تعليقا على قضية الريسوني وموريتانيا

20 أغسطس 2022 17:58

هوية بريس – ياسين ݣزباري

أولا،
لا أضمن لكم أن ما سأكتبه الآن كلام موضوعي. لأنه صادر عن عقلي، الذي شكلته البيئة التي نشأ فيها، والتفاعلات الاجتماعية و النفسية التي خضع لها على مدى ثلاثة عقود.
كما أني لا أضمن أن عقولكم سوف تقرأ ما أكتبه قراءة موضوعية. فعقولكم مثل عقلي، متحيزة بشكل مسبق. و الراجح أن من لا يعرفني منكم، سوف يحرص أولا على معرفة جنسيتي، هل أنا مغربي؟ موريتاني؟ أم جزائري؟ و على أساس ذلك سوف يقرر كيفية “معالجة” كلامي. و كثيرون سوف يتخذون موقفهم من كلامي، حتى قبل قراءته. و هي بالمناسبة آلية ذهنية مناعية طبيعية، لصد الأفكار المشبوهة!

2- من أنا؟ و من أنت؟!
في شجرة نسب الوالدة، جدنا الأكبر، هو يوسف بن تاشفين. أنا إذن مرابطي أمازيغي من جهة الأم.
و في شجرة نسب الوالد، جدنا الأكبر هو الحسن بن علي. أنا إذن علوي حسني عربي من جهة الأب.
و جدي حمدان، عاش في وهران. و لو أنه ضل هناك، لكنت اليوم جزائريا.
و لو أن السباعيين لم يرتحلوا من الصحراء نحو الشمال زمنا ما، لربما كنت اليوم موريتانيا.
و لو كنت موريتانيا، لربما كنت أفاخر اليوم بكون بلادي مهد المرابطين الذين أخضعوا أرض المغرب و الجزائر و مالي و الأندلس، و في الآن نفسه أنزعج حين أسمع أن أرضي خضعت في زمن آخر للمغرب!
و لو كنت جزائريا، لربما كنت الآن أنتقد تطبيع “جار السوء”، فيما أسكت عن تطبيع دولتي مع بشار السفاح الذي قتل في بضع سنين أضعاف ما قتلتهم إسرائيل في ثمانية عقود. و لربما كنت أدافع عن “استقلال” الصحراء الغربية، و أرفض “استقلال” أزواد!
ولكن تفاعلات الأقدار، جعلتني مغربيا، وكانت بالكاد ستجعلني جزائريا أو موريتانيا.
فماذا يعني إذن أني مغربي؟ و ماذا يعني أنك موريتاني ؟ و ماذا يعني أنك جزائري؟
يبدو أنه لا معنى لكل ذلك!
ولذلك أعتبر أن جواز سفري مجرد وثيقة إجرائية لتسهيل التنقل. أما انتمائي فللأمة كلها.

3- التاريخ
زرت أزواد مرتين، تمبكتو و غاوة و ما جاورهما، و جلست مع شيخي قبيلتين، عربية و أمازيغية، و ناقشت قادة حركة استقلال أزواد، و سمعت مختلف الآراء.
وسمعت من كثيرين أن أصولهم مغربية، و أن ثلاثة أربع سكان تمبكتو في الأصل مغاربة.
و لكن ما فاجأني هو ما قاله لي شيخ فرع من قبيلة كنتة العربية: لا حل لمشكلة أزواد إلا بأن تنضم للمغرب!
كما آلمني شيخ بسيط حين طلب مني أن أوصل إلى ملك المغرب معاناة أهل تمبكتو الذين تكالب عليهم جيش مالي من جهة، و عصابات “جهادية” دخلت من الجزائر من جهة أخرى، و فوقهم فرنسا تقصف كما يحلو لها.
و كان الرجل يتكلم كأنه يعيش في القرن التاسع عشر، قبل أن تفصل المغرب عن أزواد حدود الاستعمار.

4- هل يطمع المغاربة في موريتانيا؟
لم أسمع أبدا مغربيا -ممن أعرفهم في الواقع- يقول هذا. (باستثناء بعض الحمقى ممن لا يلتفت لهم).
لكني سمعته كثيرا من بعض الموريتانيين، وأتعجب من انتشار هذا الاعتقاد بين بعضهم، و قد يكون تفسيره أنه آلية نفسية تعويضية، لإثبات قيمة ذاتية: “أرضنا مطموع فيها”.
لكن هل أطمع أنا في موريتانيا؟
عقلي الحالم، يقول نعم، فنحن على مستويات كثيرة شعب واحد، و جزء من هويتي موريتاني، و معا نكون أقوى. لكن عقلي المنطقي يقول لا، ليس الآن على الأقل، فموريتانيا ستكون عبئا جيواستراتيجيا صعبا على دولة بالكاد استطاعت حماية نفسها من مخططات التقسيم.

5– هل يطمع الموريتانيون في المغرب؟
أخبرني بضعة أصدقاء موريتانيين أنهم مع فكرة الوحدة، لكن أصدقاء آخرين ينظرون شذرا للمغرب، و هم يفضلون ثقافة أكثر محافظة، و نمط حياة أكثر بساطة و أكثر حرية في بلاد تغيب مؤسسة الدولة عن معظم ترابها، و تقوم مقامها القبيلة و العشيرة بقيمها و مفاهيمها الفريدة.
و شخصيا، جربت حياة الصحراء، و وجدت فيها من السلام و الهناء ما لم أجده في عواصم تخترق سماءها ناطحات السحاب.

و أخيرا،
هل دعا الريسوني إلى اجتياح الجزائر؟
بالطبع لا. وعندما قال أن المغاربة مستعدون للذهاب حتى إلى تندوف، لم يقصد بذلك الجزائر، إنما قصد عصابات البوليزاريو التي تقيم قواعدها في تندوف، و التي تشن على المغرب حرب استنزاف منذ نصف قرن (بدعم الدولة الجزائرية طبعا)، كبدت الأمة (بما فيها المغرب و الجزائر و موريتانيا أيضا) مئات ملايير الدولارات، و عقودا من التخلف، و عشرات آلاف الأرواح، و ما لا يقاس من مآسي.
و إذا لم يعجب أصدقاءنا الجزائريين كلام الريسوني، فعليهم أولا أن يطلبوا من حكومتهم عدم إعطاء أرض جزائرية لعصابة مسلحة لتهجم على المغرب انطلاقا منها، و عدم تسليحها و تمويلها. و إلى ذلك الحين، رأيكم في الموضوع مجروح.

آخر اﻷخبار
3 تعليقات
  1. كلام في الصميم يؤيده الدين والعقل والتاريخ لكن للأسف فالأنسان في زمن مسخ فيه كل شئ أصبح يصدق عليه قول الله تعالى:”ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأظل سبيلا”

  2. كلامك أخي منطقي عقلاني ليس عليه غبار، اشترك معك في النسب من جهة الاب لكوني من الشرفاء الحسنيين السباعيين الذين استقروا بمنطقة عبدة لتحرير المنطقة من البرتغال زمن السعديين وجدتي لابي من تارودانت مهد السعديين وتلتقي مع احمد الهيبة ماء العينين المجاهد في النسب،
    فالموريطانيون اغلبهم لا يعارضون الوحدة مع المغرب لما يرونه من تقدم وتنمية بالصحراء المغربية ويجدون انفسهم بحاجة الى الاستفادة مما يعيشه المغاربة من تحول على كل المستويات ويرون ان فرنسا هي المستفيدة الوحيدة من خيراتهم كالصيد والحديد والفوسفاط.

  3. نعم التفكير والعقلي المتنور سيدي ياسين الغالي لا تنسى الطجين بالبرقوق هههه حفظكم الله

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M