إشكالية نسبة الشخص الإرهابي للإسلام

25 أبريل 2019 11:43
إشكالية نسبة الشخص الإرهابي للإسلام
هوية بريس – مصطفى الحسناوي

حين نشرت خبرين عن العملية الإرهابية في سريلانكا، وقلت أنها من تنفيذ تنظيم إسلامي متطرف، تلقيت وابلا من التعليقات والاعتراضات، على وصفي للتنظيم بالإسلامي.

فقال البعض أن هذا يسمى أسلمة التطرف، وأني أكرر مايقول أعداء الدين، وأن هذا تحامل على الإسلام، وأن العملية وراءها اعداء الدين، وأن غرضهم محاربة الإسلام والمسلمين، وأنها مؤامرة ماسونية صهيونية…. وهلم جرا.
لا أدري صراحة كيف يفكر بعض المعترضين، وإن كنت متأكدا أن غالبيتهم بسطاء في تفكيرهم، سذج سطحيون في تحليلاتهم، مقلدون يكررون مايتم تلقينهم. لكن لاشك ان بين المعترضين أشخاص يفهمون، ومع ذلك يعترضون، اعتقادا منهم أنهم ينتصرون للإسلام.
فهل الانتصار للإسلام، هو أن تلصق جريمة نفذها مسلم بجهة أخرى؟
هل الانتصار للإسلام، هو أن تنفي الإسلام عن المنفذ، فتدعي ان المجرم غير مسلم؟
حين أقول أنا أو غيري أن الجريمة نفذها تنظيم إسلامي، أو نفذها مسلمون، فإنه من باب تحديد الجهة والمسؤولية، وليس فيها اتهام للإسلام كدين ولا للمسلمين بعمومهم.
أسمع خبرا عن جريمة في جزيرة الواقواق، فأحب ان أعرف هل المنفذ مسلم أم بوذي أم يهودي ام مسيحي أم ملحد أم يميني متطرف؟
أحب أن أعرف كباحث، أي علامات أو إشارات أو رموز أو شعارات، تحدد لي خلفية المنفذين، هل رسموا صليبا معقوفا، هل رفعوا سبابتهم، هل كبروا، هل أحرقوا مصحفا، هل من أثر يدل على الخلفية الدينية أو الإيديولوجية أو السياسية للمنفذين، يهمني ذلك جيدا.
حين نقول عملية إرهابية نفذها مسلمون أو جماعة إسلامية او تنظيم إسلامي، فقط لنحدد ونميز ونعرف، لكي نستطيع التعاطي مع الحدث وتفسيره.
تخيل معي، تتبنى العملية، جماعة لها زعيم ديني يدعى “زهران هاشم”، معروف بنشاطه الديني وخطبه التحريضية التكفيرية.
ومع ذلك تجد من يقول هذه مؤامرة من أعداء الدين، وفلم محبوك لتشويه الإسلام ومحاربة المسلمين.
فلم ومسرحية؟؟؟؟ لا أدري صراحة كيف ذلك؟
هل أعداء الدين خلقوا شخصا من عدم لم يكن موجودا ولامعروفا، إنه “زهران هاشم” يعرفه المسلمون في سيريلانكا؟
هل أعداء الدين، صنعوا له فيديوات فيها خطب تحريضية ووضعوها في اليوتوب منذ سنوات، ولم يكن هو على علم بها؟
هل أعداء الدين يحفظون القرآن ويحفظون الأحاديث ويسردون الأدلة والتأصيلات على جريمتهم، لقد أصبحوا فقهاء إذن أعداء الدين هؤلاء؟
إن هذا الهروب إلى الأمام لايحل المشكلة أبدا، ودفن الرأس في الرمال، لاينهي هذا الإجرام بتاتا.
حين تتهرب من المشاكل التي ينتجها المسلمون، والمشاكل التي ينتجها تأويل محرف أو تفسير محرف للدين، أو المشاكل التي تنتجها جماعة أو طائفة أو مذهب أو فرق، وتلصق ذلك باعداء الدين، كن متاكدا انك لم تحل المشكل، سيرتمي المزيد من أبنائك في نفس المشكل، لانك لم تبين لهم فساده، ولم تحذرهم من انحرافه، وأوهمتهم ان المشكل كل المشكل في المؤامرات التي يسهر عليها الأعداء، فهم وحدهم المسؤولون عن مشاكلنا وانحرافاتنا وأخطائنا، نحن لانخطئ أبدا.
الأعداء ليسوا في حاجة لفعل مثل هذه الأمور، ليبرروا تدخلا أو سيطرة أو تحكما بشعوبنا، هم متحكمون ومتقدمون ومسيطرون حقا.
وإذا أرادوا استغلال فرد أو اختراق جماعة لتنفيذ خطة ما، فإنهم يجدون الأرضية خصبة لذلك، يجدون عن هذه الجماعة أدبيات ومعتقدات وكتب وتوجيهات، تسهل مأموريتهم، لايقدمون لهم كتاب تلمود أو كتاب إنجيل أو المانفستو الشيوعي، أو كفاحي لهتلر، ويقنعونهم بما فيه، هؤلاء المنفذون، حتى إن كانوا عملاء لجهة ما، فهم يستدلون ويؤصلون من داخل فهم للإسلام، أعداء الإسلام لاعلاقة لهم بهذا الفهم وهذا التأويل، لم يكتبوه أو يؤسسوه أو ينشؤوه، أعداء الإسلام لم يدسوا لنا في كتبنا، تلك الخلافات عن التكفير وتكفير النوع وتكفير العين والعذر بالجهل وقيام الحجة وفهم الحجة والنواقض، وتوسيع ذلك أو تضييقه
حين ظهر الخوارج ونظروا لمعتقداتهم، وحين اشتعلت الانقلابات بين السلاطين والامراء في التاريخ الإسلامي، كان ذلك كله أو جله، مشاكل داخلية للجسم الإسلامي، لم ينشئه أعداء الإسلام، وهو أمر طبيعي، موجود في تاريخ كل البشرية.
تاريخ البشرية المتدينة والوثنية وغير المتدينة، كله حروب وتكفير وإقصاء ودماء وأشلاء واستغلال واستعمار وغزو وعنف وانقلابات ومؤامرات، بتبريرات دينية أو سياسية أو إيديولوجية أو مصلحية، كان كذلك ولايزال مستمرا نراه بأعيننا.
لكن الإشكال كل الإشكال، في الذين يجعلون من التاريخ الإسلامي صفحة سوداء لابياض فيها، والذين يجعلونه صفحة بيضاء لاسواد فيها.
هذه الكائنات السوداء التي تظهر في الصورة، منا وإلينا، نبتت في تربتنا، وترعرعت على أرضنا، وسقيت بتراثنا، فانتقت منه مايوافق نفسيتها، مدفوعة بمؤثرات خارجية عديدة، منها الظلم والاستبداد والفقر والتهميش والتمييز، فأنتجت هذه الخلطة قنابل شديدة الانفجار، بعضها انفجر، وبعضها إذا بقينا مستمرين على دس رؤوسنا في الرمال، فسينفجر فينا ومن حولنا وفي كل مكان، قريبا.

آخر اﻷخبار
2 تعليقان
  1. السلام عليكم ورحمة الله : السيد مصطفى ما أظن أنك أصبت في مقالك… أنت مسلم وغيرتك على الإسلام تقتضي منك أخي أن تذب عنه بكل ما استطعت، خصوصا من خلال منبرك هذا الذي يسره الله لك، عندما تقول أخي عن الأعمال الإرهابية بأنها إسلامية فأنت تضر بشخصك أولا لأنك أنت مسلم… ثم ما الذي يمنعك أن تقول إرهابية وتكتفي حتى لا تلبس الأخبار… وأود أن أعلق على أمر آخر ذكرته في مقالك هذا.. ذكرت الذين يقولون بأن الأعمال الإرهابية مصطنعة و متفق عليها وكذبت مقولتهم … الذي يجب أن تفهمه أخي الفاضل أن القصد أن أيادي خفية تندس بين من يحملون الفكر المتطرف ربما استخباراتية لها مصلحة ما… فتسهل الأمور لهؤلاء المجرمين دون أن يحسوا … وهكذا أخي مصطفى تصنع الأعمال الإجرامية الإرهابية… كان عليك أن تعتذر عن عنوانك و تنتهي المسألة… لكن الإنسان كما وصفه خالقه جل و علا (( وكان الإنسان أكثر شئ جدلا)) أي أكثر مراء و خصومة… والسلام عليكم ورحمة الله

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M