هل أصبحت مدينة الحسيمة مرتعا للتشيع؟

10 أكتوبر 2013 14:19

الياس الهاني

هوية بريس – الخميس 10 أكتوبر 2013م

منذ مدة غير يسيرة أخبرت من أطراف عديدة في مدينتي الحسيمة -جوهرة البحر الأبيض المتوسط- عن حالات تشيع وترفض، واعتقدت في أول الأمر أنه مجرد مبالغات ولا تعدو أن تكون طفيليات تم استغفالها لأفاجأ اليوم بحقيقة هذا الأمر بعد أن تأكدت بنفسي منه.

لا يمكن بالتحديد أن نعطي بداية هذا الاجتياح على مستوى المدينة إلا بعد حرب 2006 بين “حزب الله” واليهود، إذا استثنينا الجالية المغربية المقيمة بالخارج التي تشكل منطقة الريف نسبة كبيرة منها؛ تلك الحرب التي انخدع بها كثير من أبناء السنة، ولم تظهر حقيقتها إلا بعد مرور سنوات عليها، ومع اندلاع الثورة السورية انكشف الغطاء وتجلى للعالم كله حقيقة الحزب وشعارات المقاومة والممانعة وما إلى ذلك.

وهذا ما حدثني به أحد الشيعة الذين درسوا معي في السنة أولى باكالوريا عن سبب تشيعه وعائلته جراء تأثرهم بتلك الحرب (2006م)، خصوصا مع تأكيد كافة المهتمين بهذا الشأن أن تلك السنة كانت محورية في تشيع الكثير من أبناء العالم الإسلامي، وبعد أن تشكلت لدي فكرة خطورة هذا المذهب وضرورة التصدي له؛ عزمت أن أكشف عن سر هذا المذهب ومكامنه وخباياه فكانت هذه المقالة التي تكشف عن سياق هذا الأمر، وتضع مقاربات وآليات لمعالجته وذلك من خلال أخذ مدينة الحسيمة كنموذج على ذلك.

ليس من السهل الحصول على إحصاءات دقيقة حول تعداد الشيعة في الحسيمة؛ بسبب حساسية هذا الأمر وتشابكه مع ما يلف التشيع كمذهب من عقيدة التقية التي لا يمكن أن تعرف الكثير عن المتشيعين إلا أن تكون عارفا بطبيعة هذا المذهب بشكل دقيق.

وبشكل عام ليس هناك تمييز اجتماعي ضد الشيعة في الحسيمة؛ فهم مجموعة مندمجة اجتماعيا ويتزاوجون بسهولة مع الساكنة، والعدد الصغير للشيعة في الحسيمة قد يفسر جزئيا لماذا لم يصنعوا خصوصية ينتبه لها الرأي العام الوطني والمحلي.

الشيعة موجودين في معظم أحياء الحسيمة؛ مرموشة، باريو حدو، ديور الملك، سيدي عابد، حي المنزه، تيغانمين، صباديا، وقد وصل بعض الشيعة إلى مناصب في الدولة منهم أساتذة ومعلمين وموظفين، والأكثرية تعمل في التجارة، وهم لا يتبعون مرجعا واحدا للتقليد؛ البعض كان يتبع محمد حسين فضل الله في لبنان، وآخرون يتبعون “آية الله” علي خامنئي وهو أعلى سلطة دينية في إيران، وآخرون يتبعون مرجعية الشيرازي.

يمكن أن يعزى تشيعهم لأسباب دينية أو اجتماعية أو اقتصادية أو طبيعية؛ فمنهم من ينتمي إلى أسر ذات مداخيل متوسطة من فئة التجار والمهنيين، ومنهم الحاصل على شواهد جامعية ونسبة قليلة قد يكون تحولها لأسباب مالية نفعية.

هذا وقد كان للحدث الذي اتخذه المغرب سنة 2008 بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران تأثير كبير على المتشيعين المغاربة، حيث بدأ التعامل السري في كل أنشطتهم الدعوية والتبشيرية، وبث شبهاتهم ومعتقداتهم لمن يثقون بهم والذين لا يمكن أن يجلبوا من ورائهم مشاكل وضغوطات.

قد يرى البعض أننا نبالغ في هذا، وأن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد تعاطف وتأثر؛ ولكن الحقيقة غير ذلك فقد أصبحت هذه المدينة مرتعا لنشر كل من هب ودب لعقائد وأفكار وتوجهات مختلفة بعيدا عن ما كان عليه أهل المنطقة في زمن غير بعيد، وذلك لما تعرفه المدينة من استقطاب جالية مهمة كل فصل صيف، وللموقع الاستراتيجي الذي تتمتع به؛ فما أعلن عنه مؤخرا من اعتقال شاب كان نشيطا في التنصير، وقد حضر عدة لقاءات “تبشيرية” بعدة مدن بينها الحسيمة، والدفاع الذي لقيه هذا الشاب من شيعة المغرب المتمثل في الخط الرسالي المحسوب على تيار شيعة المغرب، وإصدارهم بيانا في ذلك إلا دليل على أن القوم سائرون ونشيطون للغاية.

وهذا ما كان من متشيعي الحسيمة فرغم الرفض الذي يلاقونه على مستوى الدولة والمجتمع إلا أنهم لا يتوانون على نشر مذهبهم بمختلف الطرق والأساليب؛ مستغلين الجهل العام بمذهب التشيع والشيعة، فمن توزيع للكتب والمنشورات بسرية تامة والحديث عن جرائم الصحابة وارتدادهم -زعموا-، ومظلومية أهل البيت في التاريخ، وممانعة إيران و”حزب الله” على أمريكا و”إسرائيل”.. إلى التبشير بالدراسة خارج المغرب بدون مقابل وعرض البنات للتمتع، وأكاد أجزم أن هذه المعلومات لا يعلمها الكثير عن المنطقة ولولا تتبعي لهذا الأمر وتحققي بنفسي منه ما صدقت ذلك.

ولا بأس أن أسوق بعض الحالات التي كنت فيها حاضرا وشاهدا -وغاب الله أعلم به-:

نموذج من حي مرموشة:

كان صديقا عزيزا، جمعتنا فصول الدراسة لسنتين كاملتين، ولم أعلم بتشيعه إلا بعد حماسي للفكرة الإسلامية كمرجعية وسلوك وحل لمشاكل المجتمعات، وقد صرح لي هو بذلك ولم أكن أعلم عن مذهب التشيع سوى أنه مذهب إسلامي لا خلاف بيننا إلا في الفروع، وقد دامت هذه المعرفة قرابة السنة وفي تلك الأثناء كان يحدثني عن مظلومية أهل البيت، وسوء سيرة الصحابة، ويقذف شبهات خطيرة جدا عساي أتشيع، وقد أهدى لي كتاب “الصحافة السجادية” فقرأته كله ولم أتأثر بشيء منه، بل لم أتأثر بكل ما كان يقوله لي -بفضل الله- رغم أن حصانتي الثقافية والعقائدية كانت ضعيفة آنذاك، وفيما بعد علمت أن ما كان يحدثني به هو ما يقذف به للمتشيعين، وكان سبب تشيعه وعائلته في سنة 2006 الحرب التي انخدعوا بها بين “حزب الله” واليهود، استمرت صداقتي معه إلى اليوم وهاجر إلى ألمانيا بعد أن التقيت به في الجامعة وهو يدرس بأحد المعاهد؛ اللغة الألمانية، وإذا شاء الله فلي مع هذا الصديق جولة حوارية على ما كان ينشره ويبثه لي صفحات بعنوان: “حوارات مع صديقي الشيعي”.

نموذج من حي صباديا:

شاب جميل يدرس بالمدرسة الوطنية للفندقة والسياحة يسكن في حي صباديا بالمدينة، وقد تشيعت جارته لأسباب، فبدأت بهذا الشاب الذي طمعت فيه لأن يكون شيعيا خالصا، فحصلت على رقم هاتفه بطريقة ما، وبدأت تبعث له رسائل قصيرة تشكك فيها بعدالة الصحابة، وصحة أصول مذهب التشيع،.. والشاب المسكين لم يكن يعرف عن الشيعة شيئا سوى أنهم طائفة ينفردون عن باقي المسلمين بآراء لا تضر في العقيدة، فاتصل هذا الشاب بأحد أصدقائه الذين لي معه صداقة قوية، فطلب مني بعض الكتب التي تحدثت عن القوم ليعطيها لصديقه، فأعطيت له كتاب “أسئلة قادت شباب الشيعة إلى الحق” لسليمان الخراشي، و”بشرى للشيعة” لمحمد عبد الله محمد، و”المهدي المنتظر بين حقائق أهل السنة وافتراءات الشيعة” لإبراهيم أبو شادي، وغيرها من الكتب، فقرأها، ولكن الشبهات كانت قوية جدا خصوصا وأنها عرضت عليه أمرا لا يمكن أن يرفضه أحد -إلا إن ثبته الله- وهو التمتع بابنتها الشابة الجميلة، والدراسة في الخارج، فرفض هذا الشاب المبارك هذه المغريات، وقطع الاتصال، وهي بدورها انتقلت إلى إحدى المدن الأخرى تنشر مذهبها، بكل ما أوتيت من قوة.

نموذج من حي ديور الملك:

هو رجل متقاعد يبث سمومه بين رجال الحي الذي يسكنه، وبجواره مسجد الحي الذي يجهل أغلبه عن التشيع، ليستغل ذلك، ويبدأ بنشر أفكاره ومعتقداته؛ مشككا في عدالة الصحابة، وقذف أمهات المؤمنين، مرورا بتزوير حقائق التاريخ، والإعجاب بتقدم الشيعة على المستوى الدولي،.. يحدثني أحد الذين يعرفون حقيقة هذا المذهب وخطورته أن الرجل جاد في نشر معتقداته ولهذا يجب التصدي له، فوعدته بالموافقة وقد أكد لي من أثق فيه أنه شيعي رافضي، وما زلت لحد الساعة أمني نفسي بلقياه ولكن دون جدوى ولعل الله ييسر لي ذلك.

فهذه نماذج تنبئ عن واقع هذا الأمر وضرورة التصدي له، خصوصا  أن عامة الناس لا يعرفون حقيقة الشيعة، وإن عرفوا فالصورة عندهم مشوهة، ويجهلون كثيرا عن أساسيات وأصول دينهم، وهذه مقترحات ومقاربات نسبية لمعالجة القضية مستندة إلى تجارب واقعية كانت نتائجها ايجابية:

• استغلال مجالس الناس للحديث عن الشيعة وخطورتهم وعقائدهم؛ عند تناولهم الشيعة من منظور سياسي بحت.

• التشجيع على القراءة عن الشيعة، خصوصا الكتب التي تناولت التشيع من جميع اتجاهاته، وهي متوفرة وكثيرة.

• نشر ثقافة الدليل، ومطالبة كل من يدلوا بدلوه في ما يتعلق بالشيعة بالدليل.

• ضرورة توجيه أصحاب الاهتمام من المتخصصين في هذا المجال إلى التفعيل أكثر والحديث عنه.

• انطلت على كثير من أهل السنة شبهات عن مذهبهم اجتمعت كلها من مستشرقين ويهود وصليبيين وغيرهم، وجب على أهل النظر في هذا؛ كشف هذه الشبهات ودحضها.

• ضرورة كشف ما انطلت عليه أمهات كتب الشيعة من مصائب وكوارث وأفاعي يندى لها جبين عاقل.

• هناك حقائق ثابتة لا يعلمها كثير من الشيعة أنفسهم، بله السنة لذا وجب تبيانها وإظهارها بل ونشرها لتعلم حقيقة القوم وما هم به يدينون.

• كثيرة هي الجمعيات الدعوية الموجودة في الحسيمة؛ فلابد من التنسيق بينها وبين أهل التخصص للحديث في هذا الموضوع، وكشف خباياه وما الندوة القيمة التي انعقدت في الحسيمة سنة 2009 بين المجلس العلمي المحلي والشيخين الفاضلين الدكتور زين العابدين بلا فريج والدكتور عبد الله البخاري والتي كانت بعنوان: “الصحابة بين أهل السنة والشيعة” منا ببعيدة، فقد كشفا وبينا ووضحا ما كان خافيا على كثير من أبناء المنطقة.

• عقد لقاءات مع المتشيعين للمحاورة والمناقشة في المواضيع التي انزلقوا بسببها، ولما لا المناظرة.

• الاكتفاء بقطرية معالجة هذا الموضوع، وعدم ارتباطه بأي جهة أخرى، مع نشر تراث المغاربة في معالجتهم لطائفة الشيعة.

فتلك عشرة كاملة منقحة مجربة؛ أرى أنه لو أخذ وعمل بها لأوتيت أكلها، لواقعيتها في الطرح والتنزيل، وابتعادها عن المثالية والرونقية.

 

(الأستاذ الياس الهاني)

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M