الشيخ مولود السريري يبرز مظاهر تأثير الإسلام في الأمة الأمازيغية

12 أغسطس 2020 11:02

هوية بريس – الشيخ مولود السريري حفظه الله

مظاهر تأثير الإسلام في الأمة الأمازيغية [1]

ما يكتب عن الأمة الأمازيغية من دراسات مختلفة؛ هي دراسات شملت أمورًا كثيرة تحلت بها هذه الأمة.

لكن ما حل بهذه الأمة من التغيير في سلوكها الظاهر والباطن الذي حصل بالإسلام؛ أمر مهمل، وغير معتنى به على الوجه المطلوب، وهو أولی من غيره بالاعتبار، والإبراز؛ لأنه هو الذي يرفع قدرها، ويصيرها في مرتبة الأمم العظيمة المتحررة من العقائد الفاسدة، والاستعباد الفكري والعقدي الذي قد يكون من سدنة «بكوش(1)» وغيرهم.

وهذا التغيير متجلاه الذي هو الأصل والفيصل؛ هو دخولهم في دين الإسلام، فانزاحت عنهم بذلك ظلمات الضلالة والجهل، وأنقذوا من عفن وخبث عبادة الأوثان بذلك، وصاروا على سبيل ونهج أفضل كوكبة بشرية – الأنبياء والمرسلين – على الإطلاق.

وإن كان يعتريهم من الضعف والغفلة وسوء الفهم وغلبة الجهل وأهله ما يعتري غيرهم من الناس في هذا الشأن بلا فرق، ولكن كل ذلك عارض، إذ لا يلبث إلا قليلاً، ثم يأتي بعده التجديد.

ثم أثمر هذا التغيير العقدي الفيصل تغییرات متعددة عمت جميع أحوالهم التي يمتد إليها التغيير بهذا الدين، كل فرد منهم له من ذلك ما اكتسبه على حسب جده، وجهده، وعمله.

وهذه التغييرات متجلاة في مظاهر متعددة:

● أحدها: الالتزام بذكر الله – تعالى – على كل حال.

وفي هذا الشأن: سعى إلى نشر تحلية الألسنة في هذه البلاد بحلية الإسلام، فكان ذكر الله – تعالى – عند كل حدث، وعند كل فعل؛ مما يحقق ذلك، ويوصل إليه، فبادر إليه، فكان من دیدن المسلمين في هذا البلد ذكره – سبحانه – عند كل أمر من ثمرات ذلك، فتراهم إن فعلوا أمرًا ذكروا الله – تعالى -، وإن حدث ذكروه كذلك، كبارًا كانوا أو صغارًا، ذكرانًا كانوا أو إناثًا.

ومن أمثلة ذلك:

أولاً: ذكر الله – تعالى – والصلاة على نبيه – صلى الله عليه وسلم – عند الطحن، تدور الرحى بيد المرأة ولسانها ذاکر، فيخالط صوتها صوت الرحی.

وللنساء محفوظات أمازيغية في مدح الرسول – صلى الله عليه وسلم – وذكر الجنة والنار، ومواعظ خاصة بهذه الحالة، ومما علق بالذهن من ذلك – مترجمًا -:

يا ليتني أجـد باقـة حبـق
بمقبض مرصع من الورق
تهدى إلى نبينا محمد

هذه النتفة حفظتها من زمن الصبا، وكنت أجلس وبعض العجائز يطحن أو يغزلن، ويترنمن بهذه الكلمات؛ فعلقت بذهني.

ثانيًا: الدعاء عند الانصراف من المجلس:

من عادة النساء في جبال جزولة أنهن لا ينصرفن من المجلس الذي يعملن فيه مستخرجات لنوى الهرجان، أو غازلات للصوف، أو مرقعات للثياب (…) إلا بعد أن يرفعن أيديهن، فيدعين بالخير لهن، ولأهلهن، ولا ينسين المسافرين إلى المدن للكسب والتجارة، وهم أغلب قاطني هذه البلاد.

تدعو من تكون حافظة للدعاء، وربما قد تحفظ سورًا من القرآن، والأخريات يؤمنّ في خشوع لا يخفى، ونية فطرية لم يكدرها متكلم، ولا فیلسوف.

ثالثًا: ذكره – تعالى – عند الاشتغال بالحصاد، والدراس، والبناء، والصعود، والنزول، وكل عمل يأتونه، وهذا كله منزعه من النصوص القاضية به، فذكر الله على كل حال وبقاء اللسان رطبًا من ذكره – سبحانه – معلوم أنه مقرر طلبه والأمر به شرعًا.

وما ثبت بعموم الأدلة وإطلاقها من غير معارض شرعي له يصار إلى العمل به مع ضبط كل ذلك بالضوابط الشرعية المعروفة في هذا الباب.

يتبع …

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) الصنم الذي كان يعبده الأمازيغ قبل الإسلام، قيل إنه على صورة معزی.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M