رجولة آخر الزمان..

10 مارس 2015 22:43
رجولة آخر الزمان..

رجولة آخر الزمان..

نجاة حمص

هوية بريس – الثلاثاء 10 مارس 2015

في أيامنا هذه والتي يصفها البعض بأنها أيام مشبعة لحد التخمة بعلامات آخر الساعة، أصبح من الطبيعي جدا أن تشاهد الرجل برفقة زوجته واضعا يديه في جيبي بنطاله، بينما الزوجة تحمل “القفة”، تجر طفلا وتحمل آخر وحاملة في شهور متقدمة..

أصبح من الطبيعي أن تشاهد امرأة تتصارع مع قنينة غاز كبيرة، بينما رجال آخر زمن يمرون بقربها غير عابئين بقطرات العرق التي تتصبب على جبينها، وقد خلفت وراءها في بيتها السعيد، ذكورا ممددين أمام شاشات التلفاز، كأنما تم دهسهم للتو..

كما أصبح من الجاري به العمل، أن يتقدم ذكر لخطبة فتاة، فيشترط عليها حفظه الله، أن تساهم بقسط وافر في مصاريف الجهاز والوليمة، وان تخصص من بعد مبلغا شهريا لحضرته، كما لا ينسى بان يذكرها بواجباتها نحوه، فالطبخ والنفخ وأشغال البيت كلها من نصيبها، وهو إنسان تزوج لتحصين نفسه، لذا فعليها بأن تكون على “سنكة” عشرة لاستقباله، وتتعلم شيفرات الدلع والفرفشة، حتى يمد عينيه أو يديه أو حتى رجليه للخارج..

وعادي جدا، أن تشاهد فتاة يعترض سبيلها أو تضرب على مرأى ومسمع من رجال “الكرتون”، منهم من سيهرع لمكان الضرب والاعتداء، ليس لسخونة دم أو عودة تدفق التيستوستيرون، بل ليتفرج مبتسما على ما يحدث..

وطبيعي للغاية، أن ترى لهروب الجماعي للذكور إلى المقاهي وجنبات الطرق، كأنما اجتاحتهم ضربة تسونامي، هروب من الأعمال والواجبات واغتيالا للوقت، حتى أن أبناء وزوجات بعضهم قد نسوا ملامح تلك المخلوقات التي تقاسمهم الحالة المدنية أو عقد الزواج..

ونورمال أن يؤذن المؤذن للظهر ثم العصر ثم المغرب والعشاء، أن يكون شهر رمضان أو أيام يستحب فيها الصيام، ولاجئو المقاهي “مكانك راوح”، وقد اندثر زمان كان رواد هذه الأماكن يقصدونها لقراءة الجرائد ومناقشة أخبار الساعة، ففي زمننا هذا يتكتلون ويتجمعون لمشاهدة المؤخرات والمقدمات، ومناقشة هموم العشق الممنوع وسنوات الضياع، حتى إذا مرت تعيسة الحظ بجوارهم، رايتهم يقتلعون أنفسهم قلعا من كراسي التصقت بهم من فرط الجلوس، ويسرعون لأخذ رقم الهاتف أو الفيس بوك، مقسمين بأغلظ الإيمان على أن نيتهم هي استكمال نصف دينهم الذي لا يكمل الدين إلا به..

وطبيعي أن ترى رجلا بكامل قواه العقلية، يسرع ويهرع بكل طوله وعرضه وارتفاعه وشواربه، لمشاهدة الحلقة الجديدة من المسلسل التركي أو الهندي، ليزاحم النساء، ويثني ظهره كالمخلوق الرخوي الذي ليس له عمود فقري، فاغرا فاه، محملقا حتى لا تفوته أي لقطة، وبين الحينة والأخرى يمرر طرف كمه ليمسح “ريوق” الانتباه والتركيز..

عادي جدا أن تشاهد “كوبل”، رجل بكامل أناقته وزوجة آخر بهدلة، داخل محل يختارون وينتقون، والسي السيد كل حين وأخر يفتل شاربه، ويهز رأسه إما موافقا أو معترضا، حتى إذا جاء وقت “الخلاص” التفت إلى حرمه لتعطيه ثمن المشتريات..

وطبيعي أن تشاهد روميو يعاكس ويلاحق كل من تقع عليها عيناه، وبعدما ينجح في إيقاف إحداهن، يسألها بعيون ذابلة من كثرة الحب والهيام، أن تسجل رقم سعادته لتتصل به..

و”طغي نورمال” أن ترى ذكرا يصرخ ويرفع صوته في وجه فتاة، أسد هصور، خاصة إذا كان في جمع من الناس، يضرب الطاولة ويزبد ويرعد، مستنفذا كل الأدرينالين اللي حيلته، ينفخ صدره ويخرج كرشه، وهو ينظر يمنة وشمالا، يا ارض اشتدي، باحثا عن الإعجاب في عيون المشاهدين، وأول ما يصطدم برجل، ينقلب فارا رعديدا، مستعد لتقبيل الرأس والقدم وإبداء التوبة والندم..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

صفحة الفايسبوك:

https://www.facebook.com/pages/%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A7%D8%AA%D8%A8%D8%A9-%D9%86%D8%AC%D8%A7%D8%A9-%D8%AD%D9%85%D8%B5/636442923053853?ref=tn_tnmn

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M