مقاومان مغربيان.. الحجامي والسملالي

29 ديسمبر 2020 22:00
مقاومان مغربيان.. الحجامي والسملالي

هوية بريس – ذ.إدريس كرم

تقديم (لمراسل خاص):

بعد حوادث Hبريل 1912 وبالضبط في الأيام العشر من ماي حيث ظهرت إثارات وقلاقل متزامنة من ذوي النفود بفاس ضد الفرنسيين، ومن ضمنهم محمد الحجامي المتواجد في ناحية جايا، محرضا فشتالة كما فعل مع بوحمارة من زمن، جعل الأخير لا يناديه إلا بالشريف الحجامي.

وقد دعيا كل أتباعه الدينيين بقبيلة فشتالة للحرب المقدسة التي يسميها الجهاد، وبعث برسل إلى النواحي لنفس الغرض، كما بعث بمندوب عنه للحديث في تجمع سوق خميس الكور يوم 9 ماي 1912 المنعقد من طرف القبائل الغاضبة على احتلال النصارى للبلاد.

لغاية سنة 1912لم يكن أحد يعرف الشريف الحجامي، غير المتدينين من حوله والده، الذي كان يسكن في فرقة اولاد عليان، وبعدها سكن في بني وليد.

بداية شهرته انطلقت مع انخراطه في الصراع المسلح، الذي استمر ستة عشر شهرا من ماي 1912 إلى اكتوبر 1913 حيث أصبح مستشارا عند كل مثيري الفتنة والبلبلة.

في 15 ماي كتب للمتمردين المتواجدين في بومرشيد المتكونين من حوالي 6000 رجل ليلتقوه من أجل الهجوم على القوات الفرنسية المتواجدة بفاس، وقد تعززت الحركة يوم 16 ماي بحوالي 3000 جبلي قدموا لبومرشد.

في هذه الأثناء راج اسم جديد يدعى المدني، من اصل سوسي يصنع الأحجبة، قدم لمولاي بوشتة الخمار للزيارة منذ سنتين، وعن له البقاء في الضريح، حتى أعلن ذات جمعة من داخل قبة الضريح، أنه سلطان الوقت، مأمور من قبل الولي الصالح بالدعوة للجهاد، ومحاربة النصارى الذين احتلوا بلاد الإسلام بالمغرب، فطار صيته بسرعة، واجتمع حوله خلق كثير، ومنهم بعض جنود الطابور المخزني الذين غادروه، بعد تورة فاس ضد مدربيهم الفرنسيين، وكون مع الحجامي حركة مشتركة لمحاربة الاحتلال الفرنسي.

كان للحجامي علاقة بسيدي رحو، من أجل التحرك نحو فاس لمنع القوات الفرنسية من دخولها، وفي 16 ماي ترأس حركة بومرشد المكونة من 3000 فارس و600 راجل من قبائل غياتة، لبرانس، اتسول، بني وراين لحياينة، وفي بومرشد، بقي على اتصال مع ولد سيدي المهدي البقالي، قائد حركة صدينا منذ 20ماي.

لقد عاب الحجامي على سيدي رحو تراخيه في التحرك نحو فاس، لكن المواجهة تأخرت في انتظار رأي بعض الجهات كما جاء في رد سيدي رحو.

وفي 25ماي توجهت الحركة نحو فاس، مكونة من 6000 مقاتل لمهاجمتها ليلا، بيد أنها نزلت في الحامة، على ضفة واد سبو، بأمر من الحجامي، حيث قضت ليلها، مما اعتبر إخفاقا ترتب عنه التباطء في تلبية دعوات الجهاد والوفاء بالوعد بذلك من قبل الغاضبين، بيد أن القبائل لم تتغير في معتقدها، بوجوب محاربة النصارى، المهاجمين لبلاد الاسلام كما تنبأ يذلك الشريف، فتم اتخاد قرار جديد بمهاجمة الفرنسيين بالمدينة، لكن الحجامي حذر من ذلك لأنه، كان اقل وثوقا من نجاح الهجوم، بيد أن الجموع أصرت على مهاجمتها كيفما كان الحال، ويؤكدون بأنها ستسقط في يد الجاهدين، وتصير تحت سلطتهم.

بيد أن الهجوم الذي تم في 28 ماي فشل وابعدت الحركة للحجرة الكحلة، حيث كان الحجامي مع جزء من الحركة التي لم تشترك في الهجوم، ولما تجمعت الحركة قام فيهم الحجامي خطيبا، حيث وعضهم وبصرهم بما يجب عمله، مبشرا إياهم بالنصر، وعزمه على تنظيم هجوم جديد على فاس.

كانت الحركة تتقوى كل يوم، بما يأتيها من متطوعي النواحي التي يعتقد المخزن أنها تحت سيطرته، كما أن سكان فاس كانت قلوبهم مع المقتحمين.

دبر الحجامي حملة جديدة كالسابقة، وأمر بانطلاقها قبل خروج كلون كورو من فاس، بيد أن الأخير باغتهم، وهاجم الحركة بمقرها في الحجرة الكحلة بالمدفعية والرشاشات، حيث شتتها واوقع بها خسائر فادحة، مستوليا على خيمة الحجامي ومراسلاته، وذلك في فاتح يونيو 1912.

معركة فاتح يونيو هذه التي شتت الحركة أوقفت أيضا اتساع نفوذ حركة العصيان وملحقة بالحجامي ضربة قوية، بيد أنه لم يترك الدعوة للجهاد، والحث عليه وبدأ يتنقل بين صدينة وبومرشد يثير حمية تابعيه ويحفزهم على مواصلات الجهاد، وقد بعث بشيخ الربيع خربيش لغياتة لجمع وحدات جديدة، في كل من صدينة وبومرشد، ثم اجتمعوا بعدما خرج السلطان من فاس يوم 8يونيو، فانتهز الحجامي ومن معه الفرصة لمواصلة الدعوة للجهاد.

كتب الشريف رسائل لقبائل الشمال الشرقي يطلب منهم القدوم عليه، وفي 9 يونيو تكون تجمع آخر في عين بومرشد، تحت مراقبة وتوجيهات الحجامي، وقد ألح المجتمعون على أن يترأس حركتهم، وبعد إقامة الصلاة قبل ترأسهم لاستئناف الصراع في الوقت المناسب، وقد انتشر بهم لغاية حدود اجبالة.

حوالي 15 يونيو عملت فشتالة على جمع متمردي المستقبل في مولاي بوشتة محرضين جيرانهم على الإلتحاق بهم والقدوم عندهم حيث الروكي الجديد المسمى مولاي محمد بن الحسن السملالي الذي يدعوا للجهاد منذ شهر، والذي تقاطر عليه المؤمنون، منذ أن أعلن نداءه، فتكاثر أشياع بسرعة مهددين، متوعدين النصارى المعتدين على بلاد المغرب.

مقاومان مغربيان.. الحجامي والسملالي

في 14 يونيو غادر فاس كولون بقيادة كورو، الذي خاض معارك ضد الحجامي في وهاد يناون أيام 18-19-22 يونيو جاعلا الحجامي ينتقل للشمال لواصل دسائسه ضدنا.

وفي 24يونيو بدأ ضغط أنصار روكي فشتالا يتصاعد، بعدما عين قيادا على مناصريه من القبائل المنتمية له، وتمركز هو جنوب مولاي بوشتة، وأخذ يتحدث عن التوجه للعاصمة فاس.

في فاتح يوليوز اجتاز بجموعه حوز قبيلة اشراكة، وقام بنهب واحراق قرية القايد عبد الكريم ولد ابامحمد الشركي، المعين من قبل المخزن قديما، وراسل جميع مناطق الشرقية لفاس، يدعوها للانضمام إليه من أجل الزحف على العاصمة، للاقتصاص من الفرنسيين.

القيادة العامة الفرنسية، عينت الجنرال كورو في الحال، لإجلاء الخصوم الراغبين في مهاجمة المدينة، وفعلا توجه الكلون لصدهم وأجلائهم، فتم له لك بسرعة، حيث تمت مهاجمة التجمع ليلة 5-6 يوليو ببورزلان الرمل، فكان أمرا مفاجئا لسكان القبائل، خاصة بعد سيطرة قوات كورو، بشكل مفاجئ على مولاي بوشتة في الغد، أي 7 يوليوز، وأدى هذا النجاح لإيقاف الالتحامات مع النواحي وحركات الثورة المسلحة، وأخدت وفود القبائل تأتي لمعسكر الكولون تطلب الأمان لأولاد عيسى، واحجاوا.

أما الروكي (السملالي) فلجأ عند الحجامي بقبيلة جاية، حيث استقبل بترحاب كبير، وبعد أيام توجه الى سبت غاليز، يريد إقامة علاقة مع سيدي رحو، الذي بعث له أحد أقاربه ليعرف حاجته، إذ لم يكن منزعجا من نجاحاته فطلب منه مقاتلين جدد، للإبقاء على التحريض قائما في ضفاف ورغة، وتقويته في مناطق اجْبالة، وبالفعل جاءته إمدادات من المناطق الشمالية والشرقية لفاس.

في بداية غشت، بذل الروكي السملالي جهودا كبيرة جديدة، لذى النواحي المجاورة لورغة أدت لضهور ردة في اشراكة، شبيهة بتلك التي اخمدتها في معركتي 6 و7 يوليوز 1912 فقامت قوات بقيادة كورو، وأخرى بقيادة بِين بمغادرة فاس في بداية غشت، للقضاء على المحرضين الذين ظهروا مجددا، في اشراكة وحول ضفاف واد سبو، فتم طرد اتباع الروكي، إلى منطقة اسْلاس شمال ورغة.

في 14 غشت دارت معركة قاسية ضد حركتان بقيادة كل من الحجامي، والروكي السملالي بالعيون، قرب مولاي بوشتة، انتهت بهزيمتهما لكن الروكي جمع أنصاره من جديد، وخاض معركة قاسية، يوم 17 غشت، بعدها لجأ لجَايا محاولا من جديد جمع محرضين جدد، من اجْبالة الذين امتنعو من مرافقته للنواحي الشرقية، ولم يتبعه سوى 250 مسلح فقط وبعض العناصر من اشراكة، ولَحْياينة، فصعد ورغة لغاية حدود مهارين، واستقر بباب تازا عند هَوَّارة دَلْحجْرة على حدود اتْسول، اولاد عمران، واولاد عليان.

واصلت النواحي الموجودة تحت حكم كلون بِين، عدم الاستجابة لنداءات الروكي السملالي المتكررة، ليبقى الفراغ محيطا به.

في العاشر من شتنبر 1912 توجه لعين حٌمَّان منبع واد اللبن، وفي 16 منه، توجه لتَفازا ليلتقي بأعيان التسول، وفي العشرين منه كتب لغِياتَة كي ينهضوا لملاقاته، وفي نهاية الشهر وصل لمولاي علي الشريف، بين تافازا امْصَاصا (هوارة الحجرة)، وفي الخامس من أكتوبر، ذهب لأولاد بوزيان، حيث ظنا منه أنه سيجد سيدي رحو هناك، بعدما توصل منه برسالة يدعوه فيها للقدوم عند آيت يوسي فخيم للإغارة على اولاد عياد، لكنه أوقف من قبل اولاد بوزيدي، وأمام هذا الإخفاق الجديد قام بالانتقال لأَسْطار على الحدود مع اولاد بوزيان، والتسول، متأسفا على الغموض الذي لمسه في تحركه هذا.

غِيَّاتة، ولبْرانص، ارتدوا عنه يوم 8 أكتوبر، بيْد أن ذلك لم يقلل من نشاطه، فغير معسكر إقامته، وانتقل إلى كعدة الرَّوَانيب، مواصلا تحريضه، وبعث رجاله الى حد باب كرْواوة.

وفي 17 اكتوبر عسكر من أجل مهاجمة دار القايد المَدَّاد، قايد اولاد عمْران (لحياينة) المنضوين تحت حكمنا من مدة، لكنه اخفق في تحقيق هدفه، بعدما تخلى عنه لحْيانة فتوجه للتّْسٌول، حيث استضافه ابّاعبُّو، بشرط بقائه حيث هو، وبتوقفه هناك، بدأت وحداته العسكرية تدوب كل يوم، حيث بدأ جنود الطابور الفارين منه بعد حوادث فاس، والذين كانوا من الأكثر وفاء للروكي، بالانصراف عنه الواحد بعد الآخر، في حين بقي الحجامي المنفصل عنه، في مكانه ثابتا.

لما رأى الروكي، أنه بقي منفردا وسط النواحي الشرقية، كتب مجددا لسيدي رحو، طالبا منه اللجوء قريبا منه، لكنه لم ينهض لاستقباله فدخل مع ذلك في مفوضات مع بني وَرَايَن ليسمحوا له بالمرور في مجالهم الترابي، فصار يوما بعد يوم أقل أمنا.

في الأيام الأولى لشهر نونبر 1912 حاول الانتقال للجنوب فكان انطلاقه شبيها بالهروب مصحوبا ببعض الفرسان من بني وراين، وصلوا يوم الثالث من دجنبر لسيدي عبد الرحمان أومسعود، قرب بوزَمْلام، وفي السادس منه لبني يازْغا، وفي الثامن كان في عزَّابا، قرب مسْدَرا الجرف.

جهة أيت يوسي، أيت سغرشن وبني امْطير وضعوا وقتها بعض الضغوط، للاستجابة لطلبه وسيدي رحو نفسه لاح أنه يريد تقريبه منه وظهر ذلك في الإمساك عن إبعاده عنه، وشيئا فشيئا ازدادت متانة التفاهم القائم بينه وبين سيدي رحو.

في 16 يبراير 1913 نزلت جماعتين من مرتفعات مسدر الجرف للسهل، لكن مركز صفرو رصدهما، وأبلغ بتحركهما الفرقة المتحركة لقواتنا بفاس التي كانت تتحين الفرصة للخروج لتلك الجهة، فتوجهت للمكان الذي ابلغت عنه، حيث وصلت في الوقت الذي بدأ فيه رجال الروكي، وسيدي رحوا سلب ونهب اولاد الحاج، الخاضعين لسلطتنا وأوقفوا تصرفاتهم.

في 19 يبراير 1913 يوم عيد المولد قام الكولون بمعية ملحقة صفرو باحتلال مرتفعات مسدرا وجعلت الروكي يفر إلى أيت يوسي، دون أخذ خيمته ووثائقه، وقد أظهر سكان تلك النواحي تعبهم من توالي توافد المحرضين والمهيجين عليهم، مبدين استياءهم للروكي دون مواربة رافضين تموينه، مما جعله ينطلق في الطريق المعاكسة التي جاء معها، والتي ستقوده بعد أربعة أشهر لآيت يوسي.

في الرابع من مارس، تقدم الروكي قليلا نحو أموزار، من أجل التباحث مع بني امطير حول مَدِّ يدِ العون له، هم والذين ابانوا على نيتهم في ذلك، فوضع اتفاق بينه وبين عقا البودماني المشهور، ولعرج اوحمو لحسن قائد عمليات متمردي بني امطير.

وفي 13 مارس 1913 بمجرد ما سُمع بقدوم الكولونيل هنري لسيدي عيسى أٌمْ فارس، حتى تحرك، وأخذ معه عصاة أيت يوسي اشْرابا لآيت سغرشن دموزار، التي لحقه بها مشايعوه من اجبالا، لملاقاة كلون هنري، في نفس الوقت كتب لجميع القبائل، حتى بني سدان نفسهم، يطلب منهم الإمدادات بالرجال والمؤن، بيد أن الانتصار السريع للكولون عليه، أبعده وحول أنظاره عن إموزار نحو الجنوب.

بعد معركة 16 ماي التي خاضتها قوات دائرة بني امطير، ضد الروكي (السملالي)، والبودماني وبوكرين، ولعرج، تراجع هؤلاء الأخيرين نحو ضاية افران، وضاية حشلاف، وكيكو لإراحة مناصريهم، وتنظيم صفوفهم.

في هذا الوقت أصبح الروكي (السملالي) أكثر إلحاحا لدى أيت يوسي، وأيت سغرشن سيدي علي، لكن هذه الأخيرة رفضت مساعدته إطلاقا، كما رفضت حيثيات تأمينه في كيكو ووسط أيت عقرا، فرجع نحو إموزار مع عقا البودماني وباقي قياد الحركة، ليواصل تمرده بالرغم من أن تجوال كلون هنري في المنطقة اصابه بمثل ما أصاب به سيدي رحو من إحباط، لعدم توفر عناصر الصمود والنجاح في مسعاهم، فغادر بني امطير في الثالث 3 من يوليوز باتجاه الشرق.مقاومان مغربيان.. الحجامي والسملالي

في الوقت الذي أصطحب الروكي (السملالي) المهيجين للجنوب من بني امطير كان الحجامي يواصل في الشمال برنامجه ضدنا، وأعلن في أواخر ماي 1913 نيته في مهاجمة أربعاء تيسا، مع العلم أن مركزنا بها كان قد هوجم من قبل التسول، واستولوا عليه، مما تطلب منا تحركا عسكريا سريعا لاسترداده منهم، وهكذا خرجت من فاس فرقة متحركة في الثاني من يوليوز، لناحية شمال لحياينة، وبقيت تجوب الضفة اليمنى لنهر ورغة ما بين الرابع 4 من يوليو والرابع والعشرين 24 منه 1913 حيث كان لتلك الناحية علاقات جيدة بالحجامي، عملت على قطعها من خلال الخضوع الذي أبداه سكانها، الذين بعثوا بممثلين لهم لقائد الحملة بذلك.

كما تم تعزيز الاتصال ببعض قرى اولاد عيسى على الضفة الغربة لورغة، الخاضعين من قبل والذين بقوا على ولائهم لنا، وفي 26 يوليوز دخلت تلك القوات المتجولة فاس، عائدة بعد انتهاء مهامها، التي خرجت من أجلها.

إذا رجعنا لتفازا، نجد أن التسول استقبلت في يوليوز الروكي كطفل عبقري من شدة الحفاوة التي خصصوه بها، وقام هو بدوره بإنشاء قصبة لإقامة قواته، وقد تدفقت عليه الوفود حاملة التموين، لكن عندما اعتقد ان الوقت قد حان لإقامة حركته لمهاجمة مركز أربعاء تيسة على بعد 35كلم من معسكره، لم يبلغ عدد ما اجتمع لديه من المسلحين بعد مشقة وجهد 100 مسلح، فتخلى عن فكرة المهاجمة.

أما الحجامي، فما يزال في جاية، يواصل نشر الكراهة للأجانب، واستغلال ذلك ضدنا الضجيج يأتي من الشمال بواسطة اجبالة الذين يواصلون علاقتهم بالروكي، الذي ما فتئ بحضهم على الصبر والتريث حتى يهيئ لهم حركة جديدة.

في أوائل غشت 1913 لم يقم بشيء يذكر، وفي 15منه توجه لسوق أربعاء عين مديونة، وفي 16 منه توجه لرغيوة، وفي 17 توجه لمزيات، وفي 22 توجه عند الشريف الحجامي الذي وفر له الإقامة، ومنها تابع نشاطه المغامر، فأرسل رسائل لبني مزكلدة وسُطَّا، لكنه أخفق في مساعيه.

في شهر شتنبر وردت أنباء عن مواجهات مستمرة في طريقها للانتهاء شفقة من اسلاس علينا، بعد توسلنا لهم بحمايتنا، من هجمات العصاة، علينا من مجاوريهم الشماليين، عندما نجح الكولون المتحرك بمفرده في إعادة الهدوء بالأماكن التي مربها وحمايتها، عادت الثقة فيه من قبل سكان تلك الجهات، الموجود بين سبو وورغة، التي صرح الروكي والحجامي بسقوطها بين يديه والاستيلاء عليها، وفي نفس الآن توصل أحد ضباط الاتصال بفشتالة، بنفس النتيجة بفضل جيران الكولون السالف الذكر، الذي خرج من فاس يوم 4 شتنبر، وعاد لها يوم 14 منه، بعدما أعاد الهدوء لجميع أنحاء الشمال.

من المؤكد أن الروكي كان في وضع أكثر من عابر، المونة المقدمة له لا تشفي غليله، ولا توفي مرغوبه، وصدى دعايته قليل، وحماية الحجامي له تشبه فقط منعه من النهب والطرد من حدود جايا، حركة شبه معادية تتهيأ ضده، لديه رغبة أيضا في العودة مجددا لمزيات، وصنهاجة، لطلب المساعدة لكنه أخفق، بعد خيبة المحرض الحداوي الذي أعلن حضوره غير بعيد منه، وقد كتب في 15 دجنبر لنواحي ضفاف واد ورغة فاجتمع حوله مئات من المتحمسين الذين أجرى مبعوثيهم محادثات مع محرضه، مما صعب تحركنا السياسي، لكن حضور رئيس مصلحة الاستعلامات بالمنطقة على رأس مفرزة من جيش فاس، لكل من اسلاس وفشتالة، أمن سكان الشمال، بألا يخافوا أبدا من قيام هجوم مباغت للروكي عليهم.

اولاد عيسى فقط هم الذين استمعوا للنصيحة،

حاول الروكي إيجاد موقع قدم في اولاد بلعينا لحياينة، لكنهم رفضوا قطعا استقباله، وبعثوا لنا بمخططه.

في يناير 1914 أوضحت قوات البوليس الموجودة في اولاد راشد لحياينة، وصدِّينا لساكنة الشمال، بأننا دائما يقظين، وعلى استعداد للدفاع عن النواحي الطائعة الخاضعة لنا.

في هذا الوقت بدأ الروكي يحرث الأرض التي أعطيت له في جايا، وأولاد عيسى، الفخذات المجاورة تعبت من الصراع، ولم ترد من يضعف قوتها، فامتنعت من إعطائه الزريعة، فذهب بسرعة لمطامر الشرفاء الحموميين التي له علاقة حسنة بهم، وأخذ منها ما يريد من الحبوب.

هذه المسيرة تبين بأن الروكي السملالي مثله مثل الحجامي، لا يُعتِّب حيث يكون الخطر، سواء كان هنا أو هناك، لذلك فهو دائم الإنتجاع، والتنقل لزرع خمائر البلبلة والقلاقل، فحضوره يركز تلك الخميرة، وينمي عجينها، لكن يعجزها عن فك قيدها بمحض إرادتها، إنه ليس أقل حقيقة من أن حضور هذين المحرضين بين ظهران الجهة، يمثل هاجسا يتطلب -مكابدة مخططاته باستمرار-المتابعة والمراقبة بالمعالجة، كيفما كانت الوضعية.

في نهاية يبراير سنة 1914

منذ هذه اللحظة كانت تجري في شرق دائرة لحياينة معارك حول معسكر الزراركة، ضد التسول، لمساعدة فخدة غياتة المجاورين والبرانس الذين قدموا أرضا ملائمة لمكايد المهيجين.

بحماس وحيوية التمس الحجامي من التسول القدوم لنجدته، وألا يتقاعسوا عن للحاق به، وقد هيأ مع الروكي مخططا للانقضاض على النواحي القليلة الجنود في مراكز: اسلاس واشراكة، فأحرزا نجاحا مثمرا، لكنه كان أقل خطرا من الغزو الذي قمنا به في الشرق لاحتلاله.

وفي 3 و5 ابريل، ترأسا كل من الروكي والحجامي، في سبت كاليز، اجتماعين من أجل تهيء حركة للاستيلاء على مراكزنا العسكرية المنتشرة في شمال شرق فاس، وجاءت أخبار بأن الحركة تجاوزت واد ورغة، نحو الشرق وقد طلبا من فخدة لحيانا في الشمال السماح للحركة بالمرور عبر أراضيها، والتخييم في سوق أربعاء تيسة، للتزود بالمؤن، لكن الشيوخ رفضوا طلبهم، وأخبرونا بذلك.

آخر الأخبار تقول بأن الروكي بمساعدة مزيات وبعض فخذات جايا، غزوا فخذات من جايا موالين لنا، بعدما رفضوا التعاون معه ضدنا، وقد بعث هؤلاء من يخبر الكولون بفاس بما يحضر له من اجتياح لمراكزنا المجاورة هناك.

الحجامي كتب لمحمد أخمليش رئيس حركة الريف، يخبره بأنه والروكي يهيؤون لاقتحامات جديدة للفخذات للخاضعة لنا، أو التي تنبهنا للخطر.

(فاس 18/4/1914 ص:210 -214؛ إفريقيا الفرنسية 1914).

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M