“وهبي” يبحث عن فتوى.. من هو الفاعل المؤثر بالمجال الديني الرسمي في المغرب؟

24 مارس 2022 18:46
مسجد السنة الرباط

هوية بريس – د.رشيد بنكيران

لا يخفى على الجميع التوجه الفكري للسيد عبد اللطيف وهبي الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، الذي يشغل وزير العدل والحريات في الحكومة الحالية، فقد صرح بنفسه في لقاء صحفي بُعيد الفوز بالانتخابات الأخيرة أن توجهه تنويري حداثي الذي يقابله التوجه المحافظ الإسلامي حسب عبارته..

لكن رغم هذا التوجه التنويري الحداثي للسيد الوزير فإن جوابه الذي نقلته عنه بعض الجرائد قبل اليومين الأخيرين -ومنها جريدة هوية بريس-، تبين أن السياسة الدينية للدولة مؤطرة بإطار فوقي يملي على من تقلد أي مسؤولية كبيرة ترتبط بالمجال الديني أو تتداخل معها في مسائل مشتركة ألا يتجاوز الإطار المحدد سلفا.. فجواب الوزير التنويري الحداثي الذي نقلته عنه الجرائد لا يشم فيه رائحة أي تنوير أو حداثة.

وأعتقد أن أي وزير في مكانه، سواء كان ذا توجه لا ديني في أقصى اليسار، أو كان ذا توجه ديني في أقصى اليمين، لن يقول غير ما قاله الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة في خصوص المسألة التي عرضت عليه، فالإطار الديني الرسمي للدولة صنع من حديد.

ولنا في تجربة الحكومة السابقة؛ تجربة حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية خير شاهد، فقد كان وزير العدل والحريات في وقتها السيد الرميد ولم يخرج على الإطار المحدد له سلفا فيما يتعلق بالمجال الديني، فلم نلمس في عهده أي تغيير في المجال الديني كان ثمرة الاستقواء بالمنصب السيادي للحزب ذي المرجعية الإسلامية.

وهل يعني هذا أن المجال الديني الرسمي للدولة غير قابل للتغيير؟

لا أبدا، ليس هذا هو المقصود مما سبق تقريره، وإنما الغرض من ذلك هو تسليط الضوء على الفاعل المؤثر في المجال الديني الرسمي في البلاد، وفي تقديري هما فاعلان:

الأول منهما: أصحاب الإملاءات الفوقية وصناع الإطار، فهؤلاء بيدهم زمام الأمور، ويستطيعون تغيير السياسة الدينية وفق رؤيتهم ومصالحهم.

والثاني: تأثير المجتمع المدني في الناس وشدة قوته التي تتمثل في مدى تغلغل أفكاره وتوجهاته الأخلاقية في الجمهور الكبير من الشعب المغربي، فكلما كان حضوره قويا في المجتمع استطاع أن يكون له دور مؤثر في المشهد الديني الرسمي، فإن لأصحاب الإملاءات الفوقية وصناع الإطار نهجا يعتد بأراء من لديه القوة في تشكيل المجتمع والتحكم في زمامه. وقد تقدم بعض الأحزاب السياسية مساعدات لجهة معينة من الفاعلين في المجتمع المدني، لكن دورها في تغيير السياسة الدينية الرسمية بطريقة مباشرة يبقى ضعيفا.

من صور ذلك:

_ الحضور الكبير للعلماء والدعاة في وسائل التواصل الاجتماعي وتقريب مفاهيم الدين لعموم المواطنين.

_ الاشتغال بالعمل الخيري المؤطر من طرف جمعيات مدنية، والمفضي إلى إعطاء صورة جميلة على الدين ودفع الناس إلى التدين.

_ تكوين جمعيات نسوية تهتم بمعاناة المرأة المغربية والبحث عن حلول لها من خلال المرجعية الإسلامية.

_ إنشاء مراكز أو نوادي تهتم باللغة العربية وتبحث عن السبل للتمكين لها والاعتزاز بها من طرف المواطن المغربي.

_ دعم الإعلام الذي يحمل هموم القضايا الإسلامية وينشر ما يدعو إلى التمسك بالهوية الدينية.

وبناء عليه، فالاعتماد على الأحزاب السياسية في التدافع في المجال الديني اعتماد على غير مليء، ولهذا وجب على المهتمين بأمر الدين وبقائه في المجتمع أن يستثمروا في المجال المؤثر أو المجال الذي له إمكانية التأثير في المجال الديني بشكل أقوى.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M