تحريف “سورة الكوثر” وازدراء الإسلام في المغرب بدعوى نقد المقدس

01 يوليو 2021 20:10

هوية بريس – نبيل غزال

قضت المحكمة الابتدائية بمراكش، الثلاثاء الماضي بحبس فتاة بعد قيامها بتحريف آية من القرآن الكريم على حسابها بالفايسبوك.

وقد أثارت الشابة ذات 23 ربيعا والمقيمة بالديار الإيطالية الجدل بسبب فعلها المشين والمستفز، وقررت المحكمة حبسها 3 سنوات، حبسا نافذا، مع أداء غرامة مالية قدرها 50 ألف درهم، بعد أن نسبت لها تهمة “الإساءة إلى الدين الإسلامي عبر منشورات وتوزيعها وبتها للعموم عبر الوسائل الإلكترونية والسمعية والبصرية التي تحقق شرط العلنية”.

وعلاقة بالازدراء العلني لسورة من القرآن الكريم، الذي هو كلام الله وأحد مقدسات المسلمين، ذكّر د. يوسف فاوزي بأن ظاهرة محاولة تحريف النص القرآني ليست حديثة الوجود، فلقد كانت محاولة للفاشلين الذين راموا هتك أستار الشريعة الإسلامية الغراء، باعتبار القرآن الكريم المصدر التشريعي الأول ودستور كل مسلم ومسلمة، وهو النص المعجز بلغته وأحكامه،  حتى إن الله تحدى كل الوجود على أن يأتوا بمثله، فقال جل جلاله(قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا)، وأخبر سبحانه أنه تكفل بحفظه من أي تحريف فقال سبحانه (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ).

وأضاف أستاذ الشريعة بكلية أكادير في تصريح لـ”هوية بريس” إن “الذين تجرؤوا على ادعاء وحي يشابه القرآن صاروا مضرب المثل في الكذب كمسيلمة الكذاب، ولم يحفظ لنا التاريخ تحريفه القرآني وهذا دليل حفظ الله لكلامه من العبث.

وأمام هذا الفشل في المجيء بنص يشابه النص القرآني لجأ المشككون إلى الاستهزاء بهذا النص، بمحاولة تحريف الآي بأسلوب تمجه الأسماع قبل العقول، وهذا السلوك الاستفزازي مرده الهزيمة النفسية التي يعاني منها هؤلاء، بعد أن فشلوا في تشكيك وتزهيد المسلمين في مرجعهم الأول القرآن الكريم”.

وحول ما أقدمت عليه الشابة المغربية المقيمة بإيطاليا التي تم اعتقالها بمطار مراكش فور عودتها للمغرب، شدد د.فاوزي بأن “الجميع يعلم أن هؤلاء ليسوا من فئة المثقفين المتعلمين، فلا يستغرب أن تصدر منهم هذه الجرأة تجاه كلام الله تعالى لانعدام الوازع الديني والإيماني لديهم، وهذا لا يعني السكوت أمام هذه الوقاحة، لأن السكوت سيفتح باب التطبيع مع هذه السلوكيات الاستفزازية المسقطة لمهابة جناب القرآن الكريم،  فوجب البيان والتحذير والعقوبة القانونية الرادعة”.

الدكتور إدريس الكنبوري وتعليقا على من دافع عن الفتاة المذكورة أشار إلى أنه “اعتبارا أن هذا السلوك هابط جدا وفيه الكثير من الإسفاف والعبث والتعريض. ولذلك فإن الذين يدافعون على هذه الطالبة يدافعون على السخرية لا على الحرية، والفرق واضح بين الإثنين، فالحرية مسؤولية ناضجة والسخرية عبث طفولي، والعبث الطفولي يحتاج تربية.

وأضاف المفكر المغربي في تصريح لهوية بريس “في أي بلد في العالم هناك سقف للحرية، لا يوجد بلد منتهك أمام الملأ لا حراسة لمقدساته إلا إذا لم تكن له مقدسات، ولا يوجد مجتمع بلا مقدس على الإطلاق.

في فرنسا مثلا هناك مقدسات لا يمكن المساس بها. لا يمكنك مثلا الدعوة إلى استرجاع الملكية لأن الجمهورية مقدسة. لا يمكنك المساس بالديانة اليهودية بحجة اللاسامية، بل اليهودية وهي دين الأقلية في فرنسا أكثر قدسية من النصرانية التي هي دين الأغلبية. فلكل مجتمع مقدساته. والإسلام في المغرب هو دين الأغلبية ويجب أن يحظى بالاحترام، خصوصا القرآن الذي يؤمن جميع المسلمين بأنه كلام الله تعالى. وحتى لو كان الإسلام دين الأقلية كما في البلدان الأوروبية مثلا فهذا لا يعني جواز المساس به، لأن ازدراء الأديان وإهانة أصحابها مس بالحقوق الشخصية الكبرى ومنها حق الإيمان أو الحق في الاعتقاد.

واستدر الكاتب والروائي المغربي أنه “قد يقال لي إن انتقاد الأديان يدخل في حرية الاعتقاد، ومن يقول هذا يجهل الفرق بين الانتقاد والاستهزاء كما يجهل الفرق بين العود والعصا”.

الدكتور رشيد بنكيران؛ أشار في تصريح لهوية بريس أن الغرض من تدخله في هذا الموضوع هو مناقشة موقف أصحاب الحريات المطلقة؛ إذ أدانوا المحكمة القضائية التي أصدرت الحكم ووصفوها بمحاكم التفتيش، ودافعوا عن تصرف تلك المرأة بدعوى أن ما قامت به يدخل في حق حرية التعبير.

فهل حقيقة نحن أما محاكم التفتيش؟ وهل أيضا ما قامت بك تلك المرأة يدخل في حق حرية التعبير؟

لا يخفى على الجميع أن محاكم التفتيش لفظا ومعنى وتاريخا كانت تبحث عن المخالفين للفكر الذي تتبناه تلك المحاكم وتترصدهم وتفتش في معقتداتهم وتتصيد لهم الأخطاء لكي تنتقم منهم وتعاقبهم بما هو معلوم، أما المحكمة القضائية المغربية التي صدر منها الحكم فهي لا تترصد فكرا لا تفتش في معتقد أحد، بل تلك المرأة هي التي قامت بنشر ما قامت به على العلن متحدية بذلك دستور بلادها والقانون المغربي الذي بموجبه تتمتع بالجنسية المغربية وحق المواطنة، فإطلاق وصف محاكم التفتيش على المحكمة التي صدر منها الحكم الذي يدين تلك المرأة هو في الواقع محاولة لمصادرة للقضاء المغربي والحجر عليه والالتفاف حول القانون المغربي.

وأضاف مدير مركز “غراس” إذا نظرنا إلى سلوك تلك الفتاة فلا علاقته بحرية التعبير، إذ حرية التعبير ليس معناها الاستهزاء بمعتقدات الناس، هذه المرأة لم تقم بكتابة كلام عن الخمر أو الويسكي على حد تعبيرها فقامت المحكمة بمقاضاتها، وإنما هي قصدت محاكاة سورة قرآنية مقدسة للنيل من المسلمين ومنهم المغاربة، فهو عمل يتقصد إذاية الآخرين ونشره في العلن بأبشع صورة.

ولهذا، فمن الشطط أن نسمي تصرفات تلك المرأة حرية ولها الحق في نشرها. وقد تعودنا من أصحاب الحريات المطلقة تناقضات منهجية صارخة، فهم يتحدثون عن احترام المؤسسات الدستورية والديمقراطية، فإذا حوكموا إليها وخطأت تصرفاتهم كفروا بها.

ومن الشبه التي يطلقها بعضهم أن القرآن هو نص ألاهي، ولا أحد يملك حق معاقبة من يستهزئ به ويرميه في القاذورات، فالله وحده هو من يملك هذا الحق حسب زعمهم. ولعمري أي منطق هذا حينما ترى أعز ما تؤمن به يهان بهذا الشكل ولا حق لأي مؤسسة قضائية في عقاب الجاني، أليست هذه دعوة إلى الفوضى ومخالفة الأعراف التي اتفق عليها العقلاء.

آخر اﻷخبار
1 comments
  1. المسلمون الذين يعيشون بايطاليا وخاصة أوروبا تتغير نظرتهم للدين كثيرا ويصبحون أكثر عدوانية لكل ما يمت بالقيم الإسلامية بل ومنهم من ارتد عن دينه بسبب الحياة الفارهة التي يعيشونها في ايطاليا
    وهذا ما شاهدته من بعض. أفراد عائلتي الذين ذهبوا للعيش هناك
    حيث أصبحوا يحتقر ن بلدهم ويعظمون بلاد الاجانب

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M