إغلاق الآبار ومنع السقي أكثر من 3 ساعات في الأسبوع.. إجراءات مشددة للتخفيف من آثار الجفاف في المغرب
هوية بريس – متابعات
دخل المغرب واحداً من أسوأ مواسمه مع الماء، بدأ معها إعداد سيناريوهات مواجهة الجفاف في المغرب، خصوصا بعد تراجع مخزون الماء باعتراف أعلى سلطة في البلاد، وسجل وجود عجز مائي تتجاوز نسبته 64%، مقارنة بحالة البلاد في مثل هذه الأوقات من كل سنة، ما يهدد بأزمة عطش تاريخية.
أزمة الماء إذاً جعلت الملك يترأس لقاء استثنائيا مع رئيس الحكومة عزيز أخنوش، ووزير الفلاحة والصيد البحري والمياه والغابات والتنمية القروية محمد الصديقي، انتهى بـ”برنامج استثنائي” للتخفيف من آثار تأخر التساقطات المطرية، وبلغ غلافاً مالياً إجمالياً يقدر بعشرة مليارت درهم (10 ملايين دولار).
وكشفت مصادر خاصة لـ”عربي بوست”، أن قرارات متسارعة تتخذها وزارة الفلاحة، والحكومة، للحد من آثار تأخر موسم الأمطار في المغرب، ونفاد غير مسبوق للمياه من مختلف سدود المملكة.
وأسرّت المصادر ذاتها بوجود مقترح لإنشاء “خلية أزمة”، على مستوى الحكومة، تضم وزارات الداخلية، والفلاحة، والتجهيز والماء، والطاقة وهي الوزارات التي تتقاطع في تدبير ملف المياه.
وقالت إن الحكومة عملت على التصدي للأزمة غير المسبوقة للمياه في المغرب، عبر خطوتين، الأولى تتمثل في ضبط الوضعية بشكل دقيق، والثانية هي البحث بين مختلف الفاعلين عن حلول عملية تنقذ المغاربة من العطش، وتحمي الفلاحة.
وأفادت أن الجزء الأول من الرصد والضبط انتهى إلى وجود أزمة مائية حقيقية لم يتعرض المغرب لمثيلتها منذ سنوات ثمانينات القرن الماضي، ظهرت في التراجع الكبير لمخزون المياه سواء السطحية (الأنهار والسدود) أو الجوفية (الآبار والفرشة المائية).
وسجلت المصادر أنه في مواسم الجفاف السابقة كان سد يوسف بن تاشفين يتراجع ليصل إلى حدود 30% من طاقته التخزينية للماء، لكن هذه السنة نتحدث عن 7% فقط من قدراته.
واعتبرت أن هذه الوضعية المائية انعكست بشكل مباشر على وضعية الفلاحين الذين انتقلوا من موسم فلاحي ناجح في السنة الفارطة، إلى العجز عن الحصول على حصص لسقي الحقول، وبالتالي تضرر كبير للمساحات المزروعة.
وأكدت أن تربية الماشية بدورها تعيش منعطفا خطيرا، فانحباس المطر هذه السنة تزامن مع موجة غلاء كبيرة، أثرت على ثمن الأعلاف بشكل صاروخي، ما خلق أزمة لدى مربّي الماشية، الذين شرعوا في التخلص من القطيع بأثمنة زهيدة لعجزهم عن توفير الكلأ.
وفي غضون هذا الأسبوع، شرعت وزارة الداخلية، عن طريق ممثليها في الجهات والعمالات والأقاليم، إلى التحكم في ساعات سقي المساحات الخضراء في المدن، واختيار أكثر الطرق حفاظاً على الماء، وتجنب الاستهلاك المفرط له.
كما أنها، وفق المصادر، عملت على نشر تعليمات ودوريات عن طريق المراكز الجهوية للاستثمار الفلاحي، وممثلي وزارة الفلاحة، تدعو الفلاحين إلى تقليص حاد في استعمال المياه.
كما أن بعض جهات المغرب توصلت لمذكرات لترشيد استعمال مياه السقي بالموسم الفلاحي 2021/ 2022، كما أن بعضها قلص الفترة الزمنية لزراعة الفواكه والخضر التي تحتاج المياه بكثرة، كالبطيخ بمختلف أشكاله، والطماطم.
وتفعيلاً لهذه السياسة الجديدة، أكدت مصادر “عربي بوست” أن المصالح الحكومية المعنية شرعت في وضع سياسات مشددة لتقنين استعمال الماء في المجال الفلاحي ومجالات السقي على نطاق واسع، كما وضعت سيناريوهات تتوقع الأسوأ.
من جهة ثانية، سجلت مصادر مطلعة على الشأن الفلاحي، أن هناك قرارات لم يسبق للمغرب أن فكر فيها بخصوص تدبير ملف الماء على الصعيد الفلاحي، وهي تعني أن الوضع تجاوز كل التوقعات.
وسجلت أن النقطة الأولى تتمثل في تحديد ساعات السقي في بعض مناطق المغرب إلى 3 مرات في الأسبوع، على ألا تتجاوز مدة السقي ساعة واحدة فقط.
واعتبرت أنه خلال سنوات الجفاف السابقة، كانت ساعات السقي لا تقل عن مرة واحدة يومياً، لا تقل عن 6 ساعات.
أما النقطة الثانية فهي منع الفلاحين من استعمال الآبار التي حفروها داخل أراضيهم الفلاحية بشكل نهائي، وهي المرة الأولى التي يفاجأ الفلاحون بهذا القرار.
وأوضحت أن فكرة الآبار لجأ إليها الفلاحون منذ سنوات من أجل سد شح مياه السقي الذي قد يسببه تأخر المطر، وبالتالي التخفيف من أثر الجفاف على القطاع الفلاحي.
وبخصوص هذه النقطة مضت تقول إن المغرب وضع نظام السواقي لري الحقول، وأمام شح الأمطار يقوم الفلاحون بوضع محركات داخل السواقي لجلب كميات أكبر من الماء، وهو ما دفع مسؤولي المراكز الجهوية للاستثمار، التابعين لوزارة الفلاحة، إلى مصادرة وتكسير هذه المحركات، ما زاد من خسائر الفلاحين.