تمرين كورونا وتحديات المستقبل

01 يونيو 2020 23:33

هوية بريس – لمهى عبد الحق

بينما البشرية في حال من الأمن يأتيها رزقها رغدا من كل من مكان؛ إذ حل ببعض بلدان  العالمأو قل جلها فيروس سمي بفيروس كرورنا المستجد، كوفيد 19، لايذر كبيرا أو صغيرا أوغنيا أوفقيرا من البشرية إلا مسه.والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

اختلف الناس في تفسير مصدره بين قائل هو مرسل من رب العالمين للناس كافة؛ نذيرا بين يديهم، ومن قائل هو مؤامرة وصناعة من بعض الدول ضد أخرى حاولت تجريبه؛ فإذا به يفتك بمن أنتج ومن أنتج ليدمره، فانقلبت الحيلة على صاحبها وألحقت أضرارا كما ألحقت قنبلة هيروشيما خسائر كبيرة في الإنسانية. تعددت التأويلات بخصوص مصدره؛ لكن يبقى أنه عدو قاتل أهلك الدول العظمى وغير العظمى، فما بقيت بقعة على وجه البسيطة إلا اقتحمها من كل باب غير مستأذن لأهلها، فدخلها من أبوابها وظهورها معا.

ما إن ظهر هذا الوباء حتى سارعت الدول إلى اتخاذ التدابير الاحترازية للحد من انتشاره. ومن ذلك مارأينا من التأهب الكبير على المستوى الصحي؛ عبر تجهيز المستشفيات ومراكز التحليلات الطبية وتشجيع البحث في مجال اكتشاف العلاجات المتعلقة بهذا المرض،وكذا إنتاج الكمامات الوقائية. كما أمرت أغلب الدول مواطنيها بالتزام قواعد السلامة الصحية والحجر الصحي إلا للضرورة؛ حتى لا يحطمهم فيروس كورنا وهم لا يشعرون.ومن جانب آخر أغلقت الحدود البحرية والبرية بين الدول؛ تفاديا لكل هجوم كاسح لهذا الفيروس.

إزاء هذا الوباءأبان الإنسان في معظم البلدان عن درجة من التضامن بأشكال مختلفة منقطعة النظير. وما رأينا في سلوك المغاربة خير مثال على ذلك.لقد صار الناس يعيشون ملحمة من التآزر والتعاون كادت أن تغيب بينهم لولا هذا النذير الجديد الذي حل بهم.

لكن غاب عن العقلاء دعوة البشرية إلى التوجه إلى رب العالمين بالدعاء لعله يرفع عن الناس الوباء، فهو رب الناس كلهم، يجيب المضطر إذا دعاه بإخلاص؛سواء  أكان مسلما ام غير مسلم.

لقد أدرك الناس أهمية الدولة واستقرارها، وكذا دور مؤسساتها في القيام بما يلزم لحماية المواطنين في مثل هذه الظروف وباقي أيام الزمن. كما تبين لكل ذي عقل سليم أهمية ارتفاع منسوب الوعي لدى المواطنين؛ طريقا للتغلب على الأزمات، وكيف يكون ضعف الوعي ضارا بالدول، خاصة في مثل هذه الأزمات؛ فإنه يكلفها كثيرا؛ فبدل أن تتجه جهودها لمحاربة الوباء؛ تكون مضطرة إلى محاربة الأمية ومضاعفة الجهد في التوعية بهذا الوباء.

كما شاهدنا جميعا دور الإعلام والعلماء والمثقفين والفنانين ورجال الأعمال وغيرهم من الفاعليين في الإسهام في تقوية جهود التغلب على الفيروس الفتاك.فقد كان لهم دور هام في التوعية والتحسيس والتدخل المادي للتخفيف من الآثار السلبية الاقتصادية والاجتماعية والنفسية …

لقد تأكد بما لايدع مجالا للشك عند من بقي عنده شك أهمية الدولة واستقرارها، وكذا دور الإعلام والتعليم والصحة وغيرها من القطاعات الإنتاجية، وكذا المستوى الثقافي للمواطن في مثل هذه وسائر الأوقات.

لقد علمنا التاريخ أن الأوبئة والجوائح لا تختفي بالكلية؛ بل تتجدد ولوبعد حين، والتاريخ شاهد على ذلك فيما حل بالأمم من الجوائح والأوبئة التي حلت بها، في بلاد كثيرة بغض النظر عن عقيدتهم، فهو سنة جارية في الخلق كل الخلق. ومهما طالت مدته فإنه لامحالة مختف زائل، ثم ظاهر بعدها ما بقي الزمن.

السؤال المثار هنا؛ هل ستعمل الدول  والبشرية جمعاء على استيعاب الدرس؛ فتعمل على الاجتهاد في تطوير القطاعات الإنتاجية أكثر مما عليه الحال حتى تحقق الاكتفاء الذاتي؟ فإن كورونا حالت بين الدول وبين ما عند الآخر أن يصلها بيسر، فلو أن دولة لم يتوفرلها ما يكفيها من الأطر الطبية والمواد الغذائية؛لانضاف إلى أزمة مجابهة الوباء القاتل.كما وجب تقوية مستوى التضامن بين الأفراد في الوطن الواحد؛ فقد أبانت الجائحة عن أهمية ذلك في مثل هذه الظروف، كما أنه يستحسن مأسسة العمل الاجتماعي وتطويره في الأوطان لما له من دور حاسم.

كما يكون هذا الوباء فرصة للعالم لتظافر الجهود في كل ما يخدم مصلحة الإنسان والتقليل من منطق الصراع والحروب لما توسع من الهوة بين البشرية وتفوت عليها فرصة النجاح للجميع .فإن فيروس كورونا ألزم الجميع بالتواصل فيما بينهم  شاؤواأم أبوا انقاذا للبشرية .

كما هي رسالة لدول العالم الإسلامي كي تترك كل خلافاتها وتتجه إلى تقوية مؤسسات التعاون فيما بينها فتتحد الاتحادات والجامعات وتبعث فيها نفسا جديدا خدمة للبشرية جمعاء واستعدادا لكل ما يمكن أن يفاجئها من الأوبئة في المستقبل.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M