حقيقةُ الإرهاب لمن يبحثُ عن الصواب!!!

22 أكتوبر 2014 11:01
انتهاء عملية التصدي للهجوم الإرهابي في بوركينا فاسو

حقيقةُ الإرهاب لمن يبحثُ عن الصواب!!!

محسن اعريوة

هوية بريس – الثلاثاء 21 أكتوبر 2014

مِنَ المعلُومِ شَرْعًا وعَقْلاً  أنَّ الحُكمَ على الشَّيء فرع عن تَصَوُّره، فتصور الأمور وبيان حقيقتها يعطي قناعة بمعرفتها ومن ثم إنزال الحكم المناسب لها، وبما أن الإرهاب مصطلح حديث نُزّل في وقتنا الحاضر على نوع من القضايا تختلف وجهات النظر في تقرير وصفها ثم الحكم عليها، لذا فلا بُدَّ لنا من أن نعرف الحكم الشرعي والواقعي الموضح لهذا المسمى، كي لا نَخْبِطَ خَبْطَ عَشْواء ونُسَميَّ الأشياء بغير مُسمّياتها، فالإرهاب شأنه شأن كثير من القضايا التي ينبغي أن تكون لها ضوابط لغوية وشرعية وواقعية كي نستشف شفراتها.

فأهل اللغة: يقولون إن الإرهاب أصلُه من الفعل -رَهِبَ على وزن فَعِلَ- أي خاف، وأَرْهَبَ: أي أَخَافَ وأفزع.

وأما أهل الاصطلاح الشرعي: فيرون أن الإرهاب هو: “العدوان الذي يمارسه أفراد أو جماعات أو دول، بَغْيًا على الإنسان في دينه ودمه وعقله وماله وعِرضه، ويشمل صنوف التَّخويف والأذى والتَّهديد والقتل بغير حق، وما يتصل بصور إخافة السبيل وقطع الطريق، وكل فعلٍ من أفعال العنف أو التهديد يقع تنفيذًا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي ويَهْدِف إلى إلقاء الرُّعب بين الناس، أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أَمْنِهم أو أحوالهم للخطر”.

وأضافت الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب إلى هذا التعريف: (……، أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق أو الأملاك العامة أو الخاصة، أو احتلالها أو الاستيلاء عليها، أو تعريض أحد الموارد الوطنية للخطر).

واسْتَثْنَت هذه الاتّفاقية من ذلك حالات الكفاح بمختلف الوسائل، بما في ذلك الكفاح المسلح ضد الاحتلال الأجنبي والعدوان من أجل التحرر وتقرير المصير، وِفقًا لمبادئ القانون الدولي، ولا يُعَدُّ من هذه الحالات كل عمل يَمُسُّ بالوحدة الترابية لأي من الدول العربية.

ولقد حرَّم الإسلامُ قتل النفس المعصومة بغير حق، وشدّد فيها تشديدًا قطعيًّا، فنهى عن قتل النفس التي حرم الله إلاّ بالحق: “ولا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ[الأنعام:151].

كما شدّد الله سبحانه على حرمة الدماء في القرآن الكريم، ووردت آيات كثيرة تنهى عن قتل النفس وسفك الدماء، وتُبيّن عِظَم هذه الجريمة البشعة والفِعلة النكراء، قال تعالى: “ومَنْ يَقْتُلْ مُومِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا[النساء:93].

وقال سبحانه: “مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا[المائدة:32]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يَحِلُّ دم امرئ مسلمٍ إلاّ بإحدى ثلاث: الثيب بالثّيِّب، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة)) رواه البخاري ومسلم. ورُوي عن البراء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لَزوالُ الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق)).

وممّا جاء في خطبة الوداع تشديد النبي صلى الله عليه وسلّم على حرمة هذه الأشياء حين سأل الناس: ((أَتدرون في أي يوم أنتم؟ وفي أي شهر؟ وفي أي بلد؟)) فقالوا: في يوم حرام، وفي شهر حرام، وفي بلد حرام، فقال: ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا)).

كما أنَّ نشر الرُّعب والتَّرويع في أوساط المجتمع يُعَدُّ فسادًا عظيمًا، ولذا صَحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم أنه قال: ((لا يحل لمسلم أن يُروّع مسلمًا))، ولا أن يحمل السلاح عليه، لِما روي عن ابن عمر رضيَ الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من حمل علينا السلاح فليس منا)) رواه البخاري، وفي رواية لمسلم: ((من سلّ علينا السيف فليس منا))، فإن هذه النصوص من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلّم تُؤكد تأكيدًا جازمًا تحريمَ ترويع المسلمين وحمل السلاح عليهم، فكيف بمن تَسَبَّبَ في إزهاق أرواح الأبرياء من المسلمين ويَتَّمَ الأطفال وأَرْمَلَ النساء ؟!

وهيا لِنَتَمَعَّنَ في أول حادثة غدر وقتل وقعت على هذه الأرض بين ابْنَيْ آدم هابيل وقابيل، عندما قتل قابيل أخاه هابيل ظلمًا وعدوانًا وحسدًا وانتقامًا، أنزل الله شرعًا يُنَفَّذ وأحكامًا تُتْلى إلى يوم القيامة، قال الله تعالى بعد حكايته هذه القصة: “مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا[المائدة:32] الآيات، فالحفاظ على حرمة إنسان واحد حفاظ على حرمات الناس كلهم، وقتل نفس واحدة يعادل قتل الناس من أول خلق آدم إلى قيام الساعة.

هذا هو الإسلام، وهذه هي تعاليمُه التي لا غُبارَ عليها، لكنَّ الإعلام هنا يَلعب دوره فيُروّج مَا شاء أن يُرَوّج. ومِمَّا لا يخفى على كلِّ ذي عقل أنَّ لهذا الدّين الحنيف وأهله أعداء، ولقد حَرِصُوا في هذا الزّمن بإلصاق هذه التّهمة بهم قدر الإمكان وذلك سعيًا للإضرار بهم فروّجوا لأباطيلهم مستعينين بسلطة الإعلام، ومِمَّا لا شك فيه أن دين الإسلام دين الأمن والسلام والعدل والخير والمساواة، وأن ما يسعى له هؤلاء الأعداء إنما هو حِقْدٌ وكَيْدٌ دفين.

تقول “جينيفر ويليامز” الباحثة في شؤون الشرق الأوسط في تغريدتها: أعتذر، قرأت القرآن لأدرس معتقدات الإرهابي فانتهيت بأن أصبحت مسلمة…، فنحن نُقِرُّ ونعترف بأنّ الممارسات الفردية الخاطئة تقع ولكنها لا يمكن أن تلصق بالأمة بأسرها أو بالإسلام وأهله، وأن ما يفعله هؤلاء الأعداء في الشعوب الإسلامية من القتل والتَّشريد والتَّعذيب والاعتداء هو الإرهاب الحقيقي وهو الظلم الجائر والتخويف المتسلط والعمل الإجرامي المقيت، والعدوان الفاحش، والظلم العظيم، وهو لون من ألوان الفساد والإفساد في الأرض، وصورة من صور المحاربة لله ولرسوله وللمؤمنين، فأفّ ثم أفّ ثم أفّ لنفس تتوق لقتل الأبرياء، وتستمرئ إراقة الدماء المعصومة.

فمن يا تُرى في واقعنا المعيش يقوم بترويع الآمنين، وإزهاق أرواح المسالمين، وزعزعة أمن المطمئنين من؟؟؟

لمَ لمْ نسمع عن أيّ تحالف دولي للقضاء على الإرهاب حين قام نصارى إفريقيا الوسطى بقطع رؤوس المسلمين وتمزيق أجسادهم؟؟

فعن أيِّ إرهاب تتكلّمون إذن؟؟؟

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M