تقرير الأناضول: كتب “مقرصنة” على الرصيف تخدم القراء وتضر الناشرين

14 مارس 2018 14:13
توقيف خطيب وإمام مسجد الإمام مسلم بأكادير لأنه يمارس الرياضة (صور)

هوية بريس – الأناضول

ازدادت في الآونة الأخيرة بالمغرب ظاهرة بيع الكتب على أرصفة الشوارع في العاصمة الرباط والدار البيضاء كبرى مدن البلاد (غرب)، وسائر المناطق الكبرى، لكنها ظاهرة تخدم القراء وتضر بالناشرين.

الحديث لا يدور عن كتب قديمة بالية، وإنما كتب حديثة الطبع ومغلفة بعناية، وتقدم عناوين جذابة، لكنها طبعت بطريقة مقرصنة غير قانونية، أما الثمن فيراوح بين 20 درهما (دولارين) وحتى 50 درهما (خمسة دولارات) على الأكثر.

وبين مقاهي شارع “محمد الخامس” الرئيسي وسط الرباط، يتجول شاب يحمل على ذراعه عشرات الكتب، يعرضها على رواد المقاهي بـ 20 درهما فقط.

لا يعرف الشاب بالضبط مصدر تلك الكتب، كما يقول للأناضول، لكنه يحصل عليها من موزع لديه محال بالمدينة وبمدن مجاورة، وهكذا يجول على المقاهي لبيعها.

** الموزعون الجدد

يبدو الأمر أشبه بشبكة توزيع مصغرة، إذ يتولى الموزع طبع الكتب وتوزيعها على عشرات الشباب الذين يحتلون الأرصفة، أو يبيعونها بالتجوال بين المقاهي.

“لا أدري مصدر الكتب، نحن فقط نكسب قوت يومنا منها”، يقول “كريم” أحد الباعة للأناضول، مشيرا أن الكتب الفرنسية هي المفضلة لدى رواد المقاهي، فيما يبيع الكتب العربية “الفرّاشة” (من يفترشون الأرض) على الأرصفة.

يواصل الشاب تنقله بين المقاهي طوال اليوم، وينهي جولته فقط عندما ينتهي من بيع بضاعته، ويبلغ متوسط ما يبيعه يوميا نحو 15 كتابا.

“كريم” واحد فقط من عشرات الشبان ممن يؤدون المهمة نفسها ويكسبون بها قوت يومهم.

كثير منهم لا يعرف مصدر طباعة الكتب التي يتداولونها، لكنهم يعرفون جيدا أن محال تجارية كثيرة تقوم بإنتاجها في الدار البيضاء والرباط وسلا (غرب) وغيرها من المدن.

** ثورة الكتب

الظاهرة يصفها أحد المشرفين على مكتبة “الألفية الثالثة” بالرباط، في حديث للأناضول، بأنها “ثورة الكتب في الشارع”.

ويعمل هؤلاء الموزعون بذكاء من يعرف سوق الكتب ويتابع العناوين الجديدة والمطلوبة، فيختارون آخر العناوين المطلوبة التي يقبل عليها القراء ويحرصون على توفيرها في الشارع.

وفيما يمكن عبر الواجهة الزجاجية للمكتبات العمومية، معاينة كتاب المغربية ليلى السليماني، الفائز خلال السنة الماضية بجائزة “الغونكور” الفرنسية، بثمن 100 درهم (10 دولارات)، يمكن شراؤه من الرصيف بثمن لا يتعدى 20 درهما.

“الناس تشتري منهم بكثرة لأنهم أصبحوا منتشرين بطريقة غير مسبوقة. يتجولون بمحافظهم (حقائب تحمل البضائع) على المقاهي وفي القطارات والشوارع”، يقول أحد المشرفين على مكتبة خدمة الكتاب بالرباط.

ويضيف للأناضول مفضلا عدم ذكر اسمه، “من قبل كان عملهم بسيطا جدا، وكتبهم غير مقروءة، ولا يمكن قراءتها بالعين نظرا لرداءتها، لكن مؤخرا أصبحوا محترفين أكثر، وطبعاتهم لا يمكن التفريق بينها تقريبا وبين الطبعة الأصلية”.

ويشير أن هناك نسخا لكتب مطبوعة في مصر، شبيهة جدا بالكتب الأصلية وخاصة العناوين العربية، بدأت في الانتشار مؤخرا، حيث الكتاب الذي يجلبه صاحب المكتبة من مصر أو لبنان بثمن 140 درهما، يوفره الموزعون الجدد للناس على الشوارع بثمن 50 درهما.

إسماعيل منقاري مدير مكتب حماية حقوق المؤلف بالمغرب (حكومي)، قال إن الظاهرة مستفحلة، وتحال إلى مكتبه الكثير من ملفات التعدي على حقوق المؤلفين والقرصنة التي تعتبر في نظر القانون جريمة، مؤكدا أن الظاهرة “يجب أن تستأصل بقرار سياسي”.

وأضاف للأناضول “شعوبنا غير قارئة، ومن الحيف أن يكون العدد القليل القارئ تمس عبره حقوق المؤلف المغربي”.

وأشار أنه في الدورة الأخيرة لمعرض الكتاب بالدار البيضاء “ارتفعت الأصوات لمحاربة الظاهرة، من طرف لبنانيين ومصريين حضروا للتنديد بهذا العمل الذي يتم في كثير من المطبعات غير المرخص لها”.

ومن المنتظر بحسب المسؤول المغربي أن يتم عقد لقاء لتدارس الأمر مع كل من اتحاد الناشرين، واتحاد كتاب المغرب، نهاية مارس / آذار الجاري.

** أرباح وخسارة

أصحاب المكتبات يشددون على أن هذه الظاهرة سيئة بالنسبة إلى كل صاحب مكتبة أو دار نشر، لافتين إلى أن المكتبات تضررت من مزاحمة هؤلاء “الفرّاشة”، لكن المتضرر الأكبر هم الموزعون والناشرون لتلك العناوين المعروضة، حيث يجد الناشر كتابه يباع في الشوارع بثمن بخس.

وبحسب “زكريا” المشرف على مكتبة الألفية بالرباط، فإن الموزعين يتجنبون عرض عناوين تعود حقوقها لدور نشر مغربية معروفة، مكتفين في الغالب بجلب كتب إما لدور نشر فرنسية أو لدور نشر مشرقية في مصر ولبنان على الخصوص، لتجنب أي مساءلة قضائية قد تحركها دور النشر المغربية”.

ويضيف “هذه الظاهرة تؤثر كثيرا على المكتبات إذا نظرنا إليها من زاوية اقتصادية، إذ تشكل خسارة لزبائن مفترضين، لكن من زاوية ثقافية فهي تساهم في إشاعة الكتاب بين الناس خاصة مع غلاء الكتب وضعف القدرة الشرائية للمواطنين”.

وتوفر الظاهرة مصدر رزق لكثير من الشباب الذين لا يكلفهم الأمر سوى حمل عشرات من العناوين والتجول بها في الشوارع وعلى المقاهي، وتوفير 100 أو 200 درهم (20 دولارا) يوميا من بيع عشرات الكتب، لا يهم بالضرورة مصدرها.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M