مراعاة الأبعاد النفسية في التكييف الفقهي للزواج المؤقت

17 أكتوبر 2019 19:23
من خدعة القرن إلى صفقة القرن

هوية بريس – ذ. حماد القباج

من المعروف في علم الفقه أن التشريع الإسلامي أحاط عقد الزواج بعدد من الأحكام التي جعلت منه ميثاقاً بالغ الأهمية؛ وهو ما أكده القرآن الكريم حين وصف هذا العقد بأنه: ميثاق غليظ.

ولو تأملنا في تلك الأحكام لوجدنا عددا منها يتغيا مقصد المحافظة على الاستقرار النفسي للمرأة بالمحافظة على كرامتها وطمأنينتها، وما يعنيه ذلك من استقرار الأسرة وتماسك المجتمع.

ومن أمثلة الأحكام التي يظهر فيها مقصد إرجاع الاعتبار للمرأة وصيانة كرامتها ومراعاة نفسيتها: تحريم الشغار، وتحريم التعدد غير المحدود للزوجات، وتحريم رجعية الطلاق بعد الطلقة الثالثة.

إن مراعاة مشاعر المرأة ينبع من المعرفة العميقة بطبيعتها التي لخصها النبي صلى الله عليه وسلم في كلمة واحدة؛ حين وصف النساء بـ”القوارير”.

فكلمة قوارير تشير إلى رقة المشاعر وحساسيتها؛ وهي طبيعة نفسية لا يمكن تجاوزها إذا أردنا بناء أسر متماسكة ومجتمعات مستقرة.

ولعلي لا أكون مبالغا إذا قلت بأن الأسرة مرآة تعكس نفسية المرأة؛ وأن استقرار تلك النفسية واضطرابها ينعكس بشكل مباشر وواضح في تلك المرآة.

إن زواج الرجل من امرأة بدون توثيق عقد النكاح؛ سلوك غير مسؤول تترتب عليه أضرار لا تنبغي الاستهانة بها؛ أولها: إيذاء المرأة بتعريض حقوقها للضياع والتفريط.

وقد سمعنا عن تجارب مؤسفة؛ وقعت فيها نساء فريسة رجال ثارت وحشيتهم وهاجت لما رأوا أنهم معفيين من كل الضوابط التي تضمن حقوق الزوجات.. ومنهم من بيّت نية الغدر بالمرأة والتملص من ارتباطه بها دون تبعات.. بل منهم من اتخذ هذا السلوك عادة يروي بها غليل بهيميته..

كثيرون طرقوا هذا الباب ودخلوا هذا البيت دون مقاصد سلبية؛ والنساء اللواتي قبلن بالارتباط بهم جعلن مناط حقوقهن هو خلق أولئك الرجال وضميرهم؛ والأخلاق أحوال نفسية تتفاوت من شخص لآخر وتعرف في نفس الإنسان الواحد مدا وجزرا يخضع للمزاج وغيره من العوامل..

وقد رفضت الشريعة أن تجعل حقوق الزوجة في مهب رياح الأحوال النفسية لزوجها؛ فأمرت بتوثيق عقد الزواج بالشكل الذي يجعله هو الضامن لتلك الحقوق.

وتوثيق العقد كتابة لدى الجهاز العدلي؛ أضحى اليوم أساسيا في ذلك الضمان، وما يدفعه عن المرأة من أضرار.

وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

إن المرأة التي تكون مهددة في مثل هذه الوضعية؛ تتعرض نفسيتها لرياح شديدة؛ والقوارير لا تتحمل الرياح القوية ولا تصمد أمامها؛ فما بالك حين تتطور تلك الرياح لتصير عواصف مدمرة؟!

إن الزوج المتحلل من ضمانات الحقوق؛ بمجرد أن يشبع نهمه الجنسي يبدأ بالشعور بأن هذه المرأة عبء عليه، ولا يصمد كثيرا أمام دواعي التخلص من ذلك العبء؛ فيكسر القارورة ويحطم نفسية الزوجة ويجعل منها: عنصرا معطلا في المجتمع أو مهددا له بأنواع من الأذى والضرر.

ومع تنامي هذا السلوك غير المسؤول؛ نجد أنفسنا أمام جيش من النساء المحطمات؛ اللواتي تتغذى نفسيتهن على سلوك الانتقام ويملأن المجتمع بمعاني الكراهية.. لأنهن كن ضحايا استغلال خبيث منعدم الضمير.

وتتسع دائرة الشر هذه بسبب حالات الزواج التي يترتب عليها إنجاب أولاد؛ فماذا يقال للولد عن والده الذي تخلى عن أمه بعد أن استمتع بها؟!

كيف تواجهه أمه بالحقيقة؟

وكيف تشرح له ضعفها الذي جعلها ترتبط بإنسان دون توثيق عقد زواجها؟؟

إنها مأساة بكل ما تحمل الكلمة من معنى؛ وهذه المآلات تؤكد القول الفقهي بتحريم الزواج الذي لا يوثق بعقد.. ولو رجعنا إلى فقهنا النوازلي لوجدنا فيه حالات أصدر الفقهاء فيها أحكاما فقهية باعتبار ما يترتب عليها من أضرار نفسية تنعكس سلبا على المجتمع..

آخر اﻷخبار
2 تعليقان
  1. إذا كان الزواج بدون عقد محرما فهل من أقدم عليه من الرجال يعتبر زانيا ومن أقدمت عليه من النساء تعتبر زانية.؟ وهل إذا انجبا من هذا الزواج غير الموثق تعتبر ذريتهما أولاد زنا؟ وإذا كان أولاد الزواج غير الموثق أولاد زنا فلمن ينسبون للرجل الزاني أو للمرأة الزانية؟ وإذا كان الزواج غير الموثق حراما فما القول فيمن فعله من أسلافنا من عهد النبوة إلى عهد قريب؟ وأين النص الشرعي الذي يأمر بتوثيق الزواج؟ وإذا وجد هذا النص كيف خالفه المسلمون الأولون وعطلوه، إن تحريم الزواج غير الموثق جرأة على الشريعة وتحريم لما أحله الله وتأثيم لعشرات الأسر في الجبال البوادي التي لم تزل تمارسه.

    1
    1
  2. إن الفقهاء قالوا: إن الإلزام بتوثيق عقد الزواج من باب السياسة الشرعية الرامية إلى جلب المصالح ودفع المفاسد، وافتوا من تزوج بغير توثيق بصحة العقد مع إثم المخالفة للأمر بوجوب التوثيق. إن أمر توثيق الزواج أو عدمه متروك لتقديرات الناس وظروفهم. ثم لماذا لا نعالج المشكلة من جذورها ونطرح السؤال التالي: لماذا يلجأ بعض الناس إلى عدم توثيق عقود الزواج؟والجواب هو: السبب هو التضييق في المساطر المتبعة كمسطرة التعدد، ومسطرة الزواج في سن معين، ومسطرة الحرمان من التعويضات عند الإقدام على الزواج…. لا أحد من الناس يرغب في عدم توثيق عقد الزواج، وإنما يضطر إليه بعضهم عندما توصد في وجوههم الأبواب. علينا أن نعالج هذه المشكلات ولن يلجأ أحد إلى الزواج غير الموثق

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M