لا إله إلا الله.. قصة موسى عليه السلام مع فرعون

22 فبراير 2023 10:38

هوية بريس – تسنيم راجح

كثيراً ما كنت أتأمل في قصة موسى عليه السلام مع فرعون وأفكر..

لماذا لم “يساير” فرعون موسى عليه السلام وبني إسرائيل “قليلاً” ويعطيهم كلمةً أنه صدّق بالله و”يمشّي” لهم الأمر؟
لماذا لم يقل لهم “آه تريدون لا إله إلا الله؟” “طيب، خلاص، قولوها وإن أردتم أقولها أنا، ثم عودوا لعملكم في بناء الهرم التالي!”

واليوم بحمد الله حين أراجع نفسي وأتذكر وفهمي الضيق حينها أدرك تماماً أين كان الخلل!

ففرعون علم أن كلمة “لا إله إلا الله” ليست كلمة بسيطة تقولها ثم تعود لحياتك، لقد علم أن الذي كان موسى عليه السلام يدعوه إليه كان تغيير كل ما يفعله، تحويله من شخصٍ تحكمه نزواته وأهواؤه إلى شخصٍ يؤمن ويتحكم بأمر مَلِك الملوك الذي له الحكم والأمر، والذي هو وكل الخلق سواءٌ بعبوديته والعودة إليه للسؤال والحساب!

“لا إله إلا الله” كلمةٌ تقلب الموازين، لا يتساوى ما بعدها مع ما قبلها ولا يتشابه قائلها مع منكرها في شيء، لذلك أخافت تلك الدعوة فرعون وجنوده، لذلك اجتمعوا وجعلوا يهددون نبيهم ويتباحثون في التخلص منه ويبتكرون الحيل ليوهموا الناس بأنه ساحرٌ أو كاذب عليه السلام..

كلمةٌ أخافت المتجبّر على خلق الله لأنه علم أنها نجاتهم، أرهبته لأنه علم التغيير الذي تحمله والحرية والعتق مع العبودية الخالصة التي فيها، لأجل ذلك قاتلها وهدد أهلها ومن ثم لحقهم بعدها..

كلمةٌ لا يمكن أن تتشابه الحياة فيها معها دونها..

ولعل فهمي القديم وتساؤلاتي سببها الأساسي هو أن الطريقة التي كثيراً ما كان الدين يُشرَح فيها والقصة تروى أمامنا بها توهم بأن الأمر أمر كلمة، والكافر رفض فقط أن يقولها مع أنه كان ليقولها ويمرّ الموضوع ويعود لحياته، كأن الشهادة مجرد حروف، والفرق بين المؤمن والكافر مجرد كلمات لا أثر لها ولا وزن..

ولذلك أوجه الكلام اليوم لنفسي ولكل مربٍّ تصله كلماتي..

أكد ووضّح في حكايتك وفي القصص التي تروي لأبنائك على الفرق بين المؤمن والكافر، على أنهما لا يستويان، على أثر الدين في النفس وعلى تزكيته لها وعلى إعتاقها من هواها، ليس الأمر سحراً ولا يحدث بـ”كبسة زر” لكن المؤمن والكافر ينبغي أن يكونا مختلفين في أغلب الأمور، والإيمان يؤثر على كل حياة من آمن ويوجهها وينبغي أن يغيرها عن مسار حياة الكفار..

الكافر يعيش لأجل هواه من مال وراحة ولعب وتسلية وشهادات وسيارات.. والمؤمن يعيش ليعبد الله ويؤدي الرسالة ويعمل بما يرضي الله في كل امتحاناته له، لا بأس أن يكون لك مال ولا بأس أن تتسلى، لكن فرقٌ كبيرٌ بين الغاية والوسيلة وبين تعامل المرء مع كلٍّ منهما..

فالذي خشيه فرعون هناك لم يكن قول الكلمة، إنما كونها ستسحب منه مَن استعبدهم من البشر، وستقول له بأنه سارق لأموالهم وجهودهم ولا يحل له قتل أبنائهم ولا ظلمهم بالعمل الشاق عنده ولا إبقاؤهم في الفقر وهو وجنوده في الغنى ولا استباحة نسائهم ولا ولا ولا ..
كلمة الإيمان كانت ستغير حياة فرعون اليومية وكل أعماله..

وهكذا ينبغي أن يكون الإيمان الحي في حياتنا جميعاً.. لا كلماتٍ فقط لا تؤثر كثيراً ولا تظهر في حياة قائلها..

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M