الكنبوري: سيطرة حركة طالبان هزيمة لأمريكا ولشعار محاربة الإرهاب
هوية بريس – نبيل غزال
تعليقا على المستجدات المتسارعة التي شهدتها الساحة الأفغانية خلال الأيام الأخيرة، اعتبر د.إدريس الكنبوري أن الأمور بهذا البلد “لا زالت غير واضحة تماما، وهناك تضارب في المعلومات، لكن المؤكد في جميع الأحوال أن سيطرة حركة طالبان على البلاد مجددا هو بمثابة هزيمة لأمريكا ولمشروعها الإمبريالي، ولشعار محاربة الإرهاب”.
وأضاف المحلل السياسي المغربي في تصريح لـ”هوية بريس” بأن هذه الهزيمة ليس للمشروع الأمريكي داخل أفغانستان فحسب، بل هي هزيمة له على الصعيد العالمي، كفكرة وكمشروع.
ونبه أنه “لا ينبغي أن ننسى بأن غزو أمريكا لأفغانستان عام 2001 في أعقاب تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر كان عنوانا للتوسع الأمريكي ولتجديد النفوذ الأمريكي العالمي، في مواجهة أوروبا والصين وروسيا. فقد ربطت بين غزو أفغانستان آنذاك والقضاء على حركة طالبان وتنظيم القاعدة وبين القضاء على الإرهاب وتحقيق الديمقراطية، لكن بعد عشرين عاما يتبين بالملموس أن حركة طالبان ليست باقية فحسب، بل تتمتع بالقوة إلى درجة أنها فرضت نفسها على واشنطن التي اضطرت إلى قبول التفاوض معها، واعتبارها مفتاح الحل أو مفتاح الأزمة في أفغانستان، وبالتالي لا يمكن تجاوزها. فإذا كانت طالبان تمثل الإرهاب فإن أمريكا أظهرت بأنها لا مشكلة لديها مع الإرهاب، وإذا كانت حركة مقاومة فإن المشروع الأمريكي انهزم أمامها شر هزيمة.
وأضاف أنه “لا يمكن التكهن حتى الآن بخلفيات هذه السيطرة المباغتة لطالبان على أفغانستان في أيام بل في ساعات، وهروب الرئيس غاني وحاشيته، وأنا أعتقد أن الأمر لا يطرح تساؤلات أو احتمال وجود صفقة سرية كما يرى البعض. من الواضح أن الانسحاب الأمريكي أفسح الطريق أمام طالبان لأخذ البلاد في قبضتها، وهذا الانسحاب أمر طبيعي ناتج عن الفشل في تدبير ملف أفغانستان وإبقاء الاحتلال على الدوام، مع ما في ذلك من الخسائر المادية والبشرية، وهو خيار لم يطرح اليوم بل طرح مع الرئيس الأسبق باراك أوباما قبل ثماني سنوات أو أكثر، بسبب الكلفة العالية على الخزينة الأمريكية، وغياب الآفاق في أفغانستان، وبالتالي كان واضحا أن الخروج الأمريكية سيتبعه صعود قوة محلية نابعة من الشعب الأفغاني، كيفما كانت، تنهج نهج المقاومة، بصرف النظر عن خطها الإيديولوجي أو السياسي، لأن الظرفية ظرفية مقاومة لاحتلال أجنبي، وليس أي احتلال، بل الاحتلال الأمريكي، ما يجعل الأمر مزدوجا، فهو احتلال وتحد لقوة عالمية في وقت واحد.
هذا وتخوف الكنبوري من أن “تغرق أفغانستان في حرب أهلية تعيد التذكر بالاقتتال الذي حصل بين الفصائل الأفغانية في أعقاب خروج الروس عام 1991، رغم الفارق في النوع والدرجة، فرغم أن الاحتلال الأمريكي كان هو الأطول مقارنة مع الاحتلال الروسي ـ السوفياتي، إلا أنه لا توجد كثرة الفصائل المقاتلة كما كان الأمر في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، وهذا يعني أن حركة طالبان سوف تجد الطريق أمام مفتوحا بون مشاكل، لكن هذا لا يعني أنه لا توجد مخاطر، مثلا دخول قوات دولية، ونحن سمعنا الأمين العام للأمم المتحدة يحذر من تحول أفغانستان إلى منصة للإرهاب العالمي مجددا، حسب قوله، وهي إشارة إلى احتمال تدخل دولي.
ولكن إذا كان هناك تدخل دولي جديد فسوف يكون أقل بكثير من التدخل الأمريكي، ولا يوجد سوى طرف واحد يمكنه أن يلعب هذا الدور هو الطرف الأوروبي، لكن أوروبا منقسمة وهي طرف ضعيف مقارنة مع أمريكا الأطلسية، والأمم المتحدة تعرف بأنه إذا كان التدخل الأمريكي قد فشل، مع العلم أن أمريكا القوة العسكرية الأولى في العالم، فإن احتمال الفشل الأوروبي سيكون أسرع، زد على ذلك أن أي قوة عسكرية جديدة للتدخل في أفغانستان لن تشارك فيها واشنطن، لأنه لا يمكن توقع أن تخرج أمريكا لكي تدخل مرة ثانية، لأن هذا يضرب هيبتها، وليس هناك رئيس أمريكي يغامر بمثل هذا التصور الغبي”.