وقفات مع اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد النساء

01 ديسمبر 2019 01:05
وقفات مع اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد النساء

هوية بريس – د.محمد ويلالي

تعددت مشاكل الأمم في زماننا، وتشابكت قضاياها حتى استعصت على الحل، ولم تجد الهيئات الدولية من مسكنات سوى الإكثار مما يسمى بالأيام العالمية، التي بلغت 164 يوما عالميا، بلغت في شهر واحد ـ هو شهر يونيو ـ 27 مناسبة. وقد يعرف اليوم الواحد خمس مناسبات، منها أيام لا يعرف جدواها، مثل اليوم العالمي للبقول، واليوم العالمي لموسيقى الجاز، واليوم العالمي لليوغا، واليوم العالمي لدورات المياه.. هذا بالإضافة إلى الأسابيع الدولية، وهي عشرة، والعقود الدولية، وهي 47، والسنوات الدولية، وهي 84، والذكريات الدولية، وهي 25.
ومن الأيام التي ازدادت وتيرة الاهتمام بها هذه السنة، “اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد النساء”، الذي يوافق الخامس والعشرين من هذا الشهر، شهر نونبر، بعد أن أقرته الأمم المتحدة، اعتقادا منها أنها تريد الدفاع عن المرأة، وبخاصة المرأة المسلمة، التي يرمونها بالتخلف عن ركب الحضارة، بسبب ما سموه بالقيود الدينية والمجتمعية التي تكبح حريتها، وتحد من انطلاقها نحو التقدم الذي وصلته المرأة الأوروبية.
ولئن أُقر هذا اليوم منذ 1981، فإن هيئة الأمم المتحدة أطلقت منذ عام 1991 حملةَ مُناهضةِ جميع أشكال العنف الموجه ضد النساء والفتيات، تستمر 16 يوماً، من 25 نونبر، إلى العاشر من دجنبر المقبل، الذي يوافق اليوم العالمي لحقوق الإنسان، حيث سيحتفى بالمناسبة في جميع أنحاء العالم بأكثر من 500 نشاط في 80 دولة.
فأيَّ عنف يقصدون؟ وأي اعتداء يرومون؟ هل هو الإيذاء الجسدي، والاعتداء المادي، وانتهاك الحرمات، واستحلال الأعراض؟ فهذا محرم في كل الشرائع، والقوانين، والأعراف، والعقول السليمة، أم هو شيء آخر؟
لقد أصدرت لجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأةوثيقةًمن 18 صفحة،أرادوها دستورا تعتمده الدول كلها، سموها: “إلغاء ومنع كافة أشكال العنف ضد النساء والفتيات”، ضمنوها ما يرونه عنفا في ثقافتهم واعتقادهم، قاصدين القضاء على ما تبقى من أسس استقرار الأسرة المسلمة، واستبدالها بالانحلال الخلقي، والانحراف السلوكي.
ففي أحد بنود هذه الوثيقة ما يأتي: يجب “منحُ الفتاة كل الحرية الجنسية، بالإضافة إلى حرية اختيار جنسها، وحرية اختيار جنس الشريك (أي: حرية اختيار العلاقة الجنسية الطبيعية أو الشاذة)”.
ويقول بند آخر: يجب “إعطاء الشواذ كافة الحقوق، وحمايتُهم واحترامُهم، وأيضا حمايةُ العاملات في البغاء”.
ـ لقد رأوا اختصاص المرأة بمهام الأمومة،من حمل، ورضاع، وتربية، أدوارا غير مدفوعة الأجر، تسهم في إفقار المرأة، التي تضطر للبقاء في البيت، مقابل إثراء الرجل، الذي يخرج للعمل وكسب المال. والبديل في نظرهم، أن تلغى قوامة الرجل على المرأة، وأن يحل محلها مفهوم الشراكة،الذي يقتضي تشريك الزوج في الأمومة، مما يفسح المجال أمام الولادة المدفوعة الثمن، تحت ما يسمونه “استئجار الأرحام”.
فقول الله ـ تعالى ـ: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) ـ في نظرهم ـ عنف تجاه المرأة، وظلم لها، ما دامت القوامة عندهم حقا مشتركا بين الطرفين.
ـ حتى الفوارق الفطرية التي ركزها الله ـ تعالى ـ في الجنسين، وما رتبه على ذلك من أحكام وتشريعات، أصبح عندهم عنفا يستهدف كرامة المرأة، وتمييزا يحط من قيمتها، ويكبل حريتها؛ فهي لا تحتاج إلى وصاية أحد عليها، حتى لو كان الأب، فلا ولاية له عليها في الزواج، ولا عصمة بيد الزوج، ولا عدة على المرأة المطلقة، ولا صداق للمرأة، ولا يحق للرجل أن يتزوج أكثر من امرأة، تحت أي ظرف أو سبب، ولا تفاضل في الإرث بين الذكر والأنثى.
ـ أماحق الزوج في معاشرة زوجته، فيجب أن يكون ـ في تشريعهم ـ مبنيا على الرضا الكامل بين الطرفين، وليس من باب حفظ أحدهما للآخر من الوقوع في الحرام، بحيث يبادر إلى إرضائه حتى ولو لم تكن له رغبة في ذلك. أماالأمم المتحدة فترى ذلك “اغتصابا” يوجب العقوبة، وإذا لمسها بدون رضاها، سمي “تحرشا جنسيا” يدخل ضمن ما يسمونه ب”العنف الجنسي”الواقع ضد الأجنبية، سواء بسواء.
وفي المقابل، يرون من العنف ضد المرأة منعَها من حريتها في إشباع رغبتها في الحرام، عن طريق الزنا، والسحاق، والشذوذ، بل وتغيير الجنس من الأنوثة إلى الذكورة. ويرونعدم تمكين الفتيات من وسائل منع الحمل ظلما واعتداء، ويبيحون في المقابل إجهاضهن، تخلصا من كل حمل غير مرغوب فيه. فإذا ولد لهن ابن زنى، فللزاني أن يسحب عليه نسبه، فيصير أباه شرعيا إن اعترف به، فإن لم يعترف به سموه ابنا طبيعيا، أي ولدته الطبيعة، وسميت أمه بالأم العازبة، وهو ما يقتضي مساواة الزانية بالزوجة، ومساواة أبناء الزنا بالأبناء الشرعيين مساواة كاملة في كل الحقوق.
ولا مانع ـ عندهم ـ أن تتزوج المرأة من صاحب دين آخر، طعنا في تشريع الله ـ تعالى ـ الذي يحرم ذلك، وتيسيرا للتطبيع مع العلاقات غير الشرعية، وتسويغا للممنوع حتى يصير مألوفا.
فانظر كيف انتكست الفطرة عندهم، فحرموا الحلال، وأحلوا الحرام، (وَزَيَّنَلَهُمُالشَّيْطَانُأَعْمَالَهُمْفَصَدَّهُمْعَنِالسَّبِيلِفَهُمْلَايَهْتَدُونَ).(وَلَوِ اتَّبَعَ الحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ).
حتى إذا ما بادرت بعض الدول المسلمة ـ ومنها المغرب ـ إلى التحفظ على بعض هذه البنود، ألفينا إلحاحا وضغطا دائمين من قبل الأمم المتحدة على هذه الدول، لرفع هذه التحفظات، إمعانا في احتقارها، وتحقيق تبعيتها لواضعي هذه القوانين المدمرة، والاتفاقيات المغرضة، بل ومهددة لها بالتدخل المباشر في الشؤون الداخلية لهذه الحكومات، وإحالتها على المحاكم الدولية، كما هو منصوص عليه في بروتوكول ملحق بالاتفاقية المشهورة ب”سيداو”.
ليس الأمر ـ في حقيقته ـ دفاعا عن المرأة، بقدر ما هو طعن في مبادئ المسلمين، التي يغلفها الحياء الرفيع، ويسيجها الخلق الجميل، كما هو في كتاب الله، وسنة رسول الله  الذي يقول: “الْحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ، وَالإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ. وَالْبَذَاءُ مِنَ الْجَفَاءِ، وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ” ص. ابن ماجة.
لقد قصدوا بتشريعاتهم البشرية النفعية، أن يحققوا أكبر قدر من استمتاع الرجل بالمرأة. وغاظهم ما عليه المسلمون من تعاليم دينهم في الاحتياط للأعراض، وحفظ النسل، وتقديرٍ للمرأة وصيانتها، فرمونا بالتخلف،والتشدد، ووضع القيود.يقولأحد الغربيين: “إن المسلمين يمكنهم أن ينشروا حضارتهم الآن بنفس السرعة التي نشروا بها سابقاً، بشرط أن يعودوا إلى أخلاقهم في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام”.
لذلك جعل أعداء الإسلام المرأة مطية لتحقيق هذا الفساد الخلقي، الذي يرونه الكفيل بتدمير المجتمعات الإسلامية.يقول أحدهم: “كأس وغانية، يفعلان في الأمة المحمدية مالا يفعله ألف مدفع”. ويقول الآخر مخاطبا مجموعة من المبشرين: “جهودكم أن تملأوا هذا الجيل بالشهوات.قدموا له المرأة العارية، والمجلة الخليعة، وكأس الخمر”.
(زُيِّنَلِلَّذِينَكَفَرُواالْحَيَاةُالدُّنْيَاوَيَسْخَرُونَمِنَالَّذِينَآَمَنُواوَالَّذِينَاتَّقَوْافَوْقَهُمْيَوْمَالْقِيَامَةِوَاللَّهُيَرْزُقُمَنْيَشَاءُبِغَيْرِحِسَابٍ).
غذي صغارك بالعقيدة إنها* زاد بـــه يتــزود الأبـــرار
لا تستجيبـي للدعاوى إنها * فِـتنٌ وفيها للشكوك مَثـارُ
لا ترهبي التيار أنت قوية * بالله مهما استأسد التيار

آخر اﻷخبار
1 comments
  1. هذا مجرد توضيح او تبيين للايتين الآية الأولى ( وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَايَهْتَدُونَ )
    والاية الثانية (زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُالدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ).

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M