البيان في حكم صيام النصف الأخير من شعبان

30 يونيو 2013 15:28
 

بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

أما بعد: إعلم وفقك الله أنه قد جاء النهي عن صيام النصف الأخير من شهر شعبان،
ففي (سنن الترمذي) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”إذا بقي نصف من شعبان فلا تصوموا”.
قال أبو عيسى الترمذي: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح، قلت: وفي (سنن النسائي) بلفظ: “إذا انتصف شعبان فكفوا عن الصوم”.
وفي (سنن أبي داود) بلفظ: “إذا انتصف شعبان فلا تصوموا”. وعند (ابن ماجه) بلفظ: “إذا كان النصف من شعبان فلا صوم حتى يجيء رمضان”.
 
ـ هذا الحديث اختلف العلماء في الحكم عليه فمنهم من ضعفه ومنهم من صححه والراجح إن شاء الله أنه صحيح .
وممّن صححه: الترمذي وابن حبان وابن القيم والحافظ ابن حجر، والمباركفوري صاحب تحفة الأحوذي، والألباني، وغيرهم رحمهم الله.
ومن أراد أن يطلع على تفصيل التصحيح والتضعيف فليرجع إلى البحث القيِّم لابن القيم في حاشيته على سنن أبي داود.
 
– بعدما رجحنا قول العلماء في تصحيح الحديث ننظر ما المقصود بالنهي هل هو التحريم؟ أم الكراهة؟ 
الراجح إن شاء الله أن النهي للكراهة وليس للتحريم.
لماذا قلنا للكراهة وليس للتحريم؟ 
الجواب: لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم أغلب شعبان ونحن ّنتأسى بأفعاله صلى الله عليه وسلم، فإذا قيل: أن هذا الفعل خاصٌّ به .
قلنا: الخصوصية تحتاج إلى دليل أقوى وأوضح، بل ورد أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن سبب صيامه أغلب شهر شعبان؟ 
فأجاب صلى الله عليه وسلم قائلا: “ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى ربّ العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم” رواه النسائي بسند حسن،
قلت: ولو كان هذا الأمر خاصا به لبينه كما فعل في الوصال.
 
ـ وإليك كلام بعض الأئمة:
– قال الخطابي: “..ويشبه إن ثبت أن يكون قد استحب إجمام الصائم في بقية شعبان ليتقوى بذلك على صيام الفرض في شهر رمضان، كما كره للحاج صوم يوم عرفة ليتقوى بالإفطار على الدعاء” (شرح السنة ـ للإمام البغوى).
– قال القاضي: “المقصود استجمام من لا يقوى على تتابع الصيام فاستحب الإفطار كما استحب إفطار عرفة ليتقوى على الدعاء فأما من قدر فلا نهي له..” (تحفة الأحوذي – المباركفوري).
– قال القارىء في المرقاة: “والنهي للتنزيه رحمة بالأمة أن يضعفوا عن حق القيام بصيام رمضان على وجه النشاط..”.
– قال الزرقاني: “وصح مرفوعا إذا بقي نصف شعبان فلا تصوموا ولم يأخذ به أئمة الفتوى لأنه صلى الله عليه وسلم صام شعبان كله، قالت عائشة: “ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر صياما منه في شعبان كان يصومه إلا قليلا..” (شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك).
– قال المباركفوري: والجمع بين الحديثين كما استحسنه ابن حجر في الفتح أن حديث أبي هريرة في النهي عن الصوم بعد نصف شعبان محمول على من يضعفه الصوم..”.
– وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن حديث النهي عن الصيام بعد نصف شعبان فقال: “هو حديث صحيح كما قال الأخ العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني، والمراد به النهي عن ابتداء الصوم بعد النصف، أما من صام أكثر الشهر أو الشهر كله فقد أصاب السنة” اهـ (مجموع فتاوى الشيخ ابن باز).
– وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين :“وحتى لو صح الحديث فالنهي فيه ليس للتحريم وإنما هو للكراهة فقط ، كما أخذ بذلك بعض أهل العلم رحمهم الله، إلا من له عادة بصوم، فإنه يصوم ولو بعد نصف شعبان” اهـ.

 


والله تعالى أعلى وأعلم.
آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M