فضائل عشر ذي الحجة

26 أغسطس 2017 20:11
فضل العشر الأوائل من ذي الحجة

عبد الواحد المسقاد – هوية بريس

لقد جعل الله لعباده المؤمنين مواسم للتزوّد بالطاعة والقرب منه سبحانه؛ حيث شرّف بعض الأزمنة على غيرها، وبعض الأمكنة أيضا على الأخرى؛ استزادة في الطاعة وتنافسا في فعل الخيرات؛ ومن ذلك الأيام الفاضلة العشر الأوائل من شهر ذي الحجة؛ الذي هو من الأشهر العظيمة، فخلاله يقصد حجاج بيت الله الحرام الديار المقدسة؛ لأداء شعيرة الحج باشتياق بالغ وحرص زائد طمعا في المغفرة والثواب؛ حيث نجد في هذه الشعيرة الربانية اجتماع التشريفين: المكاني والزماني، فالمكان هو تلكم البقاع الطاهرة المقدسة بالمملكة العربية السعودية، والتشريف الزماني هو أداء مناسك الحج في أشهر من أشهر الله الحرم؛ خاصة شهر ذا الحجة؛ حيث أقسم الله بالعشر الأوائل منه في كتابه العزيز تأكيدا على أهميتها والحرص على العمل الصالح فيها .

فضائلُ عشر ذي الحجة:

إقسام الله تعالى بها في كتابه الكريم:

قال تعالى: “وَالْفَجْر وَلَيَالٍ عَشْرٍ” الفجر: 1، 2. إن إقسام الله تعالى بالشيء دليل على شَرف المُقْسم به وعلوّ مكانته وأهميته، فقسَم الله تعالى بالليالي العشر، دليل قاطع وبرهان سَاطع على أهمية ومكانة عشر ذي الحجة وما تحظى به من تشريف إلهي ورفعة ربانية، كما إن في إقسامه تعالى، تنبيه لعباده المؤمنين بأن ينالوا من هذه العشر، المكرُمات الإلهية والمنح الربانية التي تفضّل بها على عباده خلال هذه العشر، فهي أجْدر بالقيام والصيام وذكر الله تعالى والمبادرة إلى فعل الخيرات.

أفضل أيام الدّنيا:

إن من أفضل أيام الدنيا، هي هذه العشر، التي دعا النبي صلى الله عليه وسلم الى التنافس فيها بالطاعات واغتنامها بالعمل الصالح؛ حيث يجد المؤمن فيها حلاوة الإيمان بالله والخضوع له سبحانه وتعالى مع الشعور بالذلة والانكسار لله تعالى.

فعن جابر عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “أفضل أيام الدنيا أيام العشر – يعني عشر ذي الحجة – قيل: ولا مثلهن في سبيل الله؟ قال: ولا مثلهن في سبيل الله، إلا رجلٌ عفَّر وجهه بالتراب”؛ رواه البزَّار، وابن حِبَّان، وصحَّحه الألباني.

اجتماع فيها أمهات العبادة:

لقد اكْتُسبت هذه العشر الفضل والخيرية؛ من خلال اشتمالها على أمهات العبادات، من صلاة وصيام وزكاة وحج وذكر الله تعالى؛ وذلك خصّيصة انفردت بها هذه العشر عن سائر أيام السنة.

اجتماع فيها مناسك الحج:

معظم مناسك الحج وجُلّ أركانه وواجباته تؤدى خلال هذه العشر، من  إحرام وتلبية وطواف بالبيت وسعي بين الصفا والمروة ووقوف بعرفة، والمبيت بالمزدلفة.

 فيها يوم عرفة:

يعتبر يوم عرفة يوما عظيما في قلوب المؤمنين فهو الركن الأعظم في الحج، وقد ورد اقترانه بكثرة في الأحاديث النبوية بفريضة الحج، لأنه أسُّ الحج وبنيانه، وكذلك أيضا ما يجسده هذا اليوم العظيم من تلاحم بين المؤمنين على اختلاف مشاربهم وألوانهم ولغاتهم؛ حيث يصطفّون على صعيد عرفات في جوّ إيماني مهيب وألسنتهم تلهج بذكر الله ودعائه، أملا في مغفرته وطمعا في الجنة.

فيها يوم النحر:

يعتبر يوم النحر من أفضل أيام السنة عند بعض العلماء مستشهدين على ذلك بما وردعن النبي صلى الله عليه وسلم: “أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القرّ”. رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني.

الأعمال المستحبة، خلال عشر ذي الحجة:

لقد ورد في الحديث النبوي، تأكيد على فضل العمل في العشر الأوائل من ذي الحجة؛ حيث ميّزها النبي صلى الله عليه وسلم بمزايا عظيمة، وكل ذلك من أجل أن ينال المسلمون حظا منها ويظفروا بالثواب والمفغرة، فعن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام – يعني أيام العشر – قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجلٌ خرَج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء” رواه البخاري.

فما الأعمال التي يستحب الإكثار منها في العشر من ذي الحجة؟

إن أول ما ينبغى أن يستحضره المسلم، هو تجديد النية والعمل بصدق وإخلاص مع الكف عن سائر الذنوب، فكل بني آدم خطاء،وخيرهم من يبادر بالتوبة الى الله تعالى. قال تعالى: “وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون” النور:31

_الإكثار من صلاة النوافل والتهجد باليل وصيام التطوع؛ خاصة يوم عرفة بالنسبة لغير الحاج، فإن أجر صيام ذلك اليوم عظيم عند الله تعالى؛ حيث يكفر الذنوب والسيئات ويمحو الآثام والمعاصي.

_الإكثار من الصدقات التطوعية، وتفقد أحوال المساكين والمعوزين، وعيادة مرضى المسلمين، وإدخال السرور على المستضعفين؛ خاصة أن أخر هذه العشر،هو يوم النحر؛ حيث تعم الفرحة لدى المومنين، فيستحب إغناء الفقراء والمساكين عن ذل السؤال في هذا اليوم،وإشعارهم بالأنس والتضامن.

_الإكثار من ذكر الله تعالى :

قال تعالى: “ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام” الحج:28.

إن هذه الأيام المجيدة يعظم فيها ذكر الله تعالى وتوحيده وتسبيحه؛ حيث ورد في القرآن الكريم _خاصة سورتي البقرة وسورة الحج_ آيات عديدة تحث على اغتنام هذه الأيام الفضيلة بذكر الله تعالى وترسيخ معنى التوحيد في النفوس،وقد اقترنت فريضة الحج بإقامة ذكر الله واستحضار عظمة الخالق عز وجل؛ فهو المستحق للعبادة على أكمل وجه، والمغزى من العبادات كلها هو الخضوع لله وإقامة ذكره، والشعور بالذلة والافتقار له، كما الشأن في فريضة الحج، يأتي الحجيج بلباس تشبه أكفان الموتى في افتقار تام لله تعالى، تنتفي كل الفوارق الاجتماعية ويتّحد الهدف، ألا وهو تلبية نداء الله تعالى على لسان ابراهيم الخليل عليه السلام.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M