الرد على المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول التوصية بالمساواة في الإرث بين الرجل والمرأة‎

31 أكتوبر 2015 00:29
دعاة تنقيح التراث وإعادة قراءة النص الشرعي ومطلب المساواة في الإرث

الرد على المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول التوصية بالمساواة في الإرث بين الرجل والمرأة‎

ذ. عبد الغني العمراني الزريفي

هوية بريس – الجمعة 30 أكتوبر 2015

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله القائل: “سيأتي ﻋﻠﻰ أمتي ﺳﻨﻮﺍﺕ ﺧﺪﺍﻋﺎﺕ ﻳﻜﺬﺏ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﻭ ﻳﺼﺪﻕ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻜﺎﺫﺏ ﻭﻳﺆﺗﻤﻦ فيها ﺍﻟﺨﺎﺋﻦ ﻭ ﻳﺨﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺍلأ‌ﻣﻴﻦ ﻭﻳﻨﻄﻖ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺮﻭﻳبضة، ﻗﻴﻞ: (ﻭﻣﺎ ﺍﻟﺮﻭﻳﺒضة؟) ﻗﺎﻝ: ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺘﺎﻓﻪ ﻳﺘﻜﻠﻢ في ﺃﻣﺮ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ“، وبعد هذا رد على من قال بتسوية الميراث بين الذكور والإناث على حد سواء.

فأقول مستعينا بالله: إذا كنا مسلمين وفي دولة إسلامية فعلينا أن نرضى بحكم الله عز وجل وألا نقدم أي رأي أو قول على شرع ربنا الحكيم، قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن تكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِن أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَد ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً) [الأحزاب:36]، وقال عز وجل أيضا: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [الحشر:7].

كما أن التشريع الإسلامي وضعه رب العالمين الذي خلق الرجل والمرأة، وهو العليم الخبير بما يصلح شأنهم من تشريعات قال تعالى: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [الملك:14].

فقد حفظ الإسلام حق المرأة على أساس من العدل والإنصاف والموازنة، فنظر إلى واجبات المرأة والتزامات الرجل، وقارن بينهما، ثم بين نصيب كل واحدٍ منهما، فمن العدل أن يأخذ الابن ”الرجل” ضعف البنت ”المرأة” للأسباب التالية:  

– فالرجل عليه أعباء مالية ليست على المرأة مطلقـًا، فالرجل يدفع المهر، يقول تعالى: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً) [النساء:4]، [نحلة: أي فريضة مسماة يمنحها الرجل المرأة عن طيب نفس كما يمنح المنحة ويعطي النحلة طيبة بها نفسه]، والمهر حق خالص للزوجة وحدها لا يشاركها فيه أحد فتتصرف فيه كما تتصرف في أموالها الأخرى كما تشاء متى كانت بالغة عاقلة رشيدة.

– والرجل مكلف بالنفقة على زوجته وأولاده، لأن الإسلام لم يوجب على المرأة أن تنفق على الرجل ولا على البيت حتى ولو كانت غنية، إلا أن تتطوع بمالها عن طيب نفس، يقول الله تعالى: (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا…) [الطلاق:7]، وقوله تعالى: (…وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ…) [البقرة:233].

وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع عن جابر رضي الله عنه: “اتقوا الله في النساء فإنهنَّ عوان عندكم أخذتموهنَّ بكلمة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولهنَّ عليكم رزقهنَّ وكسوتهنَّ بالمعروف”.

والرجل مكلف أيضـًا بجانب النفقة على الأهل بالأقرباء وغيرهم ممن تجب عليه نفقته.

 فنأخذ على سبيل المثال، توفى هالك وترك 30.000 درهم والوارثون هم ابن وبنت. فعلى حساب الإسلام يأخذ الابن (عشرين ألف درهم)، وتأخذ البنت (عشرة آلاف درهم).

ولكن لم ينته الموضوع إلى هذا التقسيم، فالابن مُكلَّف شرعاً وقانوناً بالإنفاق على أخته من أكل وشرب ومسكن ومياه وكهرباء وملابس وتعليم ومواصلات ورعاية صحية ونفسية ويُزوِّجها أيضاً، وأخوها مكلَّف بالإنفاق على نفسه وزوجته وأولاده، أي فأخته تشاركه أيضاً في النقود التي قسمها الله له، هذا بالإضافة إلى أنه مُكلَّف بالإنفاق على نفسه وأسرته من زوجة وأولاد، وإذا كان في الأسرة الكبيرة أحد من المعسرين فهو مكلف أيضاً بالإنفاق عليه سواء كانت أم أو عم أو جد أو خال… أما إن كانت أخته متزوجة فهي تدّخر نقودها أو تتاجر بها، وينفق زوجها عليها وعلى أولادها، أرأيتم إلى أي مدى يؤمِّن الإسلام المرأة ويكرمها ويجعلها كتاج على رؤوس الرجال، بل على رأس المجتمع بأكمله. وهذا لم تأتى بها شريعة أخرى في أي كتاب سماوي أو قانون وضعي، فالأخت التي يُعطونها مثل أخيها في الميراث في الغرب، هي تتكلف بمعيشتها بعيداً عنه، وهو غير ملزم بها إن افتقرت أو مرضت أو حتى ماتت. فأي إهانة هذه للمرأة!

وعلى ذلك فإن توريث المـرأة على النصـف من الرجل ليس موقفًا عامًا ولا قاعدة مطّردة في توريث الإسلام، فالقرآن الكريم لم يقل: يوصيكم الله للذكر مثل حظ الأنثيين.. إنما قال: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين)، أي أن هذا التمييز ليس قاعدة مطردة في كل حـالات الميراث، وإنما هو في حالات خاصة، بل ومحدودة من بين حالات الميراث، وبذلك فإن هؤلاء الذين يقولون بالتسوية في الإرث بين الذكر والأنثى، متخـذين من تمايز الأخ عن أخته أو الأب عن زوجته فى الميراث سبيلاً إلى ذلك، لا يفقـهون قانون التوريث في الإسلام. لأن هناك حالات تتساوى فيها المرأة مع الرجل في الميراث، بل هناك حالات أخرى ترث أكثر منه.

الحالات التي تتساوى فيها المرأة مع الرجل في الميراث:

– ميراث الأبوين (الأم، ولأب) مع وجود الفرع الوارث المذكر أو المؤنث كالابن وابن الابن وإن نزل ذكراً كان ابن الابن أو أنثى، قال الله تعالى: (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ) [النساء:11].

– ميراث الأخوة لأم اثنان فأكثر، سواء كانوا ذكوراً فقط، أو إناثا فقط أو ذكوراً وإناثاً، فإنهم يشتركون في الثلث، يقسم بينهم بالتساوي للذكر مثل الأنثى.

قال الله عز و جل: (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ) [النساء:12].

إذا ماتت امرأة وتركت زوج وأخت شقيقة: فلكل منهما النصف

الحالات التي ترث فيها المرأة أكثر من الرجل:

– إذا مات الرجل وترك أم وابنتين وأخ.

فلو ترك المتوفى 24000 درهما لكانت أنصبتهم كالتالي:

الأم: 3000 درهماً (الثُمن).

البنتين: 16000 درهما للواحدة 8000 درهما (الثلثين).

الأخ: 5000 درهما (الباقي).

وبذلك تكون الابنة قد أخذت أكثر من ميراث الأخ.

– إذا مات الأب وترك ابنة وأم وأب وترك 24000 درهما.

فالابنة تأخذ النصف أي 12000 درهما.

الأم تأخذ السدس 4000 درهما.

الأب يأخذ السدس فرضاً والباقي تعصيباً أي 4000 + 4000 درهما.

وبذلك تكون الابنة قد أخذت أكثر من ميراث الأب.

– إذا مات الرجل وترك ابنتين وأب وأم: فلكل ابنة الثلث، والأب السدس والأم السدس.

وفي الختام أسأل الله أن يهدينا إلى الطريق المستقيم، وأن يجنب بلدنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M