الدكتور بنكيران يكتب عن: الحياة الطيبة
هوية بريس – د. رشيد بن كيران
﴿مَنۡ عَمِلَ صَـٰلِحا مِّن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤۡمِن فَلَنُحۡیِیَنَّهُۥ حَیَوٰة طَیِّبَة وَلَنَجۡزِیَنَّهُمۡ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ مَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ﴾ [النحل97].
♦ اختلفت تفسيرات العلماء للحياة الطيبة التي وعد الله بها عباده العاملين المؤمنين المخلصين؛
فمن المفسرين من علقها بالآخرة وتأولها بنعيم الجنة.
ومن المفسرين من علقها بالدنيا -وهو الأرجح بدلالة السياق- لكن اختلفوا في تأوليها؛
✓ فمنهم من فسرها بالقناعة، روي ذلك عن علي بن أبي طالب والحسن البصري وزيد بن وهب ووهب بن منبه، وهو اختيار ابن جرير الطبري.
✓ ومنهم من فسرها بالرزق الحلال الطيب، روي ذلك عن ابن عباس وغيره.
✓ ومنهم من فسرها بعبادة الله مع أكل الحلال.
✓ ومنهم من فسرها بالتوفيق إلى الطاعة، قاله الضحاك.
✓ ومنهم من فسرها بالمعرفة بالله، حكي ذلك عن جعفر الصادق.
✓ ومنهم من فسرها بحلاوة الطاعة، قاله أبو بكر الوراق.
✓ ومنهم من فسرها بالسعادة، روي ذلك ايضا عن ابن عباس.
♦ قلت:
المتأمل في هذا الاختلاف لتفسير الحياة الطيبة سيجده أن معظمه من الاختلاف التنوع وليس من الاختلاف التضاد، وأن بعضه يصب في بعض ويؤول إليه:
• فمن رزق المعرفة بالله وعرف الله وفق لطاعته واستشعر حلاوتها ونال بذلك السعادة.
• ومن رزق القناعة اكتفى بالقليل ورضي بالرزق الحلال الطيب ونال بذلك أيضا السعادة.
• ومن كان من أهل العبادة وطاعة الله مستشعرا حلاوتها قانعا بحلال الدنيا زاهدا في حرامها نال بذلك سعادة الدنيا.
• ومن كرم الله سبحانه وتعالى وهو أهل لكل كرم، أنه إذا رزق عبده المؤمن سعادة الدنيا أكرمه بسعادة الآخرة وهي الأعظم وآل أمره إلى الجنة. اللهم اجعلنا من أهلها.
♦ ولهذا ، يمكن أن نختصر لب هذا التأمل بعبارة رشيقة ونقول:
الحياة الطيبة هي القناعة بالموجود والرضا بالموعود.
نسأل الله أن يجعلنا من عباده العاملين المؤمنين ويرزقنا الحياة الطيبة.
اللهم ارزق إخواننا في أرض العزة والصمود الحياة الطيبة.