الشيخ الكتاني يكتب عن: التطور التاريخي لمدونة الأسرة المغربية

06 أكتوبر 2023 15:56

هوية بريس – د.الحسن بن علي الكتاني

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وسلم

مقدمــة

اعلم، رحمك الله، أن الأسرة هي اللبنة الأساسية التي يتكون منها المجتمع، ولذلك فقد أنزل الله تعالى أحكامها في كتابه الكريم، وفصلها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد تفصيل، ومن الكتاب والسنة تكون لدينا فقه إسلامي عظيم، هو أحكام الأسرة. قال تعالى: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» (الروم:21).

وتتكوَّن الأسرةُ في الإسلام من الزوج والزوجة والأبناء، بخلاف الدعوات التخريبية الهدَّامة التي تجعل الأسرة القانونية من الجنس المتماثل: رجلًا ورجلًا، وامرأة وامرأة؛ فهي أسرة تتكون من المساحقات ومن اللوطيين.

وقد تعرضت الشريعة الإسلامية كلها لحرب شعواء بعد احتلال بلادنا من القوات الغربية الكافرة (فرنسية وإسبانية)، ثم لما انسحبت من بلادنا تركت أبناءها الذين ربتهم على عينها فقاموا بالمهمة على أتم الوجوه، فتعطلت الشريعة في جميع أبوابها، واستبدل القانون الوضعي الجاهلي بها، ولم يبق إلا قانون الأسرة الذي بقي مستمدا من الفقه الإسلامي.

فما كان من هؤلاء العلمانيين الذين تغذوا بلبان الغربيين إلا أن طالبوا بتعديله كي يوافق أهواءهم. وقد مرت محاولاتهم في بلادنا المملكة المغربية بخطوات بطيئة منذ الاستقلال سنة 1375 إلى يومنا هذا، نظرا لاصطدامها بممانعة إسلامية من العلماء والشعب كله قوية رافضة لكثير من تلك التغييرات.

فاعتمد العلمانيون على تغيير الشعب تدريجيا عبر السيطرة على التعليم والثقافة وغيرها وبذلك استطاعوا تغيير أفكار الناس وممناعتهم.

وهنا نذكر خطوات التغيير، وأنه وإن كان بطيئا فو يتقدم شيئا فشيئا، وبالمقابل فالممانعة القوية التي كانت بدأت تضعف، والأصوات المقاومة تتلاشى وتخفت.

وإذا كانت مرحلة دسترة الأسرة قد جاءت كنتاج لمدونة الأسرة المغربية، فإن هذه قد مرت بمسلسل ابتدأت حلقاته منذ 22 محرم 1377 (19 غشت 1957) ولا زلنا نعيش حلقاته إلى حدود كتابة هذه الأسطر. فما هي مختلف المراحل التي عرفها قانون الأسرة المغربي حتى وصل إلى صيغته الحالية؟

المبحث الأول: عرف مسار إصلاح مدونة الأسرة المغربية مدا وجزرا انتهى بصدور مدونة الأسرة

برزت ضرورة النظر في القوانين المغربية بعد حصول المغرب على استقلاله وذلك بشكل يجعلها متلائمة مع خصوصية المغرب المستقل، ومن هذه القوانين قانون الأسرة الذي يعتبر من أخطر القوانين التي يجب أن توليها العناية عند صياغتها، ذلك أنه ليس قانونا ينظم العلاقة بين أفراد المجتمع بما يكفل تحقيق النظام في المجتمع ويزيل أوجه التعارض بين المصالح المختلفة، لكنه قانون ينظم النواة الأساسية التي تهدف الى الحفاظ على النوع الإنساني، وهي الأسرة.

إضافة إلى أن المغرب كانت أحكامه مستمدة من الشريعة الإسلامية، وفق المذهب المالكي، وأعراف البلاد. ولم يكن لديه قانون مسطر كما هو معروف في الغرب.

تبعا لذلك، كانت أولويات الملك محمد الخامس هو إخراج قانون للأحوال الشخصية ينهل من أحكام الشريعة الإسلامية والفقه الإسلامي فـي مجـال الأسـرة.

وقد سار الملك الحسن الثاني على نفس خطى والده وذلك بتعديل مدونة الأحوال الشخصية سنة 1413 (1993) استجابة لضغوطات الجمعيات العلمانية، خاصة فعاليات الحركات النسائية.

أما الملك محمد السادس فقد صنع الحدث لأنها المرة الأولى في تاريخ المغرب الذي تحال فيه مدونة تتعلق بالأسرة على البرلمان للمصادقة عليها، واعتبر ذلك عند العلمانيين مؤشرا إيجابيا لرد الاعتبار للمؤسسة التشريعية وتفعيلها ودعوتها إلى تحمل مسؤولياتها في هذا المجال.

المطلب الأول: شكلت مدونة الأحوال الشخصية أول قانون ينظم العلاقة بين مختلف مكونات الأسرة

صدرت مدونة الأحوال الشخصية بموجب 5 ظهائر سنة 1377 الذي تكونت بموجبه لجنة، ترأسها الشيخ علال الفاسي، لدراسة مشروع مدونة الأحوال الشخصية إضافة إلى مذكرة إيضاحية قدمتها وزارة العدل التي كان على رأسها آنذاك المحامي العلماني عبد الكريم بن جلون، واعتمدت في اقتراحاتها على العلوم الحديثة مثل علم الاجتماع وعلم النفس وعدد من الإحصائيات الميدانية لتعزيز خلاصاتها بضرورة توخي العدل والإنصاف ورفع الضرر عن المرأة المغربية وضمان استقرار الأسرة. فهل اعتمدت اللجنة التي عينت من أجل وضع المدونة على هذا التقرير؟

لقد عقدت اللجنة ثلاث اجتماعات فقط في شهر ربيع الاخر سنة 1377 للموافقة على نصوص كتابي الزواج والطلاق اللذين يعتبران أكثر خطورة نظرا لارتباطهما بمستقبل الأسرة المغربية واستقرارها الذي هو استقرار المغرب، وبعد صياغة المقرر العام للجنة تدوين الفقه الإسلامي أورد فيه الاتفاق المبدئي على جواز الأخذ بأقوال الفقهاء على الصيغة التالية: “سواء كانوا من أصحاب المذاهب الأربعة أو غيرهم، إذا كان في ذلك جلب للمصلحة ودفع للضرر والاحتكام للعقل، الفقه يتعقل لأن الفقه ما هو إلا وسيلة لمعايشة الأفراد فيما بينهم، وهذه المعايشة أصبحت أهم مما كانت عليه من قبل لتشابك المصالح”.

وأهم ما تمت مؤاخذته على مذكرة مقرر اللجنة ومذكرته التوضيحية، هو التجاهل النهائي لمشروع وزارة العدل الذي سبقت الإشارة إليه أعلاه.
أربع سنوات بعد صدور مدونة الأحوال الشخصية وبالضبط في سنة 1381 (1961)، تقدمت لجنة مكونة في مجملها من رؤساء المحاكم بمشروع للتعديل، وبعده في 1385 (1965) وعقب صدور قانون توحيد القضاء مشروع ثان، لكن المشروعين تم طمسهما ولم يريا النور لسبب وحيد هو أنهما كانا جريئين في علمانيتهما والمناقضة لشرية رب العالمين.

توالت، عقب ذلك، المبادرات الرسمية الهادفة إلى إعادة صياغة نصوص مدونة الأحوال الشخصية، وذلك بتناول مقتضياتها بالتعديل، فتشكلت خصيصا لهذا الغرض اللجنة الوزارية المنبثقة عن وزارة العدل سنة 1394 (1974)، غير أن الفشل كان حليفها، وهو نفس المصير الذي ختم أعمال اللجنة الملكية التي عينت فـي 1401 التي كلفت بإحداث مدونة جديدة.

ولعل سبب هذه الإخفاقات المتلاحقة يعود بالأساس إلى غياب إجماع وطني بين مختلف مكونات الحقل السياسي، وفعاليات الشأن الفقهي بالمغرب. ناهيك عن تهميش دور فعاليات المجتمع المدني العلماني في الإصلاحات، وهذه الفعاليات العلمانية خاصة الحركة النسائية المغربية، راكمت تجربة بلغ مستواها من مستوى تقديم الملفات المطلبية كل تنظيم على حدة وتعميمها على الرأي العام والدفاع عنها أمام أصحاب القرار إلى مستوى إعادة النظر في تنظيماتها وهياكلها ووسائل عملها لتتخذ قرارا تاريخيا بشأن أسلوب عملها، فقد ثبت وتأكد لكل مكونات هذه الحركة ولو بشكل متفاوت في الاستغراب بأن عطاءها على مستوى الأداء وتدبير ملف مدونة الأحوال الشخصية لن يكون إيجابيا إلا بالاعتماد على أسلوب وحيد: توحيد صفوفها والدخول في عمل تنسيقي وحدوي يمكنها من أن تتحول إلى قوة ضاغطة لها وزنها في الساحة.

وهـو مـا أفـرز تعديـل مدونـة الأحـوال الشخصيـة في 23 ربيع الأول 1414 ( 10 شتنبر 1993).

المطلب الثاني: تم تعديل مدونة الأحوال الشخصية بطلب وإلحاح من فعاليات الحركات النسائية وبتأييد من الملك الحسن الثاني.

تعتبر سنوات 1410 أهم المراحل التي عرفها مسلسل إصلاح المدونة، نظرا للحركية الكبيرة التي شهدها هذا الملف، تعزز أساسا بمبادرة اتحاد العمل النسائي الذي اتخذ مبادرة في21 شعبان 1411 موافق 8 مارس 1991 بالإعلان عن انطلاق الحملة الوطنية من أجل تغيير المدونة بدعوى مخالفة نصوصها للدستور والاتفاقيات الدولية، تلتها ندوة صحفية لنفس المؤسسة الجمعوية في 8 مارس 1992 بالرباط قصد تجميع المطالب التي تشكل أساس الحملة التي أطلقها الاتحاد سنة 1991.

مباشرة بعد ذلك وبالضبط في 21 صفر 1413 موافق 20 غشت 1992 ألقى الملك الحسن الثاني خطابا أصبحت بمقتضاه مدونة الأحوال الشخصية من اختصاص الملك، و هو ما حدا به لتشكيل لجنة تعديل مدونة الأحوال الشخصية برئاسة الدكتور عبد الهادي بوطالب توجت بإصدار مدونة الأحوال الشخصية بتاريخ 23 ربيع الأول 1413 (10 شتنبر 1993).

ركزت تعديلات مدونة الأحوال الشخصية الأساسية على الطلاق، بحيث وضعت حدا للطلاق الغيابي الذي كان يعطي الصلاحية للزوج لتطليق زوجته غيابيا و على الحضانة كذلك بحيث جعلت الأب يحتل المرتبة الثانية بعد الأم في ترتيب الحاضنين (ف 99 )، بعدما كان يحتل المرتبة السادسة قبل تعديل 1413، كما تم تحديد سن الحضانة في 12 سنة للفتى و 15 سنة للفتاة بعدها يختار الاثنان الطرف الذي يريدان العيش معه، كما أصبح بالإمكان رفع دعوى استعجاليه قصد الحكم بالنفقة في مدة محددة، كما كان أيضا ضمن التعديلات، إنشاء مجلس العائلة الذي أحدث بمرسوم ملكي.
غير أن الجمعيات النسائية لم تستسغ هذه التعديلات التي لم تحقق أغلب متطلباتها وعبرت عن استيائها منها.

وأملا في إيجاد مدونة قادرة على استيعاب الواقع الجديد للمرأة المغربية العلمانية ومؤسسة للعلاقة المتكافئة بين الرجـل والمرأة تأسيسا على المرجعية الإسلامية إلى جانب المرجعية الدولية المتمثلة أساسا في المواثيق والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمرأة، قرر الملك محمد السادس إعادة النظر بشكل جذري في مدونة الأسرة.

المطلب الثالث: مهدت خطة العمل الوطنية لإدماج المرأة في التنمية لولادة مدونة الأسرة الجديدة

شكل “مشروع خطة العمل الوطنية لإدماج المرأة في التنمية” منعطفا حاسما في الإعداد المادي والنفسي لظهور المدونة، ففي 14 شوال 1419 موافق فبراير 1998 تكونت ورشة عمل نظمتها كتابة الدولة المكلفة بالتعاون الوطني، بدعم من البنك الدولي وبمشاركة القطاعات الوزارية، والجمعيات النسائية والحقوقية والتنموية؛ من أجل تحديد المجالات ذات الأولوية فيما يتعلق بوضع المرأة المغربية، ووضع خطة عمل إجرائية.

وفي حكومة التناوب الاشتراكية، أشرفت كتابة الدولة المكلفة بالرعاية الاجتماعية والأسرة والطفولة، بمساهمة من البنك الدولي، وبمشاركة بعض المنظمات النسائية والحقوقية، على صياغة خطة العمل هذه، وقد صدرت في 1419 تحت عنوان: “مشروع خطة العمل الوطنية لإدماج المرأة في التنمية”. يقع المشروع في أكثر من 200 صفحة، وينقسم إلى ثلاثة أجزاء:

– الجزء الأول: عام، يتحدث عن دواعي تهييئ الخطة وأهدافها و منهجيتها، ونقد للسياسات السابقة في مجال إدماج النساء.

– الجزء الثاني: يشخص المجالات الأربع ذات الأولوية التي ينبغي تدارك النقص فيها، وهي:

1.محور الأمية و التمدرس؛
2.الصحة الإنجابية؛
3.إدماج المرأة في التنمية الاقتصادية؛
4.التمكن الذاتي للنساء في المجالات القانونية والسياسية والمؤسساتية.

– الجزء الثالث: يطرح خطة العمل الإجرائية، على شكل جدول تفصيلي.

أثار مشروع خطة العمل الوطنية لإدماج المرأة في التنمية ردود فعل قوية من لدن المجتمع المغربي المسلم بمختلف فئاته التنظيمية و الجمعوية بل وحتى الرسمية منها، بين مؤيد ومعارض، بدء باللجنة العلمية التي أنشأتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ومرورا بالبيانات المتكررة لرابطة علماء المغرب ومختلف فروعها وجمعية العلماء خريجي دار الحديث الحسنية، إضافة إلى البيانات الصادرة عن العديد من الهيئات والجمعيات والأحزاب الأخرى، و كذلك المسيرات الرافضة لها ويتعلق الأمر أساسا بمسيرة الدار البيضاء المليونية، والتي قادها علماء الحركة الإسلامية.

بالمقابل، نادت مجموعة من فعاليات المجتمع المدني إلى تأسيس جبهة للدفاع عن حقوق المرأة والنهوض بها وتطبيق بنود الخطة، ولكل من الاتجاهين مبرراته التي يستند عليها في تبني الرأي والرأي الآخر.

عموما، شكلت هذه الخطة النقطة التي أفاضت الكأس وتسببت أساسا في ارتفاع حدة النزاع بين جميع الأطراف المهتمة بالمرأة والأسرة، بين تيار علماني دخيل، وتيار إسلامي أصيل ممثل للشعب المغربي، الأمر الذي استدعى التدخل الملكي لكن بشكل مختلف هذه المرة وذلك قصد الاستجابة لرأب الصدع الذي أصبح يهدد المجتمع المغربي بمختلف مكوناته، عبر عنها في 3 صفر 1422 موافق 27 أبريل 2001 حين أعلن عن تشكيل اللجنة الملكية الاستشارية المكلفة بتعديل بنود المدونة برئاسة الأستاذ إدريس الضحاك الذي تم استبدال محمد بوستة به ، فدخل هذا الملف منعطفا جديدا بعد ذلك توج بحسم الخلاف مباشرة بعد الإعلان الملكي بقبة البرلمان في 23 رجب 1422 موافق 10 أكتوبر 2003 عن التعديلات الجوهرية في مدونة الأسرة.

المبحث الثاني: جاءت مدونة الأسرة بعدة مستجدات شكلت قطيعة مع أحكام مدونة الأحوال الشخصية

يعتبر الخطاب الملكي الذي وجهه الملك محمد السادس يوم في 23 رجب 1422 10 أكتوبر 2003 لنواب الأمة بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة الثانية من الولاية التشريعية السابعة للبرلمان، أرضية عمل وخارطة للطريق من أجل التطبيق السليم لبنود مدونة الأسرة الجديدة، ليس بإبرازه للمستجدات التي جاءت بها المدونة فقط، و إنما للتوصيات والتوجيهات التي تضمنها الخطاب الملكي السامي، ومنها إيجاد قضاء أسري عادل، وعصري وفعال، لا سيما وقد تبين من خلال تطبيق المدونة الحالية، أن جوانب القصور والخلل لا ترجع فقط إلى بنودها، ولكن بالأحرى إلى انعدام قضاء أسري مؤهل، ماديا و بشريا ومسطريا، لتوفير كل شروط العدل والإنصاف، مع السرعة في البت في القضايا، والتعجيل بتنفيذها. إضافة إلى الإسراع بإيجاد مقرات لائقة لقضاء الأسرة، بمختلف محاكم المملكة، والعناية بتكوين أطر مؤهلة من كافة المستويات، نظرا للسلطات التي يخولها هذا المشروع للقضاء، فضلا عن ضرورة الإسراع بإحداث صندوق التكافل العائلي. دون إغفال ضرورة إعداد دليل عملي، يتضمن مختلف الأحكام والنصوص، والإجراءات المتعلقة بقضاء الأسرة، ليكون مرجعا موحدا لقضاء الأسرة، وبمثابة مسطرة لمدونة الأسرة، مع العمل على تقليص الآجال، المتعلقة بالبت في تنفيذ قضاياها الواردة في قانون المسطرة المدنية، الجاري به العمل.

سجلت مستجدات مدونة الأسرة قفزة عملاقة في اتجاه علمنة قانون الأسرة

يمكن اعتبار المستجدات التي جاءت بها مدونة الأسرة بمثابة تحقيق للحداثة. فما هي أهم هاته المستجدات:

– تغيير الاسم من مدونة الأحوال الشخصية إلى مدونة الأسرة و ذلك تجسيدا للاهتمام بجميع أفراد الأسرة؛

– التعريف بالفئات التي تخضع لمدونة الأسرة حيث لم يكن لهذا التعريف وجود في النصوص السابقة؛

– جعل النيابة العامة طرفا أصليا في جميع القضايا المشمولة بأحكام هذا القانون؛

– تغيير تعريف الزواج من ميثاق غرضه الإحصان وتكثير سواد الأمة بإنشاء أسرة تحت رعاية الزوج، إلى ميثاق غايته الإحصان وإنشاء أسرة مستقرة تحت رعاية الزوجين؛

– تفصيل أحكام الخطبة بعد أن كانت مختصرة في فصلين اثنتين في المدونة السابقة، مع تقرير الحق في تعويض الضرر الناتج عن فسخ الخطبة و هو من المستجدات؛

– توحيد سن الزواج في 18 سنة سواء الذكور أو الإناث مع إمكانية النزول عن هذا السن بناء على إذن خاص صادر من قاضي الأسرة المكلف بالزواج؛

– فتح ملف للزواج بالمحكمة؛

– إمكانية اتفاق الزوجين على طريقة خاصة لتنظيم مواردهم المالية و ممتلكاتهم المتحصلة خلال فترة الزواج بمقتضى عقد خاص يتضمن اتفاقهما؛

– حسم الولاية في الزواج بجعلها حقا للمرأة الرشيدة تمارسه حسب اختيارها ومصلحتها؛

– تعديل تعريف الصداق بالتأكيد على قيمته المعنوية وليس المادية مع التنصيص على عدم لحوق التقادم بالمطالبة به؛

– منع التعدد إذا خيف عدم العدل بين الزوجات، كما يمنع في حالة وجود شرط من الزوجة بعدم التزوج عليها؛

– منح مكانة متميزة لإرادة الطرفين بتخصيص ثلاثة مواد للشروط الإرادية بعد أن كانت تقتصر في فصل فريد في المدونة السابقة؛

– تدخل النيابة العامة من أجل إرجاع أحد طرفي العلاقة الزوجية إلى بيت الزوجية سواء أكان الزوج أو الزوجة؛

– في حالة تعذر الإصلاح واستمرار الشقاق، فإن المحكمة تثبت ذلك في محضر وتحكم بالتطليق وبالمستحقات، مراعية مسؤولية كل واحد منهما عن الفراق في تقدير ما يمكن أن تحكم به على المسؤول لفائدة الزوج الآخر، مع ضرورة البث في دعوى الشقاق في أجل لا يتجاوز ستة أشهر من تاريخ تقديم الطلب؛

– التنصيص على حقوق أساسية للأطفال على أبويهم، وذلك سواء أثناء قيام العلاقة الزوجية بين الوالدين أو حتى حين وفاة أحدهما أو كلاهما وكذا في حالة انتهاء العلاقة بينهما لأي سبب كان، مع التنصيص على ضرورة توفير رعاية خاصة للأطفال المصابين بإعاقة وتكليف النيابة العامة – بما لها من سلطات وإمكانيات – بالسهر على مراقبة تنفيذ هذه الأحكام؛

– التأكيد على أن البنوة بالنسبة للأم والأب تعتبر شرعية إلى أن يثبت العكس ، كما أن النسب يثبت بالظن ولا ينتفي إلا بحكم قضائي، ثم إنه إذا نتج عن الاتصال بشبهة حمل وولدت المرأة ما بين أقل مدة الحمل وأكثرها، ثبت نسب الولد من المتصل، ويثبت النسب الناتج عن الشبهة بجميع الوسائل المقررة شرعا، كما أنه إذا ظهر حمل بالمخطوبة وحالت ظروف قاهرة دون توثيق عقد الزواج، فإنه يتسبب للخاطب للشبهة إذا توفرت الشروط المنصوص عليها في المادة 156؛

– أصبح من حق المحكمة اختيار من تراه صالحا للحضانة سواء من أقارب المحضون أو غيرهم وإلا اختارت إحدى المؤسسات المؤهلة لذلك؛

– التنصيص صراحة في المدونة على أن الحضانة تستمر إلى حين بلوغ سن الرشد القانوني للذكر والأنثى على حد سواء، وهو ما وضع حدا للكثير من النقاش والاختلاف الذي كان حاصلا حول الموضوع؛

– رفع السن التي يحق فيها للمحضون اختيار من يحضنه ( ولكن فقط من أبيه أو أمــه) حين بلوغه الخامسة عشر سنة من العمر فأصبحت الأنثى – خلاف ما كان عليه الأمر في مدونة الأحوال الشخصية سابقا والتي كانت تحدد لها سن 12 سنة – أصبحت الأنثى والذكر على حد سواء بالنسبة لسن اختيار الحاضن؛

– أجرة الحضانة ومصاريفها على المكلف بنفقة المحضون وهي غير أجرة الرضاعة والنفقة، كما أنها تعتبر مستقلة في تقديرها عن تكاليف سكنى المحــضون؛

– عدم إفراغ المحضون من بيت الزوجية، إلا بعد تنفيذ الأب للحكم الخاص بسكنى المحضون، مع وجوب تحديد المحكمة للإجراءات الكفيلة بضمان استمرار تنفيذ هذا الحكم من قبل الأب المحكوم عليه، مثل إلزام الأب بتقديم كفالة مالية أو شخصية لذلك، أو إجراء حجز على البعض من أمواله، أو إمكانية الاقتطاع من المنبع الذي يحصل منه على الدخل (مثل الراتب أو الأجر) ؛

– إمكانية إعادة النظر من طرف المحكمة في الحضانة متى ثبت أن ذلك في مصلحة المحضون؛

– التنصيص صراحة على أن زواج الحاضنة الأم لا يسقط حضانتها؛ إذا كان المحضون صغيرا لم يتجاوز سبع سنوات أو يلحقه ضرر من فراقها، وكذا إذا كانت بالمحضون علة أو عاهة تجعل حضانته مستعصية على غير الأم، أو كان زوجها قريبا محرما أو نائبا شرعيا للمحضون، أو كانت هي نفسها نائبا شرعيا للمحضون، وذلك بالطبع تحت رقابة القضاء وسلطته التقديرية. مع الإشارة إلى أن زواج الأم الحاضنة يعفي الأب من تكاليف سكن المحضون وأجرة الحضانة، على خلاف النفقة، التي تبقى واجبة على الأب؛

– إلزامية تقديم طلب الطلاق للمحكمة التي تبت فيه بغرفة المشورة، وتقوم بمحاولات لإصلاح ذات البين وتحقيق التوافق بين الزوجين، و تحديد المحكمة التي يجب تقديم الطلب إليها إلى جانب استدعاء المحكمة الزوجين لمحاولة الإصلاح بينهما؛

– ضرورة البت في دعاوى التطليق لإخلال بشرط في عقد الزواج أو للضرر أو لعدم الإنفاق أو للعيب أو الإيلاء والهجر بعد القيام بمحاولة الصلح خلال أجل أقصاه ستة أشهر، ما لم توجد ظروف خاصة؛

– في حالة اتفاق الزوجين على مبدأ الخلع واختلافهما حول المقابل، يمكنهما اللجوء للمحكمة التي تقوم بتقدير مبلغ الخلع وذلك بعد محاولة الإصلاح بينهما.

خاتمــة

راهن مخططو القانون المغربي، من خلال مدونة الأسرة، على احترام المبدأ الدستوري الذي يجعل الرجل والمرأة سواسية أمام القانون، بالإضافة إلى مختلف الاتفاقيات الدولية التي تكرس تلك المساواة وتحرم كل أشكـال العنـف والتمييز ضد النساء مع الاهتمام الكبير بحقوق الطفل.

ومن خلال ملامسة المستجدات التي جاءت بها المدونة، نستشعر بقوة أننا أمام مدونة تختلف بعض جوانبها جوهريا عن مدونة الأحوال الشخصية ونلمس طبيعتها الاجتهادية المبنية على المصلحة.

وقد أحببت من خلال هذا التأريخ أن أنبه كل مسلم مخلص لدينه في بلادنا إلى أن العلمانيين يعملون بخطط دؤوبة، ويواصلون الليل بالنهار ليصلوا لهدفهم الأساسي، وهو علمنة القانون المغربي تماما ليصبح كالقوانين الأوروبية الغربية، لا ترجع لدين ولا شريعة ربانية، بل يرسمها البشر وهم من يخطط لها.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M