من يحمي وطننا من «داعش» بعد الله؟؟؟‎

29 ديسمبر 2015 15:21
درس من المغاربة بالكَمُون إلى «بان كي مون»

د. رشيد نافع

هوية بريس – الثلاثاء 29 دجنبر 2015

كل عصر له خوارجه، يخرجون على المسلمين، ويروعونهم، ويزهقون أرواحهم، ويخربون أوطانهم؛ وقد ظهرت في هذا الزمان طائفة تسمي الجهاد بغير اسمه تسمى “داعش”، وهم خوارج هذا العصر، الذين خرج أسلافهم على المسلمين منذ قتلهم لعثمان وعلي رضي الله عنهما إلى أن يخرج آخرهم مع الدجال كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: “يقتلون أهل الإسلام، يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم”، كما سماهم النبي صلى الله عليه وسلم “كلاب أهل النار”، و”شر قتلى قتلاهم”، يذبحون المسلمين في بلاد الإسلام، ويدمرونها، ويعتقدون أنها دار حرب، وقد قدموا لأعداء الأمة خدمة لم يتمكنوا من الحصول عليها بوسائلهم، وأعطوهم ذريعة للنيل من الإسلام والمسلمين، واحتلال بعض بلدانهم.

إن مواجهة التهديدات الداعشية الإرهابية لوطننا المغرب تتطلب فكرا أمنيا خلاقا قادرا على التعامل الإيجابي معها، وليس فقط التواجد الأمني التقليدي، إذ لابد من اعتماد مجموعة من التدابير والإجراءات الأمنية الحاسمة التي تتضاءل أمامها فرص تنفيذ المخططات العدائية الإرهابية التي تستهدف أمن واستقرار وطننا الحبيب، كما أن الاستراتيجية الأمنية تحتم علينا التعاون الوثيق مع سائر المكونات، وتطوير منظومة الأداء الأمني، والاحتفاظ بمعدلات متزايدة في مجال ضبط الجريمة، والتصدي بحزم لإجهاض تحركات العناصر الإرهابية بالخارج لنكون سدا منيعا وحصنا  تتحطم عليه أحلامهم وتنكسر به شوكتهم إلى الأبد.

فيجب علينا كمغاربة دعاة، والدعوة عامة للجميع كل بحسب قدرته ما دمنا قد استهدفنا، ولم نسلم من تهديدات الخوارج الدواعش أن نكشف زيفهم، وأن نبين ضلالهم، حتى لا ينتشر فسادهم ويستفحل أمرهم، كما يحرم التستر على أحد منهم، لأن ذلك من التعاون على الإثم والعدوان، وإثارة الفساد في البلاد، وقد قال الله تبارك وتعالى: “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ” (المائدة:2)، فمن آواهم أو تستر عليهم أو دافع عنهم أو برر أعمالهم، فإنه مشارك لهم في قتل النفوس البريئة المعصومة من المسلمين أو المستأمنين والمعاهدين والذميين، وينطبق عليه الحديث الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم: “لعن الله من آوى محدثاً” رواه مسلم.

ها هي أمتنا الإسلامية اليوم تعاني ويلات “داعش” وقبلهم القاعدة خوارج هذا الزمان، الذين لم يراعوا حرمة أحد ولا زمان ولا مكان، ولم يرعوا حديث النبي صلى الله عليه وسلم من حيث حرمة الحدث في دين الله تعالى، أو قتل المسلمين أو المستأمنين أو الذميين أو المعاهدين، بل مشروعهم التخريبي قتل الجميع، حتى الأطفال والنساء الذين حرم الإسلام قتلهم ولو كانوا كفارا، فكيف بأهل الإسلام، فلقد أذاقوا الأمة مرارة الألم، وفقدان الأمان، وحرقة في القلوب على القتلى الذين لا ذنب لهم، ولا جرم اقترفوه، فحسبنا الله ونعم الوكيل.

فعلى “داعش” التي ضلت طريق الصواب، وتنكبت سبيل الخطأ والغواية أن تحكم عقولها فيما تفعل، وأن تعود إلى صوابها، وتراجع فكرها بسؤال أهل العلم والدراية، وتتمسك بكتاب ربها، وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم، وأن يتركوا من غوى من مراجعهم ومرشديهم الذين يزجون بهم إلى التهلكة، وأن يحذروا عاقبة أفعالهم وجرائمهم في حق دينهم وأمتهم، وذلكم الباطل والضلال الذي يسيرون عليه من قبل دعاتهم، وخليفتهم المومياء الذي تولى كبر فسادهم الذي ما هو إلا كما قال فرعون لقومه: “مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ” (غافر:29)، ثم قال تعالى مبيناً سفاهة رأي فرعون وهلاك قومه عندما اتبعوه: “وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ، إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ، يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمْ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ، أُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ” (هود:96-99)، فدعاة الضلالة وخليفتهم سيحاسبون يوم القيامة عن فتاواهم، وسيتحملون أوزارهم وأوزار الذين يضلونهم ولن ينفعوهم.

إن رجال أمننا هم الذين يحمون وطننا بعد الله جل في علاه، فهم من يبذلون الغالي والنفيس لحفظ الأرواح والأموال ويسعون جاهدين لمكافحة الجريمة واستتباب الأمن في ربوع مملكتنا، نعم إنهم رجال أمننا البواسل، فكما أن لنا حقوقا عليهم، ومن أعظمها وأهمها حماية أمننا، وإيجاب سبل الراحة والطمأنينة للمجتمع كافة، فكذلك لهم علينا حقوقاً من أعظمها الدعاء لهم بالتوفيق والسداد، وهذا السلاح الفتاك ربما غفل عنه الكثيرون، فلهم منا كل الدعاء بأن ينصرهم على تلكم الفئة الباغية “داعش” التي ضلت سبيل الرشاد، ولم ترد إلا الفساد والإفساد، ومن حقوقهم علينا تسهيل مهامهم المنوطة بهم، وإرشادهم لأوكار الإرهاب وأهله.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: «ومن آوى محاربا أو سارقا أو قاتلا ونحوهم ممن وجب عليه حد أو حق لله تعالى أو لآدمي ومنعه ممن يستوفي منه الواجب بلا عدوان فهو شريكه في الجرم وقد لعنه الله ورسوله، روى مسلم في صحيحه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:لعن الله من أحدث حدثا أو آوى محدثا“».

وأقول لأهل العلم مذكرا: ثمة أصول كبار في الشريعة لا بد من تأصيل النشء عليها، كتعظيم حرمات المسلمين ودمائهم وأعراضهم، وعظمة اجتماعهم، وخطر تفريق كلمتهم، والبعد عن الافتئات على ولي أمرهم أو نزع يد الطاعة منه، أو خيانة المسلمين بأي قدر، أو تدمير الممتلكات والمرافق العامة، وشناعة التساهل في الدم الحرام -حتى للمعاهدين من غير المسلمين- ومعاملة الناس بظواهرهم وإحسان الظن بهم، وتعظيم قدر أهل العلم من الراسخين، والصدور عن فتاويهم وتوجيههم، وعدم الثقة بالمجاهيل مهما انتفخوا بزَبَدِ البلاغة والحماسة! والصحابة رضي الله عنهم قد جاهدوا الخوارج بالعلم وبالسيف، فهما قرينان فالعلم سابق فاتح والسيف ناصر حارس.

إذا لا بد من تعاون الجميع في هذا الباب كلٌّ وقدرتُه، فدحرُ هذه الفئة الداعشية الضالة مسؤولية الجميع وبكل وسيلة مشروعة بإبلاغٍ أو مناصحة أو غيرهما.

وفي الختام أسأل الله تعالى أن يوفق العلماء ورجال الأمن ويجعل التوفيق حليفهم وأن يحفظ بلدنا المغرب ملكا وشعبا من كيد الكائدين ومكر الماكرين إنه سميع مجيب.

آخر اﻷخبار
1 comments
  1. لله درك تصدع بما تؤمر وتصدر عما تضمر وتواجه بما تقرر حد العقيدة موطنك وصراط الحق مرثدك وينبوع الوحيين مشربك صورت لايجرمنكم بفعالك وفهت بفضائلهم رغم ابعادك في الربيع حذرت من مغبة الفتنة رغم تواريهم وعظمت شأن الطاعة للولي رغم جحودهم لم تطق انسانيتهم صبرا فنداوك عرفانا فأخضعت تادبا وانفت الرجوع اعتزازا وطنيتك درس يعلم للأجيال وعقيدتك سفر يحاجج به الانذال أما غيرتك احرجت عشاق الخمول ودعاة الحكمة والأصول فحركت غيرتهم فواجهوك واحييت من عزمهم فناقذوك لا عجب فهذا زمن عليك أن تتمسك بجمرتك ولو حاربوك أمضي فمعك قليل من الشرفاء يحبوك ولكلامك يعشقوك ولتوجيهاتك يجلوك ويقدروك انت تغرس فيهم غرسا يوم القيامة به الى الفردوس مع رحمة الله سيرفعوك

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M