الطرقيون في «حضرتهم» هل يذكرون المبتدأ وينسون الخبر؟

30 أبريل 2014 15:13
الطرقيون في «حضرتهم» هل يذكرون المبتدأ وينسون الخبر؟

الطرقيون في «حضرتهم» هل يذكرون المبتدأ وينسون الخبر؟

د. محمد وراضي

هوية بريس – الأربعاء 30 أبريل 2014

لا نريد إزعاج الطرقيين بسؤالين، نعلم مسبقا بأنهم لا يملكون الجرأة اللازمة للإجابة عليهما! لا لأن ألسنتهم غير سليطة وغير صخابة! وإنما لأن سلاطتهم -أي طول لسانهم ومكابرتهم وعنادهم- لا تفرض نفسها إلا في مناسبتين اثنتين: متى اجتمعوا في أوكارهم لأداء الذكر الجماعي من خلال مسمى “العمارة” أو “الحضرة” -ولنا عن هذه مآخذ ذكرناها في مقالنا الأسبق- ومتى أطلق أحدهم لسانه من وراء المذياع.

أو من وراء قناة مغربية أرضية أو فضائية فلكي يكيل أرطالا من التزلف والإشادة والتنويه والإطراء لمشايخ الطرق وأرباب الأوراد من أولياء الله الصالحين المزعومين! خاصة وأن هذا الذي يطلق لسانه بما يبدو له أنه على بينة من صحته! يحظى بدعم مادي رسمي تحت لواء ما بات معروفا بتدبير الشأن الديني! خاصة وأن لسان الرسميين لا يكف عن اللهج بالدفاع المستميت عن المذهب المالكي، وعقيدة الأشعري. وطريقة الجنيد؟

ولا شك عندنا الآن أن الطرقيين ينتظرون الإجابة التي يجهلونها جملة وتفصيلا! وقد يتجاهلها بعضهم فيصر على الإنكار، لأن في استمراره كنعصر من عناصر الدائرة الصوفية الضيقة، يحقق له ما لن يتحقق له ، إن هو استجاب لنداء الله ولنداء رسوله صلى الله عليه وسلم. خاصة وأن النداءين -كما ورد في الذكر الحكيم- دعوة إلى ما يحيي النفوس المتعبة! مصداقا لقوله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم!“.

لننطلق إذن للإجابة على السؤالين (عنوان المقال) من سؤالين آخرين يسهل على الأطفال المتعلمين الإجابة عنهما بما يكفي من الوضوح. سؤالان نوجههما كذلك إلى حكامنا من وزراء ومدراء الدواوين وكتاب الدولة والعمال والقضاة، والعلماء الرسميين والشعبيين، والباشوات والقواد. وخلفاء هؤلاء! وحتى إلى الشيوخ والمقدمين: ما الأفضل في الدين: قول الرسول وفعله وتقريره؟ أم قول وفعل وتقرير غيره فيه؟

لن نجيب، ولا نطلب من الطرقيين الإجابة.. ولن نطلبها ممن أشرنا إلى مراكزهم السلطوية والإدارية. ولن نذكر رئيس الوزراء بالاسم ولا وزير الأوقاف.. ولا وزير الاتصال المشرف على إذاعة المقامات الصوفية.. وأحاديث دينية أخرى لخدمة نفس الأهداف السياسية، أو لتحقيق نفس الغايات السلطوية بعبارة مغايرة!!!

إنما نصغي إلى ما ورد في كتاب “نقد العلم والعلماء” أو”تلبيس إبليس” للإمام أبي الفرج عبد الرحمان بن الجوزي (508-596هجرية) إذ يقول: “سأل شاب أبا بكر دلف بن جحدر الشبلي (247-334هجرية): لم تقول: الله. ولا تقول: لا إله إلا الله؟ فقال الشبلي: أستحيي أن أوجه إثباتا بعد نفي! فقال الشاب: أريد حجة أقوى من هذه! فقال: أخشى أن أوخذ في كلمة الجحود ولا أصل إلى كلمة الإقرار“!

فيكون من حق ابن الجوزي -كمنتصر للسنة، وكخصم لدود للمبتدعة- أن يعلق على هراء الشبلي فيقول: “انظر إلى هذا العلم الدقيق (= علم صوفي مبتدع). فإن رسول الله ص كان يأمر بقول: لا إله إلا الله. ويحث عليها. وفي الصحيحين عنه أنه كان يقول في دبر كل صلاة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وكان يقول إذا قام لصلاة الليل: لا إله إلا أنت. وذكر الثواب العظيم لمن يقول: لا إله إلا الله -ولم يذكر الثواب العظيم لمن يقول: الله الله-. فانظر إلى هذا التعاطي على الشريعة، واختيار ما لم يختره رسول الله ص“!!!

وعند مسلم في “كتاب الجنائز” من صحيحه نجد “باب تلقين الموتى: لا إله إلا الله”. حيث روى عن أبي سعيد الخدري هذا الحديث الذي يكاد يبلغ حد التواتر. وهو قوله صلى الله عليه وسلم: “لقنوا موتاكم لا إله إلا الله“! كما رواه عن أبي هريرة بنفس الصيغة.

فيكون جليا لكل ذي عقل على وعي تام بما يفيده كون الرسول أسوة حسنة لكل مؤمن ولكل مؤمنة، وبما يفيده وجوب طاعته باتباع سنته، أنه لا يباح لأي منا كمسلمين، اختيار ما نلقنه لموتانا عند الاحتضار، واختيار ما نقبله أو نرفضه من أوامره ومن نواهيه ص.

ثم نتساءل: لماذا لم ينبهنا -والفطنة من ضمن صفاته الواجبة- إلى الخطر الذي يمثله تلقين كلمة الإخلاص لمحتضرين؟ أو لا يخشى أن يؤخذ أحدهم في كلمة الجحود قبل أن يصل إلى كلمة الإقرار؟ يعني أن يقول “لا إله” ثم يتوفاه الله. وفي تلك الحالة يكون قد توفي على الكفر باعتراف منه؟ أم إنه عليه الصلاة والسلام قد زودنا بما نواجه به بدع المبتدعين وزوائد المدعين؟ أو ليس هو القائل: “إنما الأعمال بالنيات“؟ فضلا عن قوله عز وجل: “يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور“؟ وحتى لو قال ملايين المؤمنين المخلصين عند احتضارهم “لا إله” في محاولة للإفصاح عن كلمة الإخلاص كاملة،، لما عد أي واحد منهم كافرا لأجل تلك المحاولة،، فصح كما تقدم أن قول الرسول وفعله وتقريره في الدين، أفضل من قول وفعل وتقرير غيره فيه كما يعرف الصبيان والعجزة من نساء ورجال! وأنوف الطرقيين! وأنوف المروجين لضلالاتهم راغمة!!!

ونكتة أخرى غير نقلية وإنما هي عقلية تقول: إن سألنا طفلا متعلما عن معنى الجملة، فإننا لا نتوقع منه الإجابة بكونها فعلا أو حرفا أو مجرد اسم من الأسماء! وإنما يخبرنا بكونها كلاما مركبا مفيدا بالوضع. فعنده أن “قال” ليس جملة مفيدة! وأن “لم” الجازمة للفعل ليست كذلك! مثلها مثل “زيد” و”سعيد” و”عمر” و”الله” في حد ذاته. مما يعني أن تكرار اسم “سعيد” لآلاف المرات، تكرار لا معنى له. وكذلك تكرار “الله الله” لملايين المرات،، لأن ذكر اسم من الأسماء لدى النحاة مبتدأ،، والسامع حينما يسمعه ينتظر الخبر! فعندما أقول لأحدهم سعيد، لا يفهم من كلامي غير نطقي باسم محدد. لكنه سوف يقول لي إن عرفه باللغة الدارجة “ما لو”؟

وحتى نفند أكثر مزاعم الطرقيين المتصلة بتكرار لفظ الجلالة “الله الله” كذكر، نحيلهم على كتاب “الوصايا” لأكبر صوفي مغربي أندلسي، هو ابن عربي الحاتمي، المعروف لدى جمهور المتصوفة بـ”الكبريت الأحمر” وبـ”الشيخ الأكبر“!.

جاء في الوصية الخامسة قوله: “تابر (أيها المريد) على كلمة الإخلاص، وهي قولك: لا إله إلا الله، فإنها أفضل الأذكار بما تحوي عليه من زيادة علم. وقال ص:”أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي: “لا إله إلا الله” فهي كلمة جمعت بين النفي والإثبات، والقسمة منحصرة، فلا يعرف ما تحوي عليه هذه الكلمة إلا من عرف وزنها وما تزن. كما ورد في الخبر الذي نذكره في الدلالة عليها…”

وأضاف مسنتكرا التعبد بلفظ الجلالة “الله” وبضمير الغائب “هو” للدلالة عليه،، كما يفعل الطرقيون عندنا من درقاويين وبودشيشيين وكتانيين. فقال: “ولا شك أنه صلى الله عليه وسلم (عندما) قال: “أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله“. قد قال ما أشارت إلى فضله من ادعى الخصوص من الذكر بكلمة الله الله، أو هو هو. ولا شك أنه من جملة الأقوال التي “لا إله إلا الله” أفضل منها عند العلماء بالله”.

وبما أن الطرقيين لا يعدون من العلماء بالله، وإنما من الجاهلين بدينه! فإنهم استدركوا على الرسول، بحيث إنهم تجاوزوا حد التقصير في التعبد بأفضل عبارة وردت على لسان جميع الرسل والأنبياء قبله، فكان أن اختاروا كلمتين مبتدعتين، للتقرب بتكرارهما إلى الله عز وجل كما يدعون… معتمدين فيما ألزموا أنفسهم التعبد به على الهوى والاستحسان! ويرحم الله الإمام محمد بن إدريس الشافعي الذي قال بحق: “من استحسن فقد شرع“!

فتأكد لدينا أن التعبد بالاسم المفرد “الله، الله” الذي يجري تكراره على لسان الطرقيين المبتدعين لمآت المرات، مجرد إهدار للجهد المبذول! وفي الوقت ذاته إهدار للوقت! وإهدار لهما لا يتوقع من وراءه الحصول على رضى الرحمان بأي وجه من الوجوه! وإنما يتوقع الحصول من ورائه على خيبة أمل مرفقة بذنب يطال المخالفين لسنة نبي الهدى والرحمة!

والحال أن الله عز وجل يقول: “إن الذين يحادون الله ورسوله كبتوا كما كبت الذين من قبلهم“.

والمحادة تعني المعاداة والمخالفة في الحدود، أي في الحدود التي وضعها الله سبحانه لعباده وألزمهم بعدم تخطيها إن كانوا فعلا مؤمنين! وإحداها هنا هو الاقتداء بنبيه صلى الله عليه وسلم. أما الكبت فمعناه الخزي واللعن والهلاك! يعني أنه سبحانه سوف يخزي المبتدعة ويلعنهم ويهلكهم كما أخزى ولعن وأهلك من حادوه وحادوا رسله قبل الإسلام، كفعل الطرقيين والقبوريين وكافة المبتدعة الضالين المضلين في وقتنا الحاضر!

ومثله قوله تعالى: “ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب“: أي خالفوه، وعادوه وكأنهم يرفضون الاعتراف بما تضمنه كتابه العزيز! بل رفضوا من ضمن ما رفضوه الامتثال لأمره بمتابعة نبيه. أي إنهم رفضوا أمر الله ونهيه وسنة رسوله في الوقت ذاته!!!

ويقول سبحانه في نفس سورة “المجادلة”: “إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين“. والأذلون هم المحتقرون المهانون الذين لا اعتبار لهم ولا تقدير!

ومن هنا أوجب الله على المؤمنين الصادقين المخلصين اعتبارهم منبوذين متروكين! وهذا بين في قوله سبحانه: “لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم“.

فمعاداة ذوي الأرحام والقربي لبعضهم البعض، عرفت في صدر الإسلام عندما انضم بعض الآباء إلى الإسلام وبقي أبناؤهم وزوجاتهم على الكفر! فقد حارب الكثيرون إلى جانب النبي صلى الله عليه وسلم لإعلاء كلمة الله. وحارب الآخرون إلى جانب كفار قريش للقضاء على الدين الجديد، أو على الرسالة الخاتمة في المهد!

وما جاء في القرآن الكريم من وجوب مواجهة المعادين لله ولرسوله حتى يتوبوا عن ممارسة ما أحدثوه واشتغلوا به من بدع ضلالية، أوضحه صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث. ومن جملة ما ورد عنه في موضوع محاداة الله ورسوله قول علي بن أبي طالب: “حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات: لعن الله من ذبح لغير الله. لعن الله من لعن والديه. لعن الله من آوى محدثا. لعن الله من غير منار الأرض“. واللعن في الحديث هو البعد عن مظان الرحمة ومواطنها. واللعين والملعون من حقت عليه اللعنة، أو دعي عليه بها. وأصل اللعن: الطرد والإبعاد من الله. ومن الخلق: السب والدعاء.

فصح أن هذا الحديث يجمع بين القبورية (الذبح لغير الله، والاستغاثة بغيره). وبين العمل في مجالي الاعتقاد والتعبد بالمحدثات التي نهى صلى الله عليه وسلم عن إحداثها في أكثر من حديث له. فهناك قوله: “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد“! وقوله: “من أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين“!!!.

ونحن في مواجهتنا للمبتدعين عامة، وللقبوريين والطرقيين خاصة، إنما نرمي إلى تجديد الدين الذي لا يمكن أن يتم على الأرض، إلا على أساس إحياء السنن وإماتة البدع، وهو توجيه تحمله وصاياه صلى الله عليه وسلم لأمته. يكفي التذكير بقوله: “يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه انتحال المبطلين. وتأويل الجاهلين. وتحريف الغالين“!.

وعن الإمام عبد الرحمان الأوزاعي إمام أهل الشام قوله: “كان بعض أهل العلم يقول: لا يقبل الله من ذي بدعة صلاة ولا صياما ولا صدقة ولا جهادا ولا حجا ولا عمرة ولا صرفا ولا عدلا. وكانت أسلافهم تشتد عليهم ألسنتهم. وتشمئز منهم قلوبهم ويحذرون الناس بدعتهم. ولو كانوا مستترين ببدعتهم ما كان لأحد أن يهتك عنهم سترا ولا يظهر منهم عورة ، الله أولى بالأخذ بها بالتوبة عليها. فأما إذا جهروا بها (كالقبوريين والطوائف الصوفية، وكافة فرق الضلال)، وكثرت دعوتهم ودعاتهم إليها، فنشر العلم حياة، والبلاغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رحمة، يعتصم بها على مصر ملحد”.

الموقع الإلكتروني: www.islamtinking.blog.com

العنوان الإلكتروني: [email protected]

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M