مقاومة احتلال فرنسا لصحراء المغرب الشرقية من خلال الرسائل الرسمية الفرنسية 1901-1905 (ج1)

07 سبتمبر 2022 16:31

هوية بريس – ذ.إدريس كرم
تقديم:
تعتبر معاهدة لالة مغنية المبرمة بين ممثل سلطان المغرب والجنرال الفرنسي حاكم الجزائر ممثلا للحكومة الفرنسية سنة 1845 أن حدود الجزائر من جهة الغرب تنتهي عند ثنية الساسي، على بعد 140كلم قلعة عجرود على شاطئ المتوسط، وقد تم إقحام البند السادس في المعاهدة يعطي أراضي مغربية جنوب ثنية الساسي، لفرنسا مما جعل السلطان يرفض التوقيع على المعاهدة، ويعزل ممثله في المفاوضات مطالبا بتعديلها، وهو ما أكده جان هيس في كتابه “المسألة المغربية” مقدما مراسلة للجنرال دلمورسيير كمندار عمالة وهران 1845 يوضح فيها لوزير الحرب الفرنسي، قبل ثلاثة أيام من توقيع الاتفاقية أي في 15 مارس بدقة “حدود جنوب جزائرنا”.
…غرب جبل عمور يوجد سهل رملي يكون الجانب الجنوبي لحدود الجزائر، لا يمكن التخييم فيه بالقطعان وإنما يسمح فيه بمور القوافل، لأن غربه يوجد رحل ينتمون للمغرب. (انظر التفصيل في بحثنا المعنون بـ: “نص معاهدة لالة مغنية..” هوية بريس 2021/8/18).
وقد أدى عدم الاعتراف بالتوسع الفرنسي جنوب وهران من أجل عبور الصحراء، والوصول لتامبوكتو، مواجهات دامية بين السكان المغاربة الرحل والمستقرين في تافلالت، واتوات وكورار ودوي امنيع والعبادلة، واولاد جرير واولاد سيدي الشيخ وما والاهم، بقيادة العلماء وخليفة السلطان مولاي رشيد، وقياد المخزن التابعين له، وهو ما سنتابعه في الرسائل التالية.
……….
1- الإحتجاج الموجه للحكومة المغربية على مهاجمة تيميمون
من DELCASSe وزير الشؤون الخارجية
إلى السيد REVOIL وزير الجمهورية الفرنسية بطنجة
باريس في 1901/3/3
كما تعلمون، تعرضت نقطة تيميمون للهجوم من قبل ألف من البرابرة الذين قدموا من تافلالت، وبعد معركة دامية، تم طرد قواتنا، مع أنها كانت على أراضينا، وهدفا لعدوان من البدو الرحل اللصوص، الذين شكلوا طابورهم، في بلاد المغرب، بموافقة تامة من بعض السلطات المحلية.
من جهة أخرى الحكومة الجزائرية، تشير إلى أن ممثلي المخزن، كانوا سيقومون بجولة بين القبائل التي لم يتم الاتفاق على تنظيم تحركاتها، وفق معاهدة 1845 والتي بقيت في وضعية غير محددة.
وهذا ناجم عن عدم تمكننا، من جعل حكومة المغرب تضمن الأمن في هذه المناطق، لذلك وافقنا على النظر فورا، في الحالة التي ستزداد فيها المخاوف الناجمة عن هذه المشكلة، مما حدا بنا السماح لسلطاتنا العسكرية بالتدخل في هذه القبائل، كلما دعت الضرورة لذلك عكس ما قمنا به لحد الآن.
سوف تتفضل بالشكل الذي تراه مناسبا، بإعطاء مؤشرات للمخزن في هذا الاتجاه، لمعلوماتك الشخصية، ما زلت أجد أنه من المرغوب فيه للغاية، أن يسمح لنا سلوك المغرب، بالبقاء مخلصين للموقف التوقعي الذي اعتمدناه، لكن في حالة أن قوة الظروف تجبر حكومة الجمهورية، على ترك مجال العرض للسلطات العسكرية، التي صرحت بقيامها بالواجب في نقطة لقنادسة، ليكون المخزن على بال، حتى لا يفاجأ بالحدث، ولا بسوء فهم لطبيعة المظاهر التي سيتم إزالة أي فكر عدواني منها.
دلكاسي DELCASSe


وتم الجواب عن الرسالة السابق من قبل السيد REVOIL وزير الجمهورية الفرنسية بطنجة في 1901/3/23 وفق ما يلي:
يشرفني أن أنقل لسعادتكم، نص مذكرة الاحتجاج التي وجهتها بناء على تعليماتكم، لممثل السلطان في طنجة، والتي سلمتها إلى السيد عبد الكريم بن سليمان، وزير خارجية السلطان.
لقد أمرت للتو الدكتور linares بتكملة الاحتجاج الوارد في المذكرة المذكورة أعلاه، بأكبر قدر من الاحتجاج بشأن تواطئ السلطات المغربية في هذه الانتفاضة والتماسي بألا يترك كاتب الشؤون الخارجية جاهلا من الآن، بأنه يتحمل المسؤولية، وأن كل يوم يمر سيكون أكثر كلفة على المخزن، بالنسبة لتحديث المخزن، من الذي تم إثباته من قبل الحكومة الفرنسية لغاية الآن.
وقد تم إلحاق الجواب بالرسلة التي وجهها revon للسيد محمد الطريس ممثل صاحب الجلالة الشريفة بطنة والسيد السي عبد الكريم بن سليمان، كاتب الشؤون الخارجية لصاحب الجلالة الشريفة بمراكش، مؤرخة في 1901/3/18 من طنجة، جاء فيها:
أثناء العمليات التي كانت قد أدت للقيام في الجهة التي سبق التصريح بها منذ فترة طويلة، والتي لذينا الحق في أن تكون جزء من أراضي الجزائر، فإن حكومة الجمهورية تحرص على تطبيق حقوق الحكومة الشريفة بكل عناية وعزم راسخ، لتجنب أي عمل يمكن أن يثير تجاهله عندها أدنى قدر من القلق على ممتلكاتها، بالرغم من الهجمات التي تتعرض لها قواتنا، دون أن ترد عليها بالمثل، مع أن اتفاقية 1845 تعطيها حق ملاحقة المعتدين، الذين يلجؤون للأراضي المغربية، ونتيجة لأخذ الجناب الشريف بعين الاعتبار التأكيدات التي قدمناها، فقد أعرب جلالته عن عدم موافقته على الاعتداءات التي نتعرض لها، وأصدر أوامر صارمة للقبائل المتاخمة لهذه المناطق، بعدم مهاجمة أراضينا وفي هذا الإطار، تم تعين المدني لكلاوي عاملا على تافلالت، مدغرة، ومن تعتمد عليه من السكان، وذلك لمراقبة بعض القبائل، وصرف أنظارها عن المشروع الذي صمموه.
تم النظر في هذا الإجراء من قبل حكومة الجمهورية كعلامة للقلق المتحرك لذى المخزن لإنقاذ الالتزامات الناتجة عن الاتفاقيات الموجودة بين البلدين.
لسوء الحظ، فإن الأحداث التي وقعت منذ الوقت الذي أرسل لنا المخزن هذا البيان، قدمت لنا أدلة على عدم الاستماع للتعليمات الشريفة، وأن ممثليه كانوا هم مثيري الشغب، عاجزين عن تنفيد أوامر السلطان وطاعتها، فواصلت القبائل التجمع لمهاجمة قواتنا على أرضنا دون أن تطالها بأي اعتداء.
حدث هذا على وجه الخصوص، بالقرب من المكار، في زبرات بن شندام، وعدة اشتباكات في الزوبيا، وأكثرها في الجنوب في ساحل مطرافا، حيث يغير البربر على قواتنا.
لكن هناك عمل أكثر خطورة، حدث للتو وهو أن نحو ألف من البربر قدموا من تافلالت، بعد أن شكلوا قوتهم ببلاد المغرب، دخلوا أراضينا، وهاجموا القوات الفرنسية ليلا في موقع تيميمون، وعلى الرغم من العقاب العادل الذي أنزلته قواتنا بهم، إلا أن تعزيزات جديدة قدمت من تافلالت، وبدأت الهجمات من جديد في منطقة اجنان الدار، وفي هذه الأثناء بلغنا أن القبائل المحيطة بثنية الساسي، تتأهب للهجوم علينا.
من المستحيل أن تحدث مثل هذه الهجمات من غير اشتراك مباشر من مسؤولي المخزن، إما بإظهار رضاهم عما فعل المشاغبون، وإما بعجزهم عن فرض سلطتهم على عصاة أوامرهم، مثلما لو كان الأمر يهدد سلطة المخزن على تلك القبائل المهاجمة لنا.
وعليه فمن المؤكد أن موقف الحكومة الشريفة وممثليها، لم يوقفوا مثيري الشغب ضدنا، بل ساهموا في تقويتهم وتأطيرهم.
إن حكومة الجمهورية تلفت مرة أخرى انتباه الجلالة الشريفة، إلى خطورة هذا الوضع، وتحثه بشدة على إرسال أوامر رسمية جديدة لممثليه، لمراقبة ومنع تكوين تجمعات النهاب، والتحذير من أي محاولة جديدة أخرى لغزونا على أرضنا، وذلك بالقوة إذا لزم الإمر.
لاشك في أن خطاب جلالته الشريفة لشعبه، سيتم الاستماع له، عندما نحل بالمناطق المجاورة للمغرب لا كمهددين لممتلكاتهم وبلدهم، وإنما كمتعهدين للأمن، والازدهار، وقد تم إعطاء تأكيدات متكررة للحكومة الشريفة، كما أثبتت على الدوام تصرفات سلطاتنا وجنودنا منذ إبرام معاهدة 1845.
إن رغبة حكومة الجمهورية في الامتناع عن أي تعد على الأراضي المعترف بها في المغرب بموجب هذه المعاهدة، وعدم الشك المطلق في نواياها، وقد تجلى ذلك بشكل واضح للغاية، بحيث لا يخامر الحكومة الشريفة الشك في صدق تصريحاتها.
في ظل هذه الظروف، تعتبر حكومة الجمهورية أنها ستكون قادرة دون خوف من إثارة أي سوء تفاهم في هذا الصدد، على القيام بكل ما هو ضروري، لتحقيق العدالة بنفسها على المعتدين، وضمان الأمن الكامل في حدود حقوقنا من أراضينا.
لا شك أنه ينبغي أن يظل في ذهن الحكومة الشريفة بشأن القرار الذي اتخذته حكومة الجمهورية في هذا الاتجاه، علاوة على ذلك، نؤكد أنه بعد تلقي هذا الإنذار المخلص، ستبذل الحكومة الشريفة من جانبها جودا جديدة لإعادة هذه القبائل إلى الطاعة، ولا يمكنها إلا الموافقة على الإجراءات التي ستجبرنا الظروف على اتخاذها، لقمع الاضطرابات إذا استمرت، والتي سيكون إطالة أمدها ضارا بمصالحها تماما كما يضر بمصالحنا.
أنظره في:documents diplomatiques .affaires du maroc1901pp3-4.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M