الجزائر وخيار التصعيد!

17 أكتوبر 2024 20:02
اتحاد علماء المسلمين يدخل على خط توتر العلاقة بين المغرب والجزائر

هوية بريس – الصادق بنعلال

“أنا أؤكد هنا لأشقائنا في الجزائر، بأن الشر والمشاكل لن تأتيكم أبدا من المغرب، كما لن یأتیکم منه أي خطر أو تهديد؛ لأن ما يمسكم يمسنا، وما يصيبكم يضرنا، لذلك، نعتبر أن أمن الجزائر واستقرارها، وطمأنينة شعبها، من أمن المغرب واستقراره” – ملك المغرب 2021

أ – من المسلم به دوليا أن المغرب يدافع عن وحدته الترابية أمام أنظار مجلس الأمن الدولي منذ خمسين سنة، وجانب من شعب الصحراء يطالب بتقرير مصيره عبر “الاستفتاء”، و لأن هذا الاستحقاق الاستفتائي لم يعد قابلا للتنفيذ والأجرأة والتفعيل على أرض الواقع، اقترح المغرب حلا آخر سنة ٢٠٠٧ تمثل في “الحكم الذاتي الموسع” تحت السيادة المغربية، أولا للمساهمة في وضع حد لمعاناة آلاف المحتجزين في مخيمات تندوف بالجزائر، المحرومين من أبسط متطلبات العيش الكريم، وثانيا للانخراط في بناء اتحاد مغاربي قابل للحياة والتطور والإقلاع التنموي، الذي غاب عن المنطقة عقودا من السنين، أي طيلة مرحلة “استقلال” الأقطار المغاربية.

ب – وكان يفترض أن يناقش الصحراويون الانفصاليون العرض المغربي بحرية واستقلالية بعيدا عن الإملاءات الجزائرية! إذ أن اقتراح الحكم الذاتي المغربي ليس قرآنا منزلا، لا يمكن مناقشته أو التعليق عليه، إلا أننا مكثنا ندور في حلقة مفرغة منذ أكثر من ١٧ سنة، في “نقاش” عقيم غير مفيد للبلاد والعباد، واستعراض “مواقف ومبادئ وشعارات” عبر الفضائيات والمواقع الإخبارية، الباحثة عن الفرجة والإثارة والاستفزاز! والجزائر مصرة على إشعال الحرائق السياسية، وقرع طبول الحرب التي هي (ما علمتم وذقتم) بتعبير حكيم شعراء الجاهلية زهير بن أبي سلمى.

ج – وهكذا أضحى المعنيون بالشأن السياسي الإقليمي والعالمي متيقنين بأن النظام الجزائري طرف أساسي ومحوري في هذا النزاع المصطنع، رغم كونه يقول ويعيد القول، إنه لا يحمل أي أطماع في الصحراء الغربية المغربية، ولا دخل له في قضية معروضة على المؤسسات الدولية ذات الصلة، وأنه مجرد “ملاحظ” لا أقل ولا أكثر من ذلك. وهذا هو الذي يحدو بالمغرب الرسمي إلى دعوة مسؤولي الجارة الشرقية إلى الحوار المباشر والجاد والمسؤول، والحال أن هذا “الطرف الملاحظ والمحايد” صدرت عنه قرارات ومواقف غرائبية، مست جوهر الحياة الإنسانية في المجال المغاربي! لقد قطعت الجزائر العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، وأغلقت أجواءها في وجه الطيران المغربي المدني والعسكري، وحافظت على غلق حدودها البرية في وجه المغاربة منذ سنة 1994، وأوقفت العمل بأنبوب الغاز المار إلى أوروبا عبر المغرب، وقتلت مواطنين مغاربة دخلوا بالخطأ إلى الحدود البرية والبحرية بدم بارد، وفرضت التأشيرة على كل من يحمل جنسية مغربية للدخول إلى أرضها .. ولعلنا قد “نفاجأ”  بقرارات أخرى تنطلق انطلاقا من قصر المرادية أكثر جنونا واندفاعا! بل إن الجزائر التي “ليست طرفا” في النزاع الصحراوي تستدعي سفراءها بإسبانيا وفرنسا وتجمد اتفاقيات تجارية هامة بينهما، فقط لأن هاتين الدولتين اتخذتا موقفا سياديا مستقلا، ليس ضدها (الجزائر) بل في موضوع يخص المغرب وجبهة البوليساريو الانفصالية! واستدعت سفراء أوروبيين “لتأديبهم واستفسارهم” عن مدى التزام بلدانهم بقرار المحكمة الأوروبية! هذه بعض من المغامرات الانتحارية التي تقدم عليها الجزائر وهي عضو “ملاحظ”، فماذا لو كانت غير ذلك؟

د – على ضوء ما سبق، على مسؤولي هذه الدولة الجارة، التي تضم مواطنين إخوة لنا في التاريخ والجغرافيا واللغة والدين.. أن يقفوا ولو مرة واحدة في حياتهم وقفة تأمل، ليعيدوا النظر في كل ما له علاقة بالمغرب والتوجه المغاربي عموما، من السهل إعلان الحرب!  ومن الصعب إيقافها والخروج منها بأمن وسلام! إن ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا، كما أن في وحدتنا قوة وتضامنا واستقرارا، وطياَّ لصفحة الخلاف والضعف والاقتتال الذي لا يبقي ولا يذر! وانتقالا إلى العمل المشترك القائم على التعاون والتآزر والاحترام المتبادل والأمل في غد أفضل، “فأما الزبدُ فيذهبُ جُفاءً وأما ينفعُ الناسَ فيمكثُ في الأرض”!

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M