قتال المقاومة وتقتيل إسرائيل
هوية بريس – سعيد الغماز
المقاومة تقاتل، وجيش الاحتلال يلجأ إلى تقتيل المدنيين.
هذه هي خلاصة ما يحدث في غزة. فبعد مواجهات مباشرة بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال، وصفها الطرفان معا بالعنيفة، تكبد جيش الاحتلال خسائر كبيرة في الجنود وفي العتاد، وأُرغم على الاعتراف بقتل 13 جنديا من قواته، فيما صرح الناطق الرسمي باسم المقاومة، أن الجيش الإسرائيلي إذا كانت له الجرأة بالحديث عما وقع في ساحة المعركة، لسقطت حكومة نتنياهو على الفور. وعوض أن يقوم الجيش الإسرائيلي بتنفيذ تهديداته بتصفية حماس، قام بالانتقام من السكان المدنيين بتفجير العديد من البنايات وسط مخيم جباليا، باستعمال ستة قذائف تزن كل واحدة منها طنا من المتفجرات.
عدم قدرة الجيش الإسرائيلي على المواجهة المباشرة مع المقاومة الفلسطينية، وهو ما يعكسه بجلاء تردده الكبير في دخول قطاع غزة، جعله ينتقم من المدنيين، بهدم مساكنهم على رؤوسهم. هذه المجازر التي تصفها المنظمات الدولية بجرائم حرب، تقع تحت أنظار المنتظم الدولي، وبرعاية الدول الكبرى التي تبدو مواقفها مساندة للتطهير العرقي والتهجير القسري لسكان غزة. هذه الإبادة الجماعية لسكان غزة، جعلت أصوات بعض الضمائر الحية في الغرب، تدين الهمجية الإسرائيلية، ومنها من استقال من منصبه في منظمات الأمم المتحدة والكونغريس الأمريكي والبرلمان الأوروبي.
أمام صمت العالم، يقوم جيش الاحتلال بتصريف عدم قدرته على مواجهة المقاومة الفلسطينية، بتقتيل المدنيين والانتقام منهم. وهو ما سيفتح معركة حقوقية وإنسانية أخرى إلى جانب المعركة العسكرية. لقد صوت أكثر من ثلثي دول العالم على قرار توقيف الحرب وإدخال المساعدات واحترام القانون الدولي الإنساني، وهو ما يعكس عزلة إسرائيل وأمريكا دوليا. وستزيد معركة القانون الدولي الإنساني من عزلة كيان الاحتلال، وجعل دولته خارجة عن القانون الدولي.
لقد كان من المتوقع أن يعجز جيش الاحتلال عن مواجهة المقاومة الفلسطينية، لأنه مباشرة بعد الهجمة البطولية لعناصر المقاومة، بدأ يطلب المساعدات من أمريكا ومن الدول الغربية. فلو كانت إسرائيل تشكل فعلا الجيش الذي لا يقهر، لما طلبت المساعدات من أحد، ولخاضت المواجهة مع المقاومين مباشرة بعد الملحمة البطولية للفلسطينيين. طلبَ الجيش الإسرائيلي المساعدة من أمريكا وحلفائه الغربيين، فأرسلت أمريكا أكبر حاملة الطائرات التي تتوفر عليها، وأضافت الثانية، وتعاقبت زيارات رؤساء الدول الغربية لتقديم الدعم ولرفع معنويات جيش إسرائيلي منهار. هذا التحرك الغربي الغير مسبوق، جعلنا نتصور أن الجهة المقابلة ليست قطاع غزة المحاصر منذ أكثر من 16 سنة والذي لا تزيد مساحته عن 365 كم مربع، وإنما قطاع غزة العظمى الذي يواجه الدول العظمى. إنها فعلا مفارقة تحتاج لأكثر من تحليل وأعمق من تفكير.
ماذا بقي لإسرائيل بعد ملحمة 7 أكتوبر؟
لم يبق لإسرائيل بعد 7 أكتوبر إلا طائرات إف16 الأمريكية على الصعيد العسكري، والفيتو الأمريكي في مجلس الأمن على الصعيد السياسي. أما إسرائيل كدولة، فقد أصبحت عاجزة عن الاستمرار ككيان قائم بذاته. فلو لم يكن جيش الاحتلال يتوفر على الطائرات الأمريكية، لسقط جنوده كأوراق الخريف أمام ضربات المقاومة، كما وقع في معركة مخيم جباليا حيث قتل المقاومون العديد من الجنود الإسرائيليين، ولم يجد جيش الاحتلال سوى الطائرات الأمريكية للانتقام من المقاومة بتقتيل المدنيين وتدمير منازلهم. أما على الصعيد السياسي، فإن تصويت أكثر من ثلثي دول العالم في الجمعية العامة للأمم المتحدة، يعكس توجه الرأي العام الدولي لعزل الكيان الإسرائيلي، لتبقى دولة إسرائيل تراهن على الفيتو الأمريكي.
لقد بصمت ملحمة 7 أكتوبر على تحول عميق في موازين القوى في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهو ما يُرعد حكومة الاحتلال ويُؤرق المستوطنين ويقض مضجع المحتلين.