بنكيران وحامي الدين و”الملكية البرلمانية”..

23 مايو 2022 13:04

هوية بريس- محمد زاوي

هل تمكن عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، من ترويض حامي الدين، عضو أمانته العامة؟

سؤال لا جواب عليه إلا بمعطيات تفصيلية، من خلالها سنفهم: هل آمن حامي الدين ب”الخصوصية السياسية المغربية” أم لا زال قلبه بها مؤلفا؟!

قد يسألنا أحدهم عن “الخصوصية السياسية المغربية”، فنجيب: هي مؤسسة أنشأها السعديون ونفخ العلويون فيها روح القوة والنفوذ، أجبرت الاستعمار على الرحيل، ولا زالت تجبر جديده على الخضوع، كل أبنائها يتحركون تحتها، مهما حاولوا التمرد والعقوق. إليها يعود النصر دائما، لأنها الأصل والباقي فروع غير مؤهلة لتصبح أصلا.

حامي الدين واحد من هؤلاء الذين حاولوا العقوق يوما؛ على استحياء وبحيطة، ولكنه فعل؛ بقي فعله حبيس القول، لكنه عبر بوضوح.

كان حامي الدين عصيا على الإقناع، وتأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.

ليس هذا مقالا لمناقشة تصورات حامي الدين بخصوص “الديمقراطية” و”الملكية البرلمانية”، فقد ناقشناها وأثبتنا اضطرابها وتبعيتها النظرية في مواطن أخرى؛ إلا أن السنين الأخيرة كانت كفيلة بأن يصبح حامي الدين غير حامي الدين. رحم الله عبد الرحيم بوعبيد، ف”الراس للي ما يدور كدية”.

هل غير حامي الدين قناعاته؟

هل تخلى عن مشروع “الملكية البرلمانية”؟

هل كانت له مراجعات في “خلوة” ألزمه بها العثماني والرميد؟

قد نجد في مؤتمر أمس، بجهة طنجة تطوان الحسيمة، بعض الأجوبة. كلمة للأمانة العامة، يقرأها حامي الدين بأمر من بنكيران، فتأتي الإشادة على لسانه ب”دور الحزب في تجاوز مرحلة 20 فيراير”، ويتشبث بفمه المليان -ولو قارئا- ب”الملكية الدستورية”… الخ. هذا، ولم يفوت بنكيران الفرصة في كلمة له، بذات المؤتمر، دون شكر حامي الدين على قراءة كلمة الأمانة العامة! لا عفوية في السياسة، خاصة إذا كانت صادرة عن بنكيران بعد تأمل. إنها رسائل مشفرة يبعث بها زعيم “البيجيدي” -لا ندري إلى من؟- إلا أن مفادها يقول إن “حامي الدين تعلم قليلا من الحكمة”!

لن يُفهَم هذا النقاش إلا بمعرفة سياقه داخل “العدالة والتنمية”، حيث كان بنكيران محط انتقاد من طرف كثيرين، من بينهم حامي الدين نفسه. كان بنكيران وحده، ومعه من ينصت إليه، قادرا على رفض تطلعات “عولميي البيجيدي”. طرفا نقيض تشكلا داخل حزب “الإسلاميين المغاربة”: خط السياسة الوطنية (مع تحفظات)، وخط السياسة العولمية. معركة طويلة تلك التي خاضها بنكيران على النقيض من “العولمية السياسية” (التسعينات وما تلاها)، بعد أخرى خاضها على النقيض من “العولمية الدينية” (الثمانينات).

طرف ثالث ظل متفرجا، أعضاء في الحزب والحركة بلا موقف ينتظرون الحسم، فكيف حسم بنكيران المعركة لصالحه؟ ب”العصا والجزرة”، بالصراع السياسي الداخلي والاحتواء، بامتلاكه للخطابين معا: خطاب لمن يحب الأمل والطوبى، وخطاب لمن تستهويه الواقعية السياسية؛ الأمل وقود إيديولوجي، والواقعية السياسية وسيلة للبقاء في ظل “الخصوصية السياسية المغربية”.

ليس في السياسة طريق رابع، فإما “طريق الوعي”، وإما “طريق المطامع”، وإلا ف”طريق الرهبة”.

“كل الطرق تؤدي إلى روما”، ومصلحة الوطن هي العليا.

 

 

 

 

 

 

 

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M