امحمد الهلالي يكتب: ليس دفاعا بل مدافعة

03 نوفمبر 2017 17:41
مع هاجر الريسوني ضد ممتهني كرامتها وضد المتاجرين بقضيتها

هوية بريس – امحمد الهلالي
يتواصل معي بعض الإخوة والاصدقاء ويعربون عن تضامنهم معي فيما يعتبرونه هجوما أتعرض إليه من بعض اخواني أو بعض أنصار حزبنا، وإذ أعرب عن شكري لهؤلاء الإخوة والأصدقاء على مشاعرهم النبيلة، أحب أن أخبرهم أنني لا اشعر بتاتا بأي تضايق مما يكتبه المخالفون لرأيي، خاصة في لحظة تتسم بغلبة المشاعر الغضبية على التفكير العقلاني المتوازن، كغيرها من المراحل الصعبة التي نجتازها ونكون فيها في موقع الدفاع عن المبادئ والقيم والمنهج، ولا نساير ما يريده الجمهور بل نختار ما ينفع الجمهور ولو بعد حين كما تعلمنا من الزعيم نفسه.
لقد اعتدنا في مثل هذه اللحظة ان يعذر بعضنا البعض وان نعفو عن اللمم اذا مس اشخاصنا وذواتنا؛ وتربينا على التصدق بأعراضنا في سبيل الانتصار لقيمنا ومبادئنا.
وفي هذا الصدد اجدد مسامحتي وتسامحي مع الجميع مهما بلغت حدة كلماته وفضاضة تعبيراته واستسمح الجميع في المقابل في نطاق تشبثي اكثر من اي وقت مضى وبلا هوادة بقناعتي بمدأ سمو المؤسسة رغم مكانة المؤسسين وقدسية المبادئ ومكانة الاشخاص. واستعد لادفع ثمن ذلك ليس في سمعتي وحسب، ولكن حتى في أغلى ما أملك روحي وحريتي لأنني انخرط في مشروع يجعل الآخرة افقا للدنيا والمبدا فوق الموقف.
ولمن لا يعرف الهلالي ويتهجم عليه لخلاف معه او لاي اعتبار اخر احب ان أعرفه بنفسي حتى يتبين اكثر من هذا العبد لله الذي يجاهر بالسوء معه من غير رخصة.
فانا عبد لله فقير لي مواطن قوة ومواطن ضعف، ورجائي من خالقي هو أن ترجح كفة حسناتي على كفة سيئاتي ولا أتحرج ممن يهديني عيوبي.
فقد التحقت بالعمل التلمذي للحركة في بداية تتلمذي الثانوية قادما اليها من فيافي المغرب العميق ومن روافد الصحوة الاسلامية المباركة التي انار شعلتها شيوخ كبار من داخل المغرب ومن خارجه، في مقدمتهم الشيخ كشك والزنداني والالباني وابو بكر الجزائري والسيد سابق والقطان وتقي الدين الهلالي والجردي والفزازي الاب والباشري وعبد الاله بنكيران وعبد الله بن المدني وابو زيد المقرى وغيرهم… ورسمت عضويتي في سنة الباكالوريا وانتقلت الى الجامعة مؤسسا للعمل الطلابي في كلية جديدة للحقوق بمكناس رفقة ثلة قليلة يتصدرها خالد الرحموني وعلي السهول .. وتدرجت في التكليف بالمسؤوليات الطلابية المختلفة من مسؤول عن العمل في مؤسسة الى المسؤولية الوطنية للقطاع الطلابي للحركة وعلى المستوى التمثيلي، انتخبت اول كاتب عام لتعاضدية الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بكلية الحقوق سنة 1996 وانتخبت اول رئيس لمنظمة التجديد الطلابي سنة 2003 .
كما كنت اول شاب ينتخب في عضوية المكتب التنفيذي للحركة عن سن 32 سنة حيث شرفني إخواني بمهام جسيمة منها مسؤولا عن شباب الحركة ومسؤولا عن التكوين المركزي في الحركة ثم كاتبا عاما للحركة ثم نائبا ثانيا لرئيس الحركة وحاليا مسؤولا عن العمل المدني للحركة ورئيسا للمركز المغربي للدراسات والابحاث المعاصرة. أما حزبيا فقد تم انتخابي عضوا في المجلس للوطني للحزب وكنت عضوا في لجنة التنسيق بين الحركة والحزب مركزيا.
ونقابيا كنت عضو المجلس الوطني للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب والكاتب العام المؤسس للجامعة الوطنية للتعمير والاسكان والتنمية المجالية.
ومهنيا عشت البطالة كغيري، وساهمت في تأسيس ما عرف بالمجموعة الموحدة لحاملي الشواهد العليا، وكان يمكن أن أستجيب لعرض توظيفي في إدارة فريق الحزب بالبرلمان او أن أستفيد من حظوظي في المباراة التي فتحتها التجديد عندما قررت ان تتحول الى الإصدار اليومي مستفيدا من تخصصي العلمي وشهادتي العليا وملكتي في الكتابة التي تمرست عليها في كتابة الوثائق والبيانات الطلابية وكذا من موقعي التنظيمي بصفتي رئيسا للمنظمة الطلابية، لكني فضلت ان لا أترك لأي كان فرصة الادعاء انني كسبت من النضال فلسا من عرض الدنيا ولأعطي قيمة عملية لمنهج “العطاء بلا اخذ”.
لا أدعي ان تحملي لهذه المسؤوليات هي استحاق شخصي أو تفوق ذاتي، ولكني مطمئن إلى الكسب المتواضع الذي أسهمت به في النهوض بواجباتي بدعم وتشجيع من إخواني وأخواتي الذين يعرفون حق المعرفة نقاط قوتي وما أنفع به حركتي ونقاط ضعفي وما يصدر عني من هفوات لم انكرها يوما، وسيكون من أسعد الأيام عندي يوم أعفى من المسؤوليات التنظيمية لأتفرغ للأهم عندي، وضمنه بحث الدكتوراه الذي لا تؤجله سوى هذه المهام.
الأهم ان هذه السيرة المتواضعة لم تزحزحني عن اختياري المبدئي بتفضيل العمل الدعوي والمدني والحقوقي في نطاق الحركة على العمل الحزبي الذي كان يجرف الطاقات ويستميل المناضلين وذلك رغم تخصصي القانوني وسيرتي النضالية الطلابية والشبابية.
إن هذا الاختيار نابع من من مبدأ قطعته على نفسي ويعرفه عني إخواني وأخواتي وهي ان أكتفي بأن أشارك الآخرة مع اخواني واجعل الدنيا من حر كسبي لهدفين: الأول تحصينا لآخرتي وحماية لحريتي ومن أجل عدم الارتهان لأي أحد او مؤسسة في التعبير عن مواقفي النابعة من ضميري تحت أي ظرف.
ومن أجل ذلك ومنذ تأسيس الحزب لم يسبق لي ان حضرت في هيئة أكون فيها موضوع للترشيح لانتخابات محلية او برلمانية ولن اكون مستقبلا. بل انني اعتذرت بلباقة لاخوان أفاضل شرفوني باقترح مساعدتهم في دواوين وزارية وأخذت التزاما على نفسي بعدم الترشح لاي منصب إداري ومهني من المناصب العليا في قطاع يتولى تدبيره احد إخواني في الحزب، ليس لانني زاهد في الترقي المهني المشروع وعلى أساس الاستحقاق، بل لكي أبقى بعيدا عن اي شبهة للحصول على مغنم من عمل نضالي اخترت ان يكون عطاء بلا أخذ. ومنصب المدير الذي أشغله اليوم، جاء بعد تباري نزيه وشفاف وبعد مسار ناهز 15 سنة تدرجت فيها في جميع المسؤوليات حيث قضيت خمس سنوات في كل مستوى من اطار عالي إلى رئيس قسم. وأدائي اليوم في هذه المدة القصيرة هو اكبر ما يدافع عن استحقاقي.
وعلى المستوى العملي، اذكر فقط أنه عندما كان بعض إخواني المحترمين ياخذون استيداعا نضاليا وتفرغا حركيا لانجاز بحوثهم وتحصيل شهاداتهم العليا، كان الهلالي يجوب الجامعات موقعا موقعا ومدينة مدينة ومخيما مخيما يتواصل ويؤطر ويشارك اخوانه حلقيات النقاش والتظاهرات النضالية والثقافية.
وعندما جاءت محنة 2003 وأحجم كثيرون عن مجرد زيارة المقرات، كان الهلالي يطوف على المحامين من اجل توكيلهم للدفاع عن متهمين بالاشادة بالاحداث المؤسفة ويتواصل مع العائلات ويتدافع ضد الاستئصال ويكتب ويحاضر تفنيدا وابطالا لفرية المسؤولية المعنوية.
وعندما جاء هدير الربيع العربي وانقسمت قيادة الحزب على نفسها وهرج البعض الى الشارع ضد عن قرارات هيئاته وانخرط البعض في توقيع عريضة إقالة زعيم الحزب، ناصر الهلالي المشروعية وانحاز الى المؤسسة وقاد مبادرات الوساطة و الحوار والاقناع في الحزب والحركة وفي اوساط شبابهما وطاف المغرب للتبشير بالخيار الثالث والترافع عن اطروحة الاصلاح في ظل الاستقرار واعداد نداء الاصلاح الديموقراطي وتاطير المهرجانات الداعمة له ميدانيا وشعبيا ومع ذلك ما زال يشعر انه لم يوف هذا المشروع حقه.
لماذا كل هذه التفاصيل؟
إن الهلالي عندما يضطر للتعريف بهذا المسار، حاشا ان يكون منا او تسويقا للذات، ولكن تعريفا لاخوة انخرطوا في مشروعنا في زمن التدبير الحكومي ويسمعون باخوانهم عن طريق وسطاء أو صحف او في لحظة توتر او غيره. ومن جهة أخرى حتى يتبين لمن يهاجم بلا دليل انه لا يحركنا في مواقفنا المبدئية لا مصلحة نخشى فواتها ولا منفعة نتعجل تحصيلها ولا ديوانا نخشى فقدان تعويضاته ولا منصبا تشرئب أعناقنا إليه.
إنها الحرية والمسؤولية وواجب النصح لله ولكتاب الله ورسوله ولائمة لمسلمين وعامتهم، وتحصينا لمشروع ساهمنا في بنائه وأفنينا زهرة شبابنا في سبيله وانفقنا من أعز ما نحب من اجل استوائه واستمراره.
ونختم بان المؤسسة تسمو رغم مكانة المؤسسين، وأن تغيير القوانين عشية الاستحقاقات لا يمكن ان ينتمي الى الخيار الديمقراطي، بل هو احتكام الى الأحكام العرفية ويكرس تهمة طالما روجها الخصوم عنا وهي التعامل الذاتي والاستعمالي مع الديمقراطية كسلم نلقي به بعد الصعود لمنع التداول اذا ازف وقته أو دنا موعده.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M