محمد الفايد أو نهاية رجل تائه

21 أغسطس 2023 22:26
رأي الدكتور محمد الفايد في قضية التغيير الوراثي

هوية بريس – الصادق بنعلال

تعرض السيد محمد الفايد، في السنوات السابقة وخاصة أثناء الانتشار المخيف لجائحة كورونا، إلى وابل من الانتقادات وأصناف من التنمر والتهجم غير المقبولين على إثر تصريحاته ذات الصلة بالتعاطي مع بعض الأمراض، والحلول التي كان يراها كفيلة بمعالجتها أو على الأقل بالتخفيف من زخمها وتهديدها لحياة الأفراد والمجتمعات.

وكان صاحب هذه السطور من الكتاب الأوائل الذين عبروا عن رفضهم لذلك الاستهداف العنيف، لهذا الخبير المغربي في مجال التغذية، ودعا باستمرار عبر تغريداته في مواقع التواصل الاجتماعي إلى ضرورة احترام آراء الخبراء في ميدان تخصصاتهم، و تمتعهم بحق الرد على منتقديهم، ولم لا تنظيم لقاءات للمناقشة الموضوعية القائمة على البراهين العلمية واحترام آداب الحوار.

والواقع أن المواطن المغربي والعربي بشكل عام في أمس الحاجة إلى الثقافة الغذائية والصحية والقانونية والتاريخية والمدنية.. لكي تكتمل لديه الرؤية وتتعمق معارفه وتتنوع أفكاره، فعلى الرغم من أهمية الصروح الفكرية الدينية والفلسفية والعلمية والأدبية، إلا أن الإنسان المعاصر في كل مكان، يليق به الوعي المتعدد والمنفتح على العالم والكون والحياة.

لكن مؤخرا خرج السيد الفايد في شرائط فيديو عبر قناته على اليوتيوب يفصح فيها عن مواقف وآراء حول المسألة الدينية (القرآن الكريم والأحاديث النبوية)، وعن الدعوة إلى إعادة النظر في مجموعة من الظواهر والممارسات من قبيل صلاة الجمعة.

شخصيا لا أرى أي مانع يحول دون إعمال الرأي وتفعيل الذهن للرفع من مستوى المنجز الديني والسياسي والاجتماعي، شريطة استحضار مستلزمات الجدية والإحاطة العميقة بالمواضيع المراد إعادة “قراءتها” من جديد، والرغبة في الانتقال من وضع إلى وضع آخر أكثر تقدما وازدهارا.

لكن ما أثار انتباهنا في هذا “المنحى” هو أن السيد الفايد لم يعبر عن تصوراته الخاصة، من خلال مقالات محكمة ودراسات ومؤلفات يبسط فيها “رؤاه الجديدة” بالتحليل والمقارنة والمناقشة، والاستشهادات والاستدلال النصي والعقلاني لإقناع المتلقي، و”إفحام” المنتقدين وأصحاب الأطروحات المضادة، بل إنه سلك الطريق الخطأ واقتصر على “خطابات مصورة”، مندفعة متشنجة مهددة في موقع التواصل (اليوتيوب)، وهي خطابات موجهة إلى فقهاء دين نتفق معهم تارة ونختلف تارة أخرى، لكنهم يحظون باحترام الشعب المغربي، بفضل اجتهادهم النبيل وأخلاقهم السامية وحبهم الجارف لوطنهم، وثوابت البلاد المقدسة.

وليت السيد الفايد اكتفى بمهاجمة هؤلاء الفقهاء المتنورين المعتدلين، بعتاد معرفي ملزم وأسلوب حضاري يليق بمقامهم وصورتهم الاعتبارية، بل إنه استعمل سجلا لغويا عدائيا، لا يناسب من ينتمي إلى دائرة “صناع المعرفة والمدافعين عن القيم”، ولم نتعود من أساتذتنا الكبار أصحاب المشاريع الفكرية العملاقة هذا السقوط الأخلاقي غير المسبوق.

وعلى ضوء ما سبق، فإن حماية الذات من الظلم والتجني وإعادة الاعتبار إليها، أو الدفاع عن مشاريع واستراتيجيات وغايات “جديدة” ليست نقيصة، من حق أي كان كما تمت الإشارة إلى ذلك سابقا، أن ينتقل من ميدان معرفي إلى آخر، وأن يتناول بالحديث كل مجالات الحياة البشرية، لكن في سياق من التمكن والإدراك الشمولي الحصيف، والوعي العلمي والرؤية النقدية المحايدة، والمنهج البرهاني السليم، وقبل ذلك وبعده، احترام الآخرين والبحث عن أعذارهم، ومخاطبتهم بوسيلة لغوية حافلة بالمحبة والتآزر والتسامح، خالية من الكراهية والتخاذل ورفض الآخر. “فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض”

آخر اﻷخبار
1 comments
  1. الفايد تعدى مواجهة الفقهاء والتنقيص منهم إلى ما هو أطم، وهو الطعن في نصوص القرآن والسنة المحكمة، والتنقيص من الأحكام القطعية المجمع عليها، وهذه محاداة لله ورسوله سببها مرض في العقل أو مرض في القلب أو هما معا، وأحلاها مر.
    نسأل الله تعالى الثبات والعفو والعافية.

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M