رد الأحداث المغربية…على الأحداث المغربية بخصوص «قضية النقاب»

27 يناير 2017 17:36
رد الأحداث المغربية...على الأحداث المغربية بخصوص «قضية النقاب»

هوية بريس – ذ. طارق الحمودي

مرة أخرى، عن النقاب والبرقع أتحدث، لكن بطريقة مختلفة!

نشرت صحيفة الأحداث المغربية في عدد اليوم الجمعة 27 يناير 2017 ملفا خاصا بلباس المرأة المغربية المسلمة تحت ركن “ربانيات الجمعة” من باب تسمية الأشياء بأضدادها، واستدعت لذلك تصريحات لبعض المعروفين والمجهولين، قاصدة رمي النقاب الإسلامي مرة أخرى -في إصرار “غبي”- على وجه الخصوص بسهم الطعن الأيديولوجي العلماني، لكن الطريف والجميل في الموضوع أنها نشرت ما يدين جرمها المشهود بغباء معروف في الفكر المحارب للإسلام عموما والحمد لله، وقد اخترت من مداخلات هؤلاء ما يمثل الأصول للفروع، والمبادئ للنهايات، وكل الفروع العائدة على الأصول بالإبطال فهي فاسدة ملغية، وبهذا أحاكم أي خروج عن مقتضياتها.

(1) نقلت الصحيفة عن الأستاذ “يوسف احنانة” عضو المجلس العلمي لمدينة تطوان والباحث في التراث الغربي الإسلامي قوله: “أما مسألة النقاب والبرقع فهي تخص بعض المجتمعات وتأويلات بعض الفقهاء انطلاقا من نصوص شرعية”.

قلت: جعل الأستاذ احنانا مسألة النقاب والبرقع من تأويلات الفقهاء انطلاقا من نصوص شرعية تصرف موفق وصحيح لا غبار عليه، سوى أنه أخطأ خطأ بسيطا وهو أن البعضية التي أشار إليها الأستاذ احنانا هي في حقيقتها إجماع العلماء على مشروعية النقاب، ومنهم المالكية الذين ذهبوا إلى إيجاب النقاب عند خشية الفتنة “من” أو على “المرأة”، وقد كانت تغطية الوجه بالنقاب أو البرقع عامة في المجتمعات الإسلامية من العراق والشام ومصر والحجاز مرورا بالمغارب الثلاثة وانتهاء بالأندلس، وشهادات العلماء محكمة، مثل ابن حجر والنووي وأبي حيان الأندلسي، وخطأ الأستاذ احنانا في هذا مغمور في بحر ما وفقه الله فيه من التصريح بكون النقاب مستمدا من نصوص الكتاب والسنة جزاه الله خيرا.

(2) ونقلت عن الأستاذ الحسن آيت بلعيد خطيب وأستاذ التعليم العالي -وفقه الله وشكر الله سعيه بالخير- قوله المتعلق بنوعية اللباس المنتشر عند المغاربة ذكورا وإناثا: “نحن أمام لباس عصري أملته الظروف التي نعيشها حيث السرعة في الحركة والناس تساهم في بناء البلد”.

قلت: إذن، ووفق هذا التنبيه الدقيق، فللظروف تأثيرها في تحول النساء المتسترات منقبات وغير منقبات من لباس إلى لباس متطور وعصري أنسب للسرعة والحركة، ولا يهم مصدره إن كان بالمواصفات الشرعية ويحقق لهن سهولة الحركة أثناء بناء البلد.

(3) ونقلت عن الأستاذ علي الشعباني الباحث في علم الاجتماع تحقيقا رصينا وماتعا.. فتقول صحيفة الأحداث المغربية: “اعتبر أن اختيار فئة من المغاربة لزي مغاير لما هو متداول لا يعني بالضرورة تنكرا للهوية بقدر ما يعبر عن نوع من الاختلاف الثقافي والمعرفي والذوقي، معتبرا الأمر ظاهرة صحية شرط عدم تسييسها وإخضاعها لحسابات تجعل من الذوق مدخلا لرسائل سياسية”.

قلت: أصاب الأستاذ الفاضل علي الشعباني القضية في مقتل، وقد كان موفقا في هذا التحقيق، خصوصا وأننا في زمن انفتاح وعولمة، ولم يعد شكل لباس المغربي والمغربيات معتبرا في تحديد الموقف من الهوية المغربية الإسلامية إن كان موافقا للشروط الشرعية المعروفة والتي استنبطها العلماء، وتنبيهه إلى شرطية عدم التسييس تنبيه ذكي، إذ أن المرأة المغربية تتحجب عند خروجها بلباسها الساتر -وقد يكون مع النقاب أو البرقع- تدينا وقربى إلى الله تعالى، بخلاف العلمانيين، الذي ينظرون إليه نظرة سياسية لخلل في جهاز القراءة عندهم، أو لكونهم مرضى عمى ألوان، لا يرون إلا اللون السياسي في لباس الناس، ويظنون بسبب مرضهم أن الناس كذلك ينظرون!

(4) ونقلت عن بعض من وصفته بأنه الشيخ الداعية المقيم.. بـ…البرازيل قوله: “قد تكون المرأة المنتقبة أو ملتزمة باللباس الشرعي ظاهريا، لكن تصدر منها أفعال مشينة” وهذا صحيح، فـ”قد” إذا دخلت على الفعل المضارع دلت على التوقع فقط أو التقليل كما في “الجني الداني” للمرادي، وعلى هذا، فقد يكون شيخ داعية في البرازيل مرتزقا، وقد تكون بعض الصحف المغربية غير مغربية!

 (5) ونقلت عن منتصر حمادة رئيس تحرير مجلة تابعة للمجوعة الإعلامية “آخر ساعة” التي أسسها إلياس العماري قوله: “معلوم أن التنوع الثقافي والهوياتي والإثني والديني للمغاربة، أو قل لمنطقة المغرب الأقصى، أفرز بالضرورة تنوعا في لباس المغاربة، ولذلك لا نجد لباسا واحدا فقط لدى المرأة المغربية، وإنما لائحة عدو من أنماط اللباس لدى المغربية”.

قلت: لست أدري كيف نطق منتصر حمادة بهذا… لكنني أضيف: هذا التنوع نفسه… في تطور تنوع، فتختفي أشكال وتظهر أخرى، وتتفاوت في الظهور بعضها على بعض، ويغلب لون على آخر، كما كان يغلب لبس الأسود عند النساء على الألوان الأخرى في العهد النبوي، وهو لون السيارات الديبلوماسية وفساتين السهرات الغالية الثمن، وبسبب الانفتاح الثقافي للمغرب، فقد تأثر لباس المغربيات، فتطورت ألبسة الستر وعلى رأسها أغطية الوجه مثل النقاب والبرقع الإسلاميين بما يسهل عليها حركتها في مغرب القرن الواحد والعشرين، وبعكس هذا، فقد تسرب إلى المغربيات من الثقافة الاستعمارية الإباحية المادية لباس العري والتبرج المنهي عنهما في الشرع إجماعا، وتقوم صحيفة الأحداث المغربية وزميلاتها بتتبع هذا التسرب الاستيلابي للهوية المغربية في أعداها مصفقة وربما مطبلة للعري بكل أنواعه.

آخر اﻷخبار
2 تعليقان
  1. رد من أجل الرد وفقط، أما المضمون فهو خاوي لاشيء فيه من رائحة العلم والمعرفة، وإنما كلام انشائي لتلميذ في الإعدادي والسلام

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M