على مشارف الحياة المغربية (1950) (ج1)

15 سبتمبر 2020 19:16
على مشارف الحياة المغربية (1950)

هوية بريس – ذ.إدريس كرم

تمهيد:

من الواضح للأشخاص الأقل اطلاعا بيننا أن العلاقات الاجتماعية بين المغاربة مختلفة تماما عما هي عليه بيننا.

في يوم ما كنا نشعر بالسعادة بسبب رقة صيغهم التعاملية المهذبة ودماثة إيماءاتهم، لكن في اليوم التالي كنا نشعر ببعض الإحراج أثناء تناول وجبة يتم تقديمها وفقا لأرقى التقاليد التي احترمها ملوكنا ذات يوم.

في فرنسا غالبا ما نتعامل مع المنافقين وهم الأشخاص الذين يريدون فقط أن يكونوا مهذبين في الظاهر بينما هم قساة فاقدو الإحساس عديمي الشعور بالآخرين.

وعندما نجتاز غير مبالين أو عماة أمام ألف مظهر من مظاهر التمدن الدقيق والساحر والذي يعطي معنى عمل للأعمال الأكثر شيوعا، والذي من وجهة نظرنا يعتبر الأكثر تفاهة.

هذا يعني أن المجتمع المغربي نفسه شديد الاختلاف عنا، لذلك فإن محاولة وصف العلاقات التي نفرضها على الرجال ستكوِّن رغبتهم، دون عناية أو حذر، والعمل في نفس الوقت على تقديم لوحة كاملة للمجتمع المغربي، سيؤدي لإنجاز مؤلف كبير خاصة إذا فصَّلنا في كل شيء حقيقي مهم والذي يكون أحيانا خارج اهتماماتنا في أول وهلة.

أيضا لن نتعامل في هذا الكتاب الصغير مع مهمة من هذا النوع الكبير والتي دائما ما نخاطر بتحقيقها بشكل غير كامل.

سنبذل قصارى جهدنا لتحديد نوع من التنشئة على معرفة المجتمع المغربي وكشف المبادئ الأساسية للأخلاق الحميدة والكيسة المشيرة للعلاقات الطبيعية وإن أمكن المتناغمة بين الشعبين الفرنسي والمغربي التي يجب أن تكون لهم، مع ذلك يجب أن نمتنع عن البقاء بشكل ضيق للغاية في التجريد:

الخطوط الرئيسية جافة تقريبا وتفتقر للون، سنقدم توضيحات ملموسة لهذه المبادئ والتقارير خاصة عندما تكون في كثير من الأحيان متعارضة مع مفاهيمنا المعتادة أو على النقيض منها.

طموحنا هو إظهار الفرنسيين الذين يميلون جدا للاعتقاد بأن المجتمع الذي يستمتعون فيه يجب أن يكون نموذجا للكون، بدلا من أن يكون مجتمعا أكثر مغايرة لمجتمعهم، ليتمكنوا من الحفاظ على توازنه وفق منطقه الداخلي، والذي استمر لقرون على الرغم من أزماته التاريخية، وهو ما يتجلى اليوم أمامنا.

فبالرغم من الاتصال الدائم والضروري بين حضارة المغرب وحضارتنا، نرى المجتمع المغربي يحافظ على تنظيمه الخاص ويخضع لمقتضياته الدينية أو الأخلاقية التي تحكم العلاقات بين الأفراد، وهذا هو موضوع الدراسة المدونة في هذا الكتاب.

بما أن (ديستيني) دعانا للتعايش مع المغاربة الذين لا يريدون تجريد أنفسهم من مغربيتهم أكثر مما نود فعله بهم، فمن واجبنا أن نبذل كل جهودنا لفهم حضارة شركائنا.

من جهة أخرى الربح الروحي الذي نريد جره للاستفادة من تجربته، سيساعدنا في إقامة علاقات جيدة مع المغاربة، ومعرفة قيمهم الحقيقية التي يقدرون عاليا من يحترمها، مما يؤدي بهم للقبول بالتعايش معنا في احترام.

أتمنى أن ينير هذا الكتاب الصغير ويوجه القارئ الذي سيفتحه ليكون مشجعا لذوي النيات الحسنة، على خدمة الصالح العام.

يتبع..

أنظرها في:على مشارف الحياة المغربية (1950)

‏au seuil de la vie marocaine

طبع سنة 1950

لويس برونو؛ (ص7-9).

تعريف بالكاتب:

لويس برونو 1882-1965

مستعرب

اشتغل:

– أستاذا بالجزائر

– انتقل للعمل بالمغرب كأستاذ بالمعهد العالي للغة العربية واللهجات البربرية في 1913م.

– كمدير للكوليج الإسلامي مولاي ادريس بفاس.

– في 1920 شغل منصب مفتش التعليم الأهلي.

– مدير مكتب التعليم الأهلي بإدارة التعليم العمومي بالمغرب.

– مدير معهد الدراسات العليا المغربية ما بين 1935-1947.

– نشر عدة دراسات حول المغرب.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M