة التحقت بمفرزة اللفيف، ثم بالكولون المتوجه لملاقاتها في سلام علي-كوم والذي عسكر في أيت لبِّيس في مدخل جنوب مضيق النّْزالا.

في هذه النقطة قائد الكولون بيرتراند استقبل نواب شرفاء زاوية سيدي حمزة، يقودهم ابن شقيق سيدي عبد الرحمان الحمزاوي، ذا النفوذ الواسع والضخم في الجبال وعلى وجه الخصوص في بني امكيلد، والذي يمكن أن يوازي ما عند درقاوة امهاوش، هذا الوفد أكد لكومندار الناحية خضوعهم الكامل للسلطات الفرنسية والشريفة.

في 25 ماي تابع الكولون استطلاعه، فانتقل لتازمامارت عبر طريق مختصر، لكنه وعر في فم بوطبول، في هذه المرحلة تم حل عدة منازعات بصفة مؤقتة قدمت من قبل أيت إزدك، الذين شكروه على تدخله، معبرين عن رغبتهم في تثبيت مكتب مراقبة في وسطهم، يقترح أداء على المبادلات التجارية، وضرائب عادلة.

في 26 ماي عاد الكولون لكرامة، كل جمعات أيت مسروح (أيت سغروشن من الجنوب) والقايد الهاشمي من عرب اولاد غاوس، قدموا عند كومندار الناحية لتأكيد وفاء من يمثلونهم من القبائل

يوم 27 مايْتُولى قائد الكولون أدار عمليات مطاردة أيت حمو، الذين ظهروا في بني وزين، وهي العمليات التي سيقوم الكولون بتقديم دعم لمراكز المتابعة التي أقيمت فيما مضى.

هذه النقطة نحو قصبة المخزن، التي قامت بحض الأهالي على التطلع بفارغ الصبر للحظة تمركزنا في البلاد، الذي بدأ بالجنوب منذ ثلاث سنوات باختراق سياسي واقتصادي متأن وبطيء، تزامنا مع تقدمنا لكيكو، في الجانب الآخر من الأطلس والذي تم الاستيلاء عليه من غير إطلاق أية رصاصة، بنفس الإجراء الترويضي التدريجي المنتهج سياسيا واقتصاديا وتدبيريا، حيث مثل مرحلة رائعة لنجاح الغزو السلمي الذي مع قليل من الصبر يبدو أنه يمكن تحقيقه في هذا الجزء من المغرب المقابل للاتحاديات البربرية التي تعيش هناك.

إن نظرة عامة موجزة، عن الوضع في هذه المناطق، ستجعل من الممكن تقدير المزيد من النتائج السياسية التي تم الحصول عليها على الرغم من الأحداث التي تم استعراضها، والتي سوف تبرز أكثر أهمية التقدم المحرز.

تنتمي القبائل البربرية التي تعيش في جنوب الأطلس، في معظمها لاتحادية أيت يفلمان، هذه الاتحادية غالبا ما تتصارع فصائلها فيما بينها، وتعيش في حالة مستمرة من الفوضى كقبائل أساسية وفقا لما ذهب له كلا من القبطانين: دهربيني وليدوك وهي:

أيت عيسى بها ما بين 6000 إلى 7000 نسمة

أيت إزدك أكثر عددا بها حوالي 25000 نسمة

أيت أورفلاح 6000 نسمة

أيت موغاط 300 نسمة

أيت احديدو 8000 نسمة

وأخير أيت عياش وأيت يحيى عددها غير معروف، لكن بالتأكيد أقل مما سبق.

أيت إزدك الأكثر أهمية، والأوسع سلطة من أيت يفلمان هم الأولون الذين أعلنوا خضوعهم في يوليوز 1911، ومنذ ذلك الحين لم يتوقفوا عن إعطائنا الدليل تلو الدليل على ولائهم، ولم يخرجوا قط عن ذلك الاختيار الذي رسموه لأنفسهم.

لقد اعتمدنا عليهم في المنحدر الأخر من الأطلس، من أجل التقدم نحو الجنوب جهة بني امكيلد، في ناحية مكناس، ومن جهة أخرى نحو أيت سغروشن، في الشمال، في منطقة فاس تمكنا تدريجيا من كسب الأرض باتجاه الشمال، وتوسيع دائرة نفوذنا في معظم بلاد أيت يفلمان، ثم تقسيم القبيلة لأربعة قبائل فرعية: أيت تِركان، أيت مومو، أيت موسى أوعلي، أيت يايا أوخليفة، مع عمال(رؤساء جماعة)معترف بهم من قبلنا، للعمل كوسطاء بين الفخدات، ومسؤولي المراقبة بمركز كُرَّامة التي يرتبطون بها سياسيا

شيئا فشيئا وبفضل أيت إزدك ستأتي لنا أيت يفيلمان، أيت أرفلاح أعلنت استسلامها وخضوعها رسميا لنا منذ نونبر 1911 وقد انخرطت أيت مغاب، وأيت احديدو بالفعل في محادثات مع رئيس مركز كرامة.

هذا الاعتراف الهام من يافلمان سيوازن مصلحتنا بجنوب الأطلس

التأثير العدائي للكونفدرالية البربرية الكبيرة الأخرى في الجنوب المعروفة بأيت عطا المحاربة دوما مع أيت مغاب، وأيت احديد والتي تقترب منا شيئا فشيئا

بجانب أيت إزدك المجتمعة التي تعيش في مجال نفوذها، وبالتالي ضمن نطاق عملياتنا، أيت سغروشن في الجنوب بربر من نفس أصل الذين يسكنون نواحي فاس، لكنها مفرقة لقسمين من قبل قبائل عربية، ولاسيما اولاد ناصر، واولاد خاوا المنفصلة عن اولاد الحاج، الأكثر انحيازا لأيت إزدك، والذين انتهوا بتبني الأعراف البربرية.

وأخيرا وسط هؤلاء البرابرة أو العرب المتبربرين ذوي الحس الديموقراطي الذين لا يعرفون غير سلطة الجماعة، من خلال العامل المنتخب سنويا، الممثل لهم عندنا، تعيش مجموعة دينية من الشرفاء والمرابطين في زوايا هي أقل قدرة على العيش خارج وصاية البرابرة، لكنها محاصرة من قبلهم ومفروض عليهم اتباع تعاليمهم، واختيارنا الإقامة في البلاد لأنه سيحمل لهم السلام والأمن الذي لم يتحقق إلا في عهد السلاطين الكبار من الشرفاء الذين من ضمنهم شرفاء مدغرة، الذين يعيشون على ضفاف زيز بين قصر السوق (أيت يزدك) ورتب (أيت عطا) شرفاء لقصابي على ملوية، زاوية ادويرت السبع أسفل جبال أيت سغروشن، تابعة من قديم لمولاي احمد أولحسن السعي، زاوية الساحل في أعالي بودنيب، زاوية أيت حمزة على واد انزالا، المرتبط بقوة ببني امكيلد، في منطقة انتجاع صيفي بغابة الأطلس الكبير.جديد عمليات غزو المغرب الغربي 1915م

منذ أول تواجد لنا في بودنيب، وفي خضم التشابك مع القبائل المتنوعة، والمجموعات المتعارضة المصالح، والأعراق والطوائف المعادية لنا، كان على سياستنا التحلي بالصبر.

إنشاء مركز كرامة كان خطوة كبرى نحو التهدئة في الوقت الحاضر، القيام بالاختراق سيكون تقدما مسموحا به من غير إطلاق نار، كمثل زحف عسكري على كيكو، وقصبة المخزن

الظروف وتخفيض القوات التي ستنعكس بالطبع على المشروع بتأخير تنفيذه، ومع ذلك فإن الجولة الأخيرة على الرغم من تكرارها في السابق عدة مرات، لكنها لأول مرة وصلت لتزنت-الغمت، وتمت سيطرتنا على البلد، وبذلك نكون قد قطعنا قوْل كل مُوال لأي خصم أجنبي في كل ناحية الأطلس، بفضل وضعنا العسكري هذا.

أيت إزدك ألحوا بشكل خاص بأن تعمم مثل تلك الدوريات، مطالبين بمواصلة تحكيم الكومندار في المنازعات التي تحتكم للسلاح، وتهدد بإدخال البلاد في الفوضى وانعدام الأمن

تحكيم يشبه ما قام به الكولونيل روبيرت سنة 1912 سجل بالملموس في الواقع علامة مميزة لمسؤولي سلطتنا، لأن أيت إزدك طوعا جاؤوا عندنا، من غير أن نكون قد عملنا على إخضاعهم بقوة السلاح، ولم يخضعوا بعد للضريبة، فكان من المهم عدم التخلي في الظروف الحالية عن الدور الذي تم الاعتراف به لنا تلقائنا من قبلهم.

بعد هذه الجولة طلبت أيت إزدك إقامة مكتب للاستعلامات في سهل الريش، مع ضابط يكون مستشارا وقاضيا للصلح مرفوقا بطبيب يعالج مرضاهم، ويقترح ما إذا كان من الضروري دفع ضريبة.

قياد اوطاط أيت إزدك والقايد ميمون من أيت أورفلة كتب رسائل ترحيب بكومندار الكولون، وأرسلت زاوية سيدي حمزة ممثلا لها، وبعض أعيان مغراب الذين في الدواوير قاموا مرارا بالذهاب والإياب دون إذايتهم من قبل الكولون، لما حضروا لمركز كرامة، حيث شرع أيت احديدو في التباحث هناك، أيت مسروح (سغروشن) تداولوا في الجماعة من أجل قدومهم للإشهاد على وفائهم لكومندار الكولون، وقايد اولاد خاوا قام بالتوجه رسميا لكرامة، في حين لم يفتأ شرفاء لقصابي (قصبة المخزن) وسكان هذه المنطقة المهمة يطالبون بالتمركز بصفة نهائية بالبلاد.

هذا التقدم المزدوج :في الشمال باتجاه كيكو وفي الجنوب باتجاه قصبة المخزن هيء شيئا فشيئا تطويق جزيرة معادية في بني وراين المكونة للقسم الأكبر المتمسك بالأرض.

إنشاء مركز تمحضيت على كيكو، تعتبر نقطة أخرى نحو تيتم-أرميس في واد ملوية تهيء التحام سلسلة المراز التي تحاصر بني وراين، عندما تسمح الظروف بإقامة مركز في قصبة المخزن، التي أصبح احتلالها الآن أمرا ممكنا، دون توجيه ضربة مؤلمة.

وهكذا بينما في شمال المغرب تقاتل قواتنا على جبهة واسعة، فإن الحرْكات التي يطلقها أعداؤنا باستمرار على حدودنا، ويحصلون على الدعم من المناطق البعيدة التي لا نسيطر عليها، فإننا نظل في جنوبها نحن الأسياد متحلين بالصبر، بإمكانيات محدودة ننجز ننفد هذا النسق من العمليات المتقاربة التي ستؤدي على التوالي إلى إسقاط الجزر المعادية بالأطلس المتوسط، كما سقطت جزر بني يزناسن وبلاد زيان.

الحرب وكل عمليات القوة الواجبة بالمغرب لا يجب أن تتوقف ولو لحظة، تقدم الاختراق السياسي والعسكري البطيء المتقارب، الذي يضحي الضباط فيه بتجرد في جبهة بعيدة، الحوادث الأوربية لا تؤدي إلا لتأخير ساعة الإنجازات النهائية.

(ص:185؛ سنة 1915 مجلة إفريقيا الفرنسية).

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M