خواطر أضاعت العنوان

20 مارس 2017 22:52
الليبرالية إحياء للجاهلية وإيغال في الرجعية

هوية بريس – ذ. أحمد اللويزة

تتوالى الأفكار كحبات عقد منتثر، تحلق بك كسرب حمام يتمايل مع الرياح حيث مالت، تتدفق كسيل جارف يبحث عن خط سيره المعتاد. لكن ترتيب هذه الأفكار أصعب من تواردها، وتنظيمها أشد من سيلها، وتقديم بعضها على بعض كتقديم الأم لبعض أولادها على بعض، فبنات أفكارنا وأولادها يأخذون بوشائج الفكر، ويتعلقون بفوهة القلم، وكل يريد أن يحوز قصب السبق، والظفر بكثير من المداد، والاستيلاء على أوسع رقعة في دفتر الذكريات واليوميات والخواطر…

إن هجوم الأفكار والخواطر لصيق بهجوم القضايا والمستجدات، مرتبط بكثرة المشاكل والمدلهمات، التي أحاطت بالأمة إحاطة السوار بالمعصم، والقلادة بالعنق، فليس تمت في الأمة إلا جائع أو عار،  أو طريد أو شريد، أو جريح أو قتيل… وكم من مقتول قتلت فيه الكرامة والشهامة، ودفنت رجولته وشعوره بصدق الانتماء إلى الدين والأمة والوطن حتى وإن يأكل الطعام ويمشي على رجليه، وكم، وكم، وكم.

إن اتساع الخرق على الراقع يجعله في حيرة من الأمر، فتهجم الأفكار ويخيم الوجوم لعدم القدرة على الإقدام لصعوبة الموقف، وتشتت المهام، وشتات الأنام، وغياب الناصح، وتنافر المصالح، وليس تمت إلا ناقد شامت ومتفرج صامت، وتعقب باهت وتعديل خافت. وتعارض للمناهج صارخ، وعداء للصف شارخ…

فبقدر الهم والتفكير تهجم الأفكار، ولقلة المعين وقليل المكين تتكدس في غرفة الانتظار، بعضها يبقى حيا والآخر يلحقه الاندثار، وإن هيأت منها فكرة وزينتها وعرضتها في سوق الابتكار وجدت نفسها عرضة للبوار، في زمن كسدت فيه سلعة الحق والخير والقيم والفضائل، بينما راجت فيه سوق الشر والخنا والباطل.

أنستسلم لهذا الواقع؟ أم نواصل بأفكارنا التدافع؟ ونواجه ألوان الباطل بحسن الترافع، ولا محالة سيأتي يوم ينقشع فيه غبار المعركة، فنرى الحق ليد النصر قد رفع، ووجه الباطل ممرغ في الأرض قد خضع وخنع.

لكن أين لنا من الصبر زاد والفتن كل يوم تزداد، الشر محبوب مراد، والخير قليل الرواد، لا تنته من إشكال حتى يرد عليك منه ألوان وأشكال. كما قال عليه أفضل الصلاة والسلام: “… ثم تجيء فتن يرقق بعضها بعضا، فيقول المؤمن هذه مهلكتي ثم تنكشف، ثم تجيء فتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي ثم تنكشف، فمن سره أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتدركه موتته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يأتوا إليه، ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يمينه وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر”. رواه مسلم.

 فالثبات، الثبات. فليس لنا إلا التمسك بوصيته عليه السلام من أجل السلامة، والاستمرار على المدافعة والإنكار حتى نرفع عن أنفسنا الملامة، ومعذرة إلى ربنا لعلهم ينتهون.

والله يتولى الصالحين.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M