عشرة أسباب لترك التدخين

19 يونيو 2014 14:33
عشرة أسباب لترك التدخين

عشرة أسباب لترك التدخين

محمد آيت حساين الزروالي

هوية بريس – الخميس 19 يونيو 2014

مما لا يخفى على جميع العقلاء أن التدخين مضر بصحة الإنسان، منذ أن اكتشف إلى الآن، لايزال الطب الحديث يكتشف الكثير من الأمراض التي يسببها التدخين يوما بعد آخر، ويكفي من أمراض التدخين: أنه يسبب الإصابة بسرطان الحنجرة، ويكون عاملا مؤثرا في الموت بالسكتة القلبية.

ومن أجل أن أفراد الأمة الإسلامية كالجسد الواحد؛ كان لزاما على كل أحد له حظ من علم؛ أن يوجه، وأن ينصح، وأن يعين على حفظ صحة إخوانه وأبناء أمته، لذلك كانت هذه الكلمات التي أتناول فيها أسبابا مهمة لقطع التدخين إما كليا، وإما تدريجيا حتى يتخلى عنه المبتلى.

أخي، من المعلوم عند العقلاء أن الأسباب جعلها الله مؤثرة في المسببات، ومتى فعل السبب على وجهه الصحيح؛ كان ذلك محصلا للمسبب بلا شك، وهو أمر واقع عقلا، وثابت شرعا، إلا أن يخرق الله العادة كما فعل بإبراهيم عليه الصلاة والسلام لما ألقي في النار، ومن أجل ذلك لابد أن تحرص على فعل هذه الأسباب بدقة وعناية، وإليكها بوضوح:

أولا: أن تكون عندك إرادة حديدية لترك التدخين، والإرادة لابد أن يسبقها تفكير وهم، يقول ابن القيم: «مبدأ كل علم نظري، وعمل اختياري هو الخواطر والأفكار، فإنها توجب التصورات، والتصورات تدعو إلى الإرادات، والإرادات تقتضي وقوع الفعل، وكثرة تكراره تعطي العادة»؛ فهيا يا أخي كَوِّن إرادة تستعصي على الخضوع، وضع في نفسك أنك تملك إرادة تحقق بها المطلوب، والمدخن قد بدأ تدخينه بالإرادة، فينبغي أن يتركه بالإرادة، إذ لا فرق بين الإرادتين، ومما يشجعه أن الأولى إرادة الفساد، والثانية إرادة الصلاح، فالعقلاء كلهم يقدمون الصلاح على الفساد، قال المولى جل جلاله: {ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها} الأعراف/55، فعليك إذاً أيها العاقل الذي يريد إنقاذ نفسه من الأمراض المهلكة، أن تُكَون إرادة جازمة صلبة تتحطم عليها كل الشهوات، فحرك إرادتك، وابدأ في التخلي من الآن.

ثانيا: أن يكون لك صبر جميل، فالصبر مر المذاق ولكنه حلو العواقب، الصبر به يتخلى المرء عن الرذائل، ويكتسب الفضائل، كم من إنسان يحلم بحياة هادئة وممتعة بعيدا عن التدخين والسجائر والرفاق البؤساء، ولكنه لا يتقن فن الصبر، الصبر فن عظيم، من أتقنه استطاع أن يكون من العظماء، يكفي في الصبر أن الله أمر بالاستعانة به، قال تعالى: {يا أيها الذين ءامنوا استعينوا بالصبر والصلاة}.

وهذا مؤشر كبير على أن الصبر من الأهمية بمكان، جميل جدا أن يفكر الناس في الصبر، ولكن الأجمل أن يتقنوا العمل بالصبر، لو أن أحدا فيه مرض من الأمراض السرطانية، وقال له الطبيب المتخصص: لابد من قطع موطن الداء وإلا لتسلل إلى بدنك كله، ماذا سيفعل؟ لا شك أنه سيقبل بالأمر رغما عنه، فلماذا المدخن لا يصبر على قطع التدخين، قبل أن يصل به الأمر إلى حالة الأمراض السرطانية؟ ما أكثر ما أوصى العقلاء من الأمم كلها بالصبر، لأنهم رأوا فيه علاجا سحريا لكثير من الأمراض المستعصية، قال أندرو كارنجي: «الإنسان الذي يمكنه إتقان الصبر يمكنه إتقان أي شيء آخر» (المفاتيح العشرة للنجاح؛ ص:150).

إن الفرج مقرون بالصبر عقلا، وشرعا، وواقعا، فما عليك إلا أن تبدأ من الآن في الصبر عن السجائر، وأماكن التدخين، اصبر ساعات وستفرح أعواما.

ثالثا: استعن بالله العلي القدير، وكيف لا تستعين به وهو المدبر لأمرك، والمتحكم في إرادتك؟ قال تعالى: {استعينوا بالله واصبروا} (الأعراف:127)؛ إن الاستعانة بالله مطلب ضروري لمن أراد التخلص من السلبيات، قال ابن القيم: «فأسعد الخلق أهل العبادة والاستعانة» (إعلام الموقعين؛ 2/433)، فإذ أردت أن تكون أسعد الناس في العالم المعاصر فما عليك إلا أن تستعين بالله، فابدأ بالاستعانة وكملها بطلب الهداية، فإذا صعب عليك أمر فاعلم بأن الله سهل عليه.

ما أكثر المستعينين بالأطباء! فأين المستعينون برب الأطباء؟ ألا تريد أن تكون منهم؟ ابدأ من الآن وجرب حلاوة الاستعانة، وتخلص من همومك المتكاثرة بسبب التدخين.

رابعا: اختر صاحبا لبيبا يجرك إلى الإيجابيات، ويبعدك عن السلبيات، فالصاحب خير عدة لك في طريق الانقطاع عن عالم المخدرات، والصاحب الذي أغرقك لا يمكن أن ينقذك، لذلك فتش عن صاحب متنزه عن القاذورات، والصاحب قد جعله الله من أكبر أسباب الهداية أو الانحراف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل الجليس الصالح والجليس السوء: كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة» (رواه البخاري؛ رقم:5534).

لو سألنا أعظم حكيم في العالم عن مَثل للرفيق لما وجد أحسن من هذا، فابحث من الآن عن صاحب يحدو بك إلى ترك المهلكات، ويصبو بك إلى نور المنجيات، ابحث الآن تجدهم في المساجد، تجدهم في مجالس الخير، تجدهم في مجالات التوعية بأخطار التدخين والمخدرات.

خامسا: انغمس في عمل يعود عليك بالنفع، ويحسن مستواك الصحي، ومستواك المعيشي، لا تترك في حياتك شيئا اسمه البطالة، اطرد الفراغ بالشغل، تعلم كيف تكتسب من وقتك الأرباح، تعلم كيف تبتعد عن الهموم التي تجرك إلى التدخين، استيقظ قبل الفجر، وتوضأ، واذكر الله، وصل الصبح في وقته، وارفع كفيك إلى السماء متضرعا إلى الله أن يبعدك عن التدخين والمخدرات، أخرج إلى عمل نافع، لا تترك لنفسك مجالا للتفكير فيما يعود عليك بالخسارة، الأعمال تطرد الشقاء، وتجلب السعادة، ولتصغِ لهذه الآية، قال تعالى: {فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى} (الليل:5ـ7)، هل جربت العمل بهذه الآية؟ هل عملت عملا مباركا تتصدق من ربحه؟ هل صدقت بالآخرة وما فيها للتائبين؟ إنك إن فعلت ذلك لاشك أنك ستيسر لليسرى في العاجل والآجل، الأعمال قيمة الإنسان، وبها تخلد الأسماء في صفحات التاريخ، هل أحسست بأنك قادر على ترك التدخين؟ هل أصبحت تريد الالتحاق بركب العاملين الناجحين؟ ابدأ من الآن اطرد الفراغ فكل شيء في الدنيا يعمل، الحيوانات، وآلات الصناعة، والأنهار، والشمس، والقمر، والنجوم، فكن من فئة الكادحين في سبيل الانتصار على المهلكات.

سادسا: استبدل العادات السيئة بالعادات الحسنة، المال الذي تشتري به الدخان، اشتر به عصيرا تشربه ويقوي من نشاطك العقلي والجسمي، اشتر به هدية تدخل بها السرور على زوجتك وأولادك، اشتر به ثوبا تتصدق به على مسكين، أصحابك الذين تجلس معهم على المنكر، استبدلهم بأصحاب ينورون لك الطريق، ويبصرونك بحقوق نفسك عليك، وحقوق زوجك عليك، وحقوق أولادك عليك، وحقوق والديك عليك، وحقوق دينك عليك، وحقوق وطنك عليك، استبدل برائحة الدخان رائحة المسك العطرة، ورائحة الورود والأزهار الجميلة، استبدل بضياعك شغلا يقربك من الله، استبدل بتفكيرك في المعصية تفكيرا في طاعة من الطاعات تضفي على قلبك وشعورك السعادة.

سابعا: فكر فيمن تلحق بهم الضرر من أولادك ونفسك، أما علمت أنك مسؤول عن أولادك؟ ألم تسمع قول نبيك محمد صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» (رواه البخاري؛ رقم”893)؟ أما علمت أن صحتك كنز من الكنوز؟ قال أبقراط: «الرجل الحكيم هو الذي يعتبر أن الصحة هي أعظم نعمة للإنسان» (المفاتيح العشرة للنجاح؛ ص:47)، وقديما قيل: «الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى»، أما علمت أن أمتك تحتاج إليك في إيجاد الحلول للمعضلات التي تواجهها؟ أما عرفت أن زوجتك الحبيبة تنفر منك لأنك تبعدها عنك برائحتك الكريهة؟ أما علمت أن المصلين معك ورفقاءك من ذوي الهيبة والمروءة يحاولون التخلص منك لأنك تؤذيهم برائحتك المكروهة عقلا وفطرة وشرعا؟ أما علمت أن الأموال التي تنفقها على التدخين تحتاج إليها في بناء منزل، وشراء سيارة، وإعانة محتاج؟ إنك إن فكرت أكثر عزمت أكثر على التخلص من التدخين.

ثامنا: اعلم أن توبتك إلى الله من هذه الفعلة المنكرة: أمر محبوب إلى الله، قال تعالى: {إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين} (البقرة:220)، أفلا تحب أن يحبك الله؟ تأمل هذا الحديث، وعش معه، واعمل به، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لله أشد فرحا بتوبة عبده المؤمن من رجل في أرض دوية مهلكة، معه راحلته عليها طعامه وشرابه، فنام فاستيقظ وقد ذهبت، فطلبها حتى أدركه العطش، ثم قال: أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه فأنام حتى أموت! فوضع رأسه على ساعده ليموت! فاستيقظ وعنده راحلته وعليها زاده وطعامه وشرابه! فالله أشد فرحا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده» (رواه مسلم؛ رقم:2744)، فالتوبة تغسل الذنوب، وتبعد عنك الكروب، فابدأ حياة التوبة والاستغفار، وأدخِل في مشروعك الآخرين.

تاسعا: اعلم أنك قدوة إما في الخير وإما في الشر، وهل تحب أن تكون قدوة في الشر؟ إن القدوة في الشر ذكرها الله عن فرعون وأصحابه فقال: {وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار} (سورة القصص:41)؛ وأما القدوة في الخير فذلك من شأن الصالحين، أفلا تحب أن تكون منهم؟ قال تعالى: {وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا، وكانوا بآياتنا يوقنون} (السجدة:24) فالقدوة في الخير محصل للنفع، والنفع من أحب المحبوبات إلى العقلاء، والقدوة في الشر محصل للضر، والضر غير محبوب لمن له مسكة من عقل.

عاشرا: لا تنس -إذا تخلصت من التدخين- أصحابك ممن كانوا معك على نفس الطريق، فذكرهم بفوائد ترك التدخين، واسْدِ إليهم النصيحة بلطف، ولا تنس أن تشكر الله على نعمته التي أكرمك بها، قال تعالى: {لئن شكرتم لأزيدنكم} (إبراهيم:9)، ولا تنس أن تطلب ممن آذيته برائحة أنفاسك أن يسامحك، خصوصا رفيقة الدرب، وقرة العين من أبنائك وبناتك، والله الموفق.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M