مهنيو الصّحة “فئة ثلاث سنوات” بين حيف 2017 وبدعة “إذا التقى مكتسبان فاحذف ما سبق”!!
هوية بريس – عبد العزيز غياتي
شهد التعليم العالي سنة 2003 إصلاحا اعتُمد من خلاله نظام إجازة- ماستر- دكتوراه، وكان حينئذ خيارا مسؤولا ومهما، و لكن ضدّا على المنطق والعدل والمساواة مع باقي القطاعات الأخرى حُرم خريجو معاهد تأهيل الأطر في الميدان الصّحي IFCS ذوي ثلاث سنوات من التّكوين (باك+3) من الحصول على الدّرجة الأولى (السلم 10)، وكان عليهم انتظار 2011 لينالوا فقط الموافقة المبدئيّة على معادلة الدبلوم المحصّل عليه بالإجازة كبند من بنود اتّفاق 5 يوليوز 2011 مع المركزيات النقابيّة، وتلكم كانت أولى المظالم التي أصابت جميع فئات الممرّضين وتقنيي الصّحة خرّيجي هذه المعاهد.
وعلى الرّغم من صدور قرار للوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة تحت رقم 13-977 صادر في 7 جمادى الأولى 1434 (19 مارس 2013)، بتحديد قائمة الشهادات الوطنية المطلوبة لولوج مختلف درجات الوظيفة العمومية، حيث أصبحت بمقتضى هذا القرار الإجازة المهنيّة المسلّمة من طرف المعهد العالي لعلوم الصّحة بسطات ISPITS (قبل أن تعمّم هذه المعاهد على الصعيد الوطني) تُخرّج ممرّض وقابلة وتقني الصّحة من الدّرجة الأولى (السلم 10)، لم يكن له أيّ أثر إيجابي على المهنيين، لتكون هذه هي ثاني المظالم التي أصابت الممرّضين وتقنيي الصّحة خرّيجي ISPITS و IFCS على حد سواء. أمّا ثالث المظالم فهي حرمان فئة الممرضين وتقنيي الصّحّة ذوي تكوين ثلاث سنوات المرتّبين في السّلم 10 و11 قبل صدور المرسوم 2.17.535 في 28 شتنبر 2017 المنشور بالجريدة الرسمية رقم 6616 والذي سيعيد الحق الذي طال انتظاره لفئة معيّنة دون فئات أخرى.
وعلى الرّغم من تجرّع هذا الحيف المتراكم عبر السنين أمام لامبالاة الوزارات المتعاقبة وتجاهل المركزيات النقابيّة، الناتج بالأخص عن التنزيل المعيب لمرسوم 2017 الذي لم يحترم مبدأ المساواة الوارد في دستور المملكة، والذي يقتضي ترقية كلّ خريجي معاهد تأهيل الأطر في الميدان الصّحي IFCS (باك+3) إلى السلالم الموالية دون تمييز على أساس ما قبل أو ما بعد صدور المرسوم، فقد اعتُبر منْح أقدمية سنتين اعتباريتين الواردة في المادة 27 منه مكتسبا لا مفرّ من التشبث به مع الاستمرار في المطالبة بالإنصاف الشامل.
ويحلّ 7 شتنبر 2022 تاريخ إصدار المرسوم 2.22.681 المتمخض عن اتفاق 24 فبراير 2022، والذي تدّعي الحكومة من خلاله تسريع ترقية الممرضين وتقنيي الصحة وفق معيار جديد بإضافة 3 و4 و5 سنوات اعتبارية كلّ حسب تاريخ توظيفه كما جاء في المادة الثانية منه، وتنبجس منه بشرى ثلاث سنوات أقدمية اعتبارية تُمنح لهذه الفئة على أساس تاريخ التوظيف، لكن تنزيله مع الأسف الشّديد جاء لينسف مكتسب 2017 على علّاته، حيث ألغيت السنتان الممنوحتان في 2017، ولَعَمْرِي هذه هي أمّ المظالم.
والحقيقة أنّ السنتين الممنوحتين بموجب مرسوم 2017 كانتا فقط بمثابة ترضية وتعويض غير عادل، أقدمت عليه الوزارة بدل الترقية إلى السلالم الموالية على قدم المساواة مع الممرضين وتقنيي الصحة الآخرين الذين استفادوا فعلا من المعادلة الكاملة لديبلوم IFCS بالإجازة، أمّا الثلاث السنوات الواردة في مرسوم 2022 فمتعلّقة بالأقدمية في الوظيفة التي استفاد منها الجميع، ومن زاوية أخرى قد يُعتبر سابقة في تاريخ الإدارة المغربية التعامل مع الشّغيلة بقاعدة “إذا التقى مكتسبان فاحذف ما سبق”، على الرّغم من أنّ المكتسب الأول عمّر خمس سنوات وترتّب عن تطبيقه ما ترتّب عنه من إجراءات إدارية، ولا علاقة تذكر بين أسباب نزول المكتسبين، وبالتالي لا يمكن دمجهما بدون سند قانوني، كما لا يمكن لأحدهما أن يلغي الآخر، فكيف إذن تستدعي الإدارة مبدأ اللارجعيّة لمنح الفتات والحرمان من المعادلة في 2017، وتسلك سبيل الرجعيّة لاسترجاع هذا الفتات بعد عدّة سنوات من منحه؟ وكيف تسلب الوزارة باليسرى ما منحته من قبل باليد اليمنى؟
والسؤال اليوم هو، هل سيستمر مسلسل المظالم إلى أجل غير مسمّى، أم سيكون فاتح مارس 2023، تاريخ الحوار الاجتماعي القطاعي، فاتحة خير لتحريك مياه القطاع الراكدة وتصفيتها من بؤر الحيف التي عمّرت أكثر من اللازم؟ خاصّة وقد لمس محاورو السيد مدير الموارد البشرية بوزارة الصحة يوم 15 فبراير2023 نية صادقة لإدراج ملف هذه الفئة على طاولة الحوار آملين أن يلقى تجاوبا من قبل النّقابات.